تثقيف الطفل يقوي ذكاءه، وهذه نقطة مهمة، لأن جسد الطفل هو جزء من الطفل، وجزء يحيره ومجهول بالنسبة إليه
حين نتحدث عن الطفولة، نتحدث عن البراءة والجهل بشكل عام. لكن، في القضايا الجنسية، حين نتحدث عن الجنس والطفل، فالأمر مرفوض، من منطلق أن أي سلوك جنسي جسدي يقوم به الطفل مسألة غير معقولة.
هناك مغالطات كثيرة تحتاج إلى توضيح. نعم، الطفل مخلوق بريء. لكن مسألة العبث والدغدغة مسألة واردة.
إنّ الطفل مخلوق لديه الجهاز الجنسي، ولديه إحساس الدغدغة، لكنه لا يدرك أنها كذلك، وبالذات عندنا، حيث الجنس عيب عند الكبار، فما بالك عند الصغار..
إستعداد الإثارة والدغدغة بالفطرة
في مجتمعات كثيرة، الطفل يفتح عينيه مبكراً على الجنس، مثل بعض المجتمعات الأفريقية، التي أصبحت خلال الثلاثين سنة الماضية فيها عامل الجنس المعلن والتلامس والتقبيل في الأماكن العامة موجوداً.
بالطبع، كلما كان الطفل عُرضة لممارسات ومثيرات جنسية، كان أسرع وأكثر في التفاعل. ومهما يكن أمر التقاليد وقوتها. لكن ذلك لا يمنع حقيقة أنّ الطفل لديه إستعداد الإثارة والدغدغة بالفطرة.
وهنا تبرز في رأيي مسألة جدل مهمة: إذا كنت أقول إن معرفة الطفل بأمور جنسية قد تجعله عرضة للإثارة، فكيف أدعو إلى الثقافة الجنسية منذ سنوات؟
شخصياً، أفكر في المسألة علمياً وأخلاقياً بشكل كبير. وما هو واضح عندي أنّ الثقافة الجنسية المدروسة حل رائع، وضرورية للطفل. إنّها ضرورة وقاية، وضرورة تحضير.
أوّل إحساس جنسي للطفل
المهم هو: مَن وكيف تعطى هذه الثقافة الخاصة؟ إنّ معظم مشاكل العبث البريء، والتي تصبح عادة إدماناً، أو المعرفة الناجمة عن التحرش بالطفل، والتي من جهل أو خوف لا يعرف الكبار بها، كل ذلك ناجم عن غياب الثقافة الجنسية.
إنّ تثقيف الطفل يقوي ذكاءه، وهذه نقطة مهمة، لأن جسد الطفل هو جزء من الطفل، وجزء يحيره ومجهول بالنسبة إليه. وحين نعطيه المعلومة الواضحة عن هذا الجسد، يقل التشويش عنده ويقدح ذكاؤه.
نعم، الطفل مخلوق بريء، لكنه مخلوق جنسي أيضاً، ولا نريد أن ندخل في تفاصيل "فرويد" لعدم قناعة البعض بها، لكن الواقع أن أوّل إحساس جنسي للطفل، من خلال تمدد جلده وبعض أجزاء جسمه، وكذلك في مرحلة الرضاعة في فمه، ومن خلال أي تلامس بين ملابسه وجهازه التناسلي.. وهذه قد تحدث أيضاً بالصدفة من الإحتكاك أو اللمس.
وما علينا إلا أن نقتنع بأنّ هذا الأمر يحصل، ويحتاج إلى مراقبة وتَفهُّماً وتوجيهاً لهذا المخلوق الصغير البريء.