الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 23 / نوفمبر 03:01

امرأة ناجحة..ميعاد صرصور مستشارة تربوية صماء: افتخر بنفسي

كتبت: منى عرموش-مراسلة
نُشر: 11/08/11 12:41,  حُتلن: 21:41

ميعاد صرصور :

 كنت انوي دراسة موضوع تصميم الازياء وبسبب عدم تواصلي مع المستشارة التربوية عندما كنت طفلة دعمت فكرة دراسة موضوع الاستشارة

لا يعقل ان يتم تهميش الصم وعدم ايجاد اطر مناسبة لهم، لانهم جزء من المجتمع ومن حقهم التقدم في حياتهم الاجتماعية والمستقبلية لا ان ينحصروا داخل قوقعة فارغة

قسم من المعلمين لم يؤمنوا بانني استطيع تحقيق النجاح، وبسبب ارادتي ودعم اهلي لمسيرتي حققت ما رسمته امام عيني

والداي لم يعلموا لدى ولادتي بانني صماء، ووالدتي قالت عندما علمت "ابنتي هدية من عند الله وانا اقبل بها"

بسبب انزعاجي من كثرة الاستهتار بي كنت اخجل بان اتحدث بلغة الاشارة، بينما اليوم انا فخورة جدا بها، ولا يهمني بان ابقى صماء، لانني اثبت للجميع نجاحي

للاسف الشديد نشعر بالتهميش ، لانه خلال خطب الجمعة لا يوجد مترجمين الامر الذي يدعو الصم حضور الخطب دون الاستفادة منها، وكذلك الامر بالنسبة للمظاهرات والمسيرات دائما ينسون ان هنالك اصماء بحاجة الى ان يكونوا فعالين ضمن هذه البرامج والفعاليات

يجب عدم اخفاء ابنائكم الصم، لان الصم هم امر طبيعي جدا، والاهم ان يكون لدى الانسان ارداة، وفي شهر 9 سنفتتح دورة للغة الاشارات في مركز الصم، وادعوا الاهالي التسجيل لها

رأت في نفسها بانها انسانة واعدة وطموحة ولها تطلعات مستقبلية مميزة، واعتبرت صاحبة قدرات وكفاءات عالية، حتى سارت على الدرب وحققت الكثير من النجاحات والانجازات التي كانت تصبوا اليها، وعادت عليها بالفوائد السامية، ولم تستسلم امام الواقع بل تحدت كل الصعاب بقوتها وارادتها وثقتها العالية بنفسها دون اي استسلام، وذلك بفضل قوة شخصيتها القوية وجرئتها البارزة وافتخارها بنفسها، انها الشابة الصماء ميعاد صرصور ابنة مدينة كفر قاسم التي تعمل مستشارة تربوية، وهي الصماء الاولى في الوسط العربي التي حصلت على هذا اللقب .
مراسلة موقع العرب وصحيفة كل العرب التقت الشابة ميعاد صرصور، وكان لهذا اللقاء رونقا مميزا لما تحمله صرصور من تعابير مفيدة ومثيرة تدل على مدى انفتحها لما يدور داخل المجتمع.

بطاقة شخصية:
المستشارة التربوية ميعاد صرصور من سكان مدينة كفر قاسم، تعمل في عدة مؤسسات منها مركز المكفوفين للصم، متطوعة في مركز الصم في كفر قاسم، معلمة للغة الاشارات، معهد النهوض في اسرائيل وباحثة في جامعة حيفا لموضوع لغة الاشارات القديمة في كفر قاسم ولغة الاشارات العربية في اسرائيل وتعمل في هذه الايام على توثيق تاريخ كفر قاسم.

العرب: هل لك ان تعطينا نبذة عن مشوار حياتك؟
صرصور: انهيت اللقب الاول قبل عام في موضوع الاستشارة التربوية وتمكين المرأه واعمل مستشارة تربوية للصم في مدرسه الحياة الاعداديه كما واعمل معلمه للغة الاشاره, مرشده للصم ذوي العسر البصري ومساعده لباحث جامعي - جامعه حيفا.

العرب: لماذا اخترت دراسة موضوع الاستشارة التربوية؟
صرصور: في بداية المشوار كنت انوي دراسة موضوع تصميم الازياء، وبعد تفكير عميق رايت ان هنالك حاجة ماسة لمساعدة الصم في المدارس في المراحل المتعدده، الامر الذي جعلني ادرس الاستشارة، وبسبب عدم وجود التواصل المباشر بين المستشاره والطلاب الصم دعمت فكرة دراسة موضوع الاستشارة.

العرب: كونك صماء كيف تعالجين القضايا التربوية من خلال عملك، وبكلمات اخرى كيف تتواصلين معهم من حيث لغة الحوار؟
صرصور:عملي يتركز مع الطلاب الصم، والتواصل بيننا يكون عن طريق لغة الاشارة المتداولة ، وفي وقت الاجتماعات افهم الحديث من خلال مترجمه التي تساعدني على ادراك فحوى المواضيع المطروحة.

العرب: ماذا يعني لنا مستشارة تربوية في مجال الصم، امام مجتمع اغلبيته ليس بصم، ولمن تعطي الاستشارة التربوية هل للاولاد ام المعلمات والاهالي؟
صرصور: اقدم الاستