الحاجة فاطمة عثمان (أم حسين) للعرب:
الدامون بالنسبة الي هي التاريخ .. هي ابوي وامي..هي اهلي
هناك كانت قناطر دار هواش وكنا نيجي انملي الميه من هون ونحمل الجرار على روسنا ونروح مشي
يا ريت ارجع اسكن هون ولو يوم واحد وبعدها اموت ويدفنوني هون بالمقبرة جنب امي وابوي واهل بلدي
لما فاتوا اليهود على البلد انهزمنا مشي.. ووصلنا للساجور..وفي قسم كمل على لبنان وسوريا وقسم رجع لانو اليهود قالولنا انتو اهل الدامون بتظلوا ببيوتكوا
مسيرة العودة الى قريتي الدامون والرويس والتي جرت يوم أمس الثلاثاء أعادت الحنين الى العديد من أهاليها. المسنون الذين حضروا للمشاركة بمسيرة العودة وقفوا صامتين على مقربة من بئر العين حيث كانوا يتجمعون قبل 63 عاما. وقد لفت انتباهي حاجة مسنة طاعنة في السن جالسة على حافة البئر تسترجع ذكرياتها وتنظر الى التلال المجاورة، مرة تسترق النظر الى اليمين وتسترجع ذاكرتها قرب الجامع على احدى التلال ومرة الى اليسار تسترجع مشهد منازل القرية في مخيلتها.
جلست الى جانبها فبقيت صامة لدقائق معدودة، حدقت في تفاصيل وجه أم حسين وأرى الحسرة واللوعة والألم. تجرأت وبادرت بالحديث معها فكانت إجاباتها ببساطة وباللهجة العامية لتعبر عن الحقيقة المرة التي مرت عليها وعلى عائلتها وأهل الدامون قبل 63 عاما.
العرب: حجة ام حسين...اتذكرين الدامون؟
أم حسين: وكيف انسى !!! هذا بير المي وكان في معصرة زيتون والخيل كانت تيجي والدور هون ... ومن غاد كانت المقبرة... وعلى هذيكي التله كان الجامع... ومن هون الطريق للبروه... وهناك كانت قناطر دار هواش وكنا نيجي انملي الميه من هون ونحمل الجرار على روسنا ونروح مشي ...اخ ما احلا هذيكي الايام..
العرب: بتشتاقي لهذيك الايام أم حسين؟
أم حسين: هو هووو ..سقله ترجع هذيك الايام والله احلا ايام يا خالتي.
العرب: أم حسين شو الدامون بالنسبة الك؟
أم حسين: الدامون بالنسبة الي هي التاريخ .. هي ابوي وامي..هي اهلي ..الدامون كانت اكبر من كل البلاد.. ومن كل البلاد كانوا ييجيوا عليها يدرسوا الزتون والقمح وكانوا ييجوا يشتروا من زرعها...
العرب: ولوين رحتوا بالنكبة؟
أم حسين: لما فاتوا اليهود على البلد انهزمنا مشي.. ووصلنا للساجور..وفي قسم كمل على لبنان وسوريا وقسم رجع لانو اليهود قالولنا انتو اهل الدامون بتظلوا ببيوتكوا..
العرب: وشو رايك اليوم بالجيل الجديد الي ما نسي وجاي يحيي النكبة ويحيي الدامون؟
أم حسين: الله يحميهم ..ويكثر من امثالهم.. ويا ريت تتعمر هالبلاد من اول وجديد. ويا ريت ..يا ريت...يا ريت ارجع اسكن هون ولو يوم واحد وبعدها اموت ويدفنوني هون بالمقبرة جنب امي وابوي واهل بلدي...(تبكي).
إحياء النكبة
يقيت أنا صامتا وقد انحبست الكلمات في فمي.. وبعد دقائق نزلت أم حسين من بئر الماء متكأة على عكازها وبمساعدة حفيدها علي فوشقت طريقها بين جميع الذين حضروا لاحياء النكبة ..تلك النكبة التي لا احد يستطيع ان يتصورها كما تتصورها الحاجة أم حسين ...