إيمان زعبي:
في البلدة القديمة نحن بحاجة الى تغييرات جذرية كالبيئة، الاجتماعيات والأمان
الناصرة كمدينة سياحية يجب أن تخدم أهلها ويجب أن يكون عنصر السياحة مصدر الرزق الأساس لمواطنيها
أعتقد أن الإيمان بأي عمل هو النجاح، وهذه الجملة التي شجعتني على إنشاء مصالحي الشخصية في البلدة القديمة
منزل عائلة قطوف والذي أقفل لمدة طويلة رغم جماله وموقعه المميز كان يفي بالغرض، وبالفعل جهزته وافتتحته بيتاً للضيافة
شبابيك هو رسالة قوية كما بيت الضيافة لكنه يختلف في أسسه لأنه لم يكن مبنياً على أسس اقتصادية انما لإثبات وتعزيز وجود الحضارة والاستمرارية على إحياء البلدة القديمة
عندما يكون النور والإيمان مشاعل تنير نفق المرأة العربية، تعود الروح لتدفق بغزارة في قلبها فتصنع إرادتها وتسير قدماً نحو الطريق الذي ترسمه بكل تفاصيله، هي المرأة التي خططت، نفذت، وصلت فنجحت. نعم إن بانتظارنا نساء.. سيخرجنّ كالعنقاء من نار ورماد.
إيمان زعبي
استقلالية وإنشاء مصالح
تعود بنا ايمان زعبي- وتبلغ من العمر 40 عاماً، متزوجة ولديها 3 أولاد أكبرهم 13 عاماً- الى ايام الشباب حيث بداية التعليم الأكاديمي والاستقلالية في العمل وإنشاء المصالح الشخصية ونثر اللمسات الخاصة على كل ما يتعلق بها.. فتقول ايمان زعبي:" تخرجت من مدرسة المطران في مدينة الناصرة، وأكملت دراستي الأكاديمية في جامعة حيفا حيث درست موضوع مراقبة الحسابات، وبعد حصولي على اللقب الأول وبعد فترة التمرين الاجبارية، افتتحت مكتباً لمراقبة الحسابات، كما وأدير اليوم مصلحتين شخصيتين في مدينة الناصرة، أحداهما بيت الضيافة "المطران"، والأخرى شبابيك للأشغال اليدوية".
السياحة وبيت الضيافة
وأسست ايمان بيت الضيافة قبل 3 سنوات إثر الحركة السياحية التي تتميز بها مدينة الناصرة، فكان لديها شعور أن مكانة الناصرة غير مستغلة كيفما يجب، فتقول:" الناصرة كمدينة سياحية يجب أن تخدم أهلها ويجب أن يكون عنصر السياحة مصدر الرزق الأساس لمواطنيها، وهذا ما لا نشعره، حيث أننا لا نشعر بفائدته الاقتصادية على المدينة، خاصة فيما يتعلق في البلدة القديمة". وتضيف:" تهمشت البلدة القديمة منذ سنين، فتهميشها بات واضحاً للأعيُن، رغم ان بداية كل مدينة سياحية هي البلدة القديمة فيها، ومن هذا المنطلق يجب أن نحيي البلدة القديمة، ومن هنا ولدت فكرة بيت الضيافة، فالناصرة بحاجة لغرف أكثر منها لفنادق، وأنا لا أريد فندقاً، انما الفكرة مختلفة تماماً، فالفكرة هي بيت ضيافة لضيافة السواح وجعلهم أكثر قرباً للبلدة القديمة".
تعزيز وتواصل المصالح
وتضيف زعبي عن بيت الضيافة:" منزل عائلة قطوف والذي أقفل لمدة طويلة رغم جماله وموقعه المميز كان يفي بالغرض، وبالفعل جهزته وافتتحته بيتاً للضيافة".
الطريق شائكة ولم تكن سهلة، لكن التوقعات في البداية كانت ايجابية، فوضعت ايمان خطة العمل، واليوم وصلت لدرجة الرضى، فهذا النجاح حصدته بعد 3 سنوات من البناء، فتقول زعبي:" العمل الصحيح والتأسيس المتين رغم كل الصعوبات هما ما يمداننا بالانتعاش". ومن هذا الإيمان انطلقت فكرة شبابيك، حيث هدفت لتعزيز وتواصل المصالح.
