الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 28 / أبريل 07:01

تميم منصور:تونس ايا خضراء..يا ثورة على الظالمين

كل العرب
نُشر: 01/01/11 11:51,  حُتلن: 07:52

تميم منصور:

لقد دفع الشعب التونسي حتى الآن أكثر من شهيد واحد ثمناً لنيل مطالبه ومئات الجرحى من كافة شرائح المجتمع التونسي

الرئيس التونسي ما هو إلا نسخة في طريقة حكمه وتشبثه بالسلطة من الرئيس القذافي والرئيس مبارك وبقية الملوك والرؤساء العرب

أخيراً وبعد طول مدة قرر الشعب العربي في تونس الاستجابة لنداء شاعره وشاعر العروبة والبشرية أبو القاسم الشابي عندما قال (لا بد للقيد أن ينكسر) وسبق هذا القول بأن الظلام سوف ينجلي ويبزغ فجر الحرية.

التخلص من قيود الخوف
نعم في هذه الأيام الخالدة وبعد سبات طويل يحاول الشعب التونسي التخلص من قيود خوفه وصمته وصبره وقهره، هب مرة واحدة وقرر الصعود واللحاق بمواكب الشعوب المتحررة في العالم، انتفض كالمارد كي يتحرر من عفن النظام الذي يقوده الرئيس الملك والملك الرئيس ( زين العابدين بن علي ) ، انتفض وهو يدرك بأن هذا النظام سوف يدافع عن خندق وجوده الأخير، ولم يتردد بارتكاب واستخدام كل وسائل القمع والبطش بالجماهير الثائرة لأنه يخشى مطالب هذه الجماهير، هذه هي طبيعة جميع الأنظمة الفاسدة لأنها فصلت نفسها عن نبض الشعب ومطالبه.

النظام التونسي
النظام التونسي ليس جديداً على الأمة العربية انه إحدى توائم النظم العربية المحيطه به والمتعاونة معه من المحيط إلى الخليج، ان روائح الفساد والظلم والجهل والاستبداد تهب من غالبية العواصم العربية، من الرباط والرياض والقاهرة وبغداد وطرابلس وغيرها، هذه الروائح النتنة تؤكد أن غالبية الشعوب العربية متساوية كأسنان المشط بالفقر والأمية والتفكك الاجتماعي والبطالة والفراغ والجمود الفكري وفقدان الحرية.

التشبث بالسلطة
الرئيس التونسي ما هو إلا نسخة في طريقة حكمه وتشبثه بالسلطة من الرئيس القذافي والرئيس مبارك وبقية الملوك والرؤساء العرب، انه يحلم بالأبدية والتوريث والاستخفاف بمقدرات الشعوب، لا قانون ولا برلمان ولا عقيدة تردعه عن الانفراد بالقرارات، مثله مثل زملائه في العواصم العربية، الرؤساء والملوك العرب يعتبرون دولهم ملكاُ خاصاً لهم ولأسرهم، مثلما كان يفعل موسليني رئيس ايطاليا عندما قال أنا الدولة والدولة أنا.

خداع الشعب وخداع العالم
منذ توليه الرئيس التونسي سدة الحكم قبل حوالي ربع قرن وهو يحاول خداع شعبه وخداع العالم، يحاول أن يضع هالة خاصة كاذبة ومزيفة لنظام حكمه بارتداء قناع تنكري براق كي يخفي حقيقته، في نفس الوقت لم يتردد في قمع الحريات بكل وسائل الخداع والتزييف والتسلط الارهابي تحت شعار مقاومة الارهاب، والحقيقة أن نظامه يفرض الارهاب على الشعب التونسي ويصادر أحلامه وحريته وتطلعه نحو مستقبل أفضل، أعتقد هذا النظام أن تلميع نفسه أمام العالم من خلال المشاريع السياحية التي أقامها لخدمة السياحة واعتبار تونس قطعة من أوروبا بالشكل والقشور البراقة، كالتعري واحتضان اللغة والانحلال الفرنسي والنفاق للاسرائيليين واقامة المهرجانات الغنائية المتواصلة، إلا أن هذه القشور لم تطعم جائعاً عربياً من تونس، ولم توفر العمل لأكاديمي تونسي عاطل عن العمل.

العلمانية المنفلته والفساد الاجتماعي
لقد كشفت الانتفاضة الحالية للشعب التونسي هذا الزيف وظهر للعالم ما هو هذا النظام وما هي بشاعته في تعامله مع المواطنين في تونس ،وتبين أن الحكومة التونسية خلقت كي تخدم أعوانها من رجالات النظام ولكي تقدم الرفاهية للأجانب من مقيمين وسياح ورجال الدين اليهود.
اعتقاد النظام بأن العلمانية المنفلته والفساد الاجتماعي سوف يشكلان الطعم الذي يصطاد بواسطته طوابير من المستثمرين الأجانب، لكنه فشل في ذلك وكانت النتيجة زيادة الانحلال داخل المجتمع التونسي وازدياد البطالة ومحاربة من يحاولون رفع سقف القومية كما أدت هذه السياسة إلى هجرة العقول والأيادي المهنية سياج الوطن وحماته.

"دماء هؤلاء لن تذهب هدراً لأن الحرية تؤخذ ولا تعطى"
عندما بدأت الهبة الشعبية في مدينة سيدي أبو زيد في بداية الأمر اعتقد النظام بأنها سوف تكون سحابة بيضاء عابرة من السهل قمعها، إلا أن هذه الهبة الشعبية سارت كالنار في هشيم المجاعة والبطالة والفراغ الاجتماعي الذي يعاني منها الشعب في تونس، رغم محاولة النظام محاصرة الهبة الشعبية في مهدها إلا أنها انطلقت ووصلت السنة لهيبها إلى العاصمة تونس كي تشاهدها السفارات الأجنبية، كما وصلت إلى مدن مكناسي ومنزل بو زيان وسيدي علي بن عون والرقاب والسوق الجديد كما وصلت الى مدينة فريانة وقابس ومدن أخرى.
ما يقلق النظام القمعي في تونس أن مطالب المتظاهرون قد خرجت عن نطاق المطالبة بالعمل ولقمة العيش فقد بدأوا يطالبون أولاً بتوفير الكرامة للمواطن، وطالبوا بحرية التعبير ووقف الاعتقال التعسفي كما طالبوا بالتوقف عن العبث بدستور البلاد لأن الطهمة الحاكمة تعبث به كي تلائمه لبقائها في الحكم.
لقد دفع الشعب التونسي حتى الآن أكثر من شهيد واحد ثمناً لنيل مطالبه ومئات الجرحى من كافة شرائح المجتمع التونسي، ان دماء هؤلاء لن تذهب هدراً لأن الحرية تؤخذ ولا تعطى وإذا لم ينجح الشعب التونسي كسر جميع قيوده خلال هذه الهبة لكنه سوف لا يتوقف عن محاصرة النظام ولف حبال غضبه حول عنقه كما أن هبة الشعب التونسي ستكون قبلة ونبراسا لجميع الشعوب العربية القابعة تحت بساطير حكامها، سوف تتخلص هذه الشعوب من أدران أنظمتها بوسيلة واحدة حددتها ثورة ثورة 23 يوليو سنة 1952 في القاهرة.

مقالات متعلقة