تقدم زعبي للسائح سلسلة من الخدمات، ليس فقط النوم، ففي البداية اعتقدت ايمان ان السائح يحتاج للنوم فقدمت غرفاً للنوم، وفيما بعد قدمت وجبة الفطور، ولاحقاً الكافتيريا وفنجان القهوة الفلسطيني، وبعد تلك الخطوات قررت ايمان تقديم معرضاً للأشغال اليدوية ليحمل السائح معه ذكرى رمزية من مدينة الناصرة، وهذا هو هدف شبابيك بحذافيره، وهكذا تكون ايمان قد انتهزت الفرصة لتجسيد التصور الحقيقي للأمور التي يحتاجها السائح. تقول ايمان زعبي:" المصالح تعيد دخلاً اقتصادياً على المنطقة، وعلى المصلحة كمصلحة، فهذه هي الدورة الاقتصادية، أي ان صاحب المصلحة يرتبط بالآخر، وبالتالي أحاول أن أكون جزءً من هذه الدورة".
السعي نحو التغيير
وتضيف ايمان عن اختيارها للإستثمار بمصالح من هذا النوع:" إنّ حضارتنا قيّمة، خاصة وجميلة، ويُفرض أن نوضحها أكثر، ونمنحها حجمها واحترامها وقيمتها التي تستحقها، فمثلاً بيت الضيافة لماذا يجب أن يكون مغلقاً؟! فمنزل بهذه الفخامة وهذه الروعة يجب عرضه واستغلاله، بيت الضيافة يقع في أجمل المناطق الجغرافية في الناصرة، فنحن نسعى للتغيير، وبالفعل قمنا بالتغيير حتى على الصعيد الاجتماعي"، وتردف قائلة:" في الماضي القريب، كان من الصعب دخول هذه المنطقة، لكن اليوم من المريح الدخول اليها". وتضيف:" في البلدة القديمة نحن بحاجة الى تغييرات جذرية كالبيئة، الاجتماعيات والأمان، وبهذا العمل أكون قد عرفت أهل البلدة على بلدتهم".
تخوفات اقتصادية
لا تعرف ايمان أين ستكون بعد 10 سنوات، لأنها تؤمن ان كل مصلحة لها ايجابياتها وخطورتها الاقتصادية، وبالتالي تعتقد ان الأمر يتعلق أيضاً بأهل الناصرة، وتقول:" لو كان الأمر سهلاً لرأينا الكثير من المصالح المشابهة في المدينة، فلا أرى بعد 3 سنوات من افتتاحي بيت الضيافة أي شخص قام بافتتاح مصلحة مشابهة، فلا زال المواطن لديه تخوفات، فبشكل عام، التاجر يبحث عن النجاح الاقتصادي الدائم".
تواصل.. دعم ومشاركة
تواصل زعبي عملها بكل جهد مما يبعث داخلها الشعور بالرضى والاكتفاء الذاتي، فهي انشأت ما لم ينشأه غيرها، حتى لو لم تلق أرباحاً مادية.. فهي تتطلع للمدى البعيد ولجوانب أخرى، فتضيف:" نظفت الساحة المتواجدة، امام بيت الضيافة، فلم يعد الشباب بعد دوام المدرسة يجلسون بمحاذاة الجدران فقط لتضييع الوقت، انما باتت الساحة تحتضن العائلات والاصدقاء في جو بديع، فالرضى هو أقل ما يمكن أن يقال عن هذا الانجاز وهذا يشعرني بأنني قمت بعمل شيء مميز حتى لو لم يكن له ابعاد اقتصادية". وتواصل:" هذه الامور تحتاج لدعم ومشاركة، فلا بد لأهل البلدة بأن يتشاركوا في المصالح لإحياء البلدة القديمة".
البلدة القديمة وخصوصيتها.. تحدي ظروف المكان
نتجت فكرة بيت الضيافة "المطران" عن قيام بيت ضيافة أول في البلدة القديمة، وهذا كان محفزاً ايجابياً للقيام بخطوة مشابهة، فتقول ايمان زعبي:" لديّ ايمان بأن البلدة القديمة فيها ما يكفي من الخصوصية من ناحية هندسية ومعمارية وحضارية، بلدة الناصرة القديمة بلدة جميلة جداً"، وتضيف:" عندما تمر بأزقتها ومبانيها تشعر بسحرها، وهذا الشيء الذي يجب أن نكشفه".
خطوة افتتاح معرض الأشغال اليدوية "شبابيك" هو أبرز ما قامت به ايمان زعبي بعد افتتاح بيت الضيافة، فتشعر زعبي أن ابرز خطوة هي اصعب خطوة، فتضيف:" شبابيك هو رسالة قوية كما بيت الضيافة لكنه يختلف في أسسه لأنه لم يكن مبنياً على أسس اقتصادية انما لإثبات وتعزيز وجود الحضارة والاستمرارية على إحياء البلدة القديمة".
ايمان زعبي بافتتاح شبابيك تدخل الى البلدة القديمة، وتحيي أزقتها وممراتها لتحقق هدف تعزيز المكان، في الوقت الذي يخرج التاجر النصراوي من البلدة الى الشوارع الرئيسة في الناصرة والى المجمعات التجارية، فتعتبر زعبي ان هذه الخطوة هي نقطة التحدي، فمعرض شبابيك يخلق جواً من الابداع إذ تقبل عليه النساء لصنع الأشغال اليدوية وهذه فرصة حقيقية للتميز.
"زوجي آمن بقدراتي"
وتقول ايمان زعبي حول مسألة تقدم المرأة بأنه مرتبط بالدعم الذي تتلقاه، وتضيف:" دعم المرأة هو دور الزوج، وبما أن الظروف صعبة فعلى الأقل يجب أن تتلقى الدعم من أقرب الناس لها، وكمرأة متزوجة، تتوزع مسؤولياتي ما بين العائلة والعمل والتحقيق الذاتي وهذه أيضاً مهامات صعبة، وهنا أؤكد على دور زوجي في نجاحي، لأنه من آمن بي وبقدراتي على الوصول والتحقيق".
التحدي وتخطي الصعاب
لا تحب ايمان تذكر العراقيل التي واجهتها في حياتها، وأحياناً أخرى تتناساها لتسير قدماً، فالانسان يحدد هدفه وفق ارادته وعزيمته، لكن تشاركنا زعبي في أحد الصعوبات، قائلة:" وجدت صعوبة معينة عندما افتتحت مكتباً لمراقبة الحسابات، وذلك لأني امرأة، فكان يجب أن اثبت للرجل والذي بطبيعته يدير غالبية المصالح، انني جديرة بإدارة الحسابات في مصلحته، فهذه المرحلة كانت صعبة نوعاً ما لكنني تغلبت عليها بجدارة، لكن لا بد القول ان الدخول لهذا السلك المهني ليس سهلاً، علماً ان اليوم نرى العديد من النساء الجديرات بهذا العمل". تؤمن زعبي ان الصعوبة ممكن ان نتجاهلها بمجرد السعي لخطوة جيدة، فالإكتفاء الذاتي من البناء أكبر وأعمق من الإكتفاء الذاتي من الهدف.
طاقات إيجابية ترجمت لمشاريع
التوجه والمسيرة المستقبلية كانت واضحة لزعبي منذ فترة تعليمها حتى استقلالها في مكتبها الخاص، فاستحوتها طاقة ايجابية وكان يجب أن تضعها في المكان الصحيح، فشعرت دائماً ان الانسان يجب ان لا يكون ثانوياً في أعماله، ولا تعتقد ايمان ان هنالك امرأة ناجحة وأخرى فاشلة، انما النجاح في العمل بحد ذاته، فنجد من يقول عن العمل انه ناجحاً ونجد من يقول العكس تماماً. وتقول ايمان:" عملت ما بودي، حتى لو كانت النتائج سيئة، فأحياناً أفضل للانسان أن يعمل من أن لا يعمل، فهذه هي القضية، وليس هنالك ضمانات"، وتضيف:" اليوم أنا أمنح شيئاً مميزاً لمدينة الناصرة، ومكاناً خاصاً للسائح في الناصرة".
وتختتم زعبي حديثها قائلة:" أعتقد أن الإيمان بأي عمل هو النجاح، وهذه الجملة التي شجعتني على إنشاء مصالحي الشخصية في البلدة القديمة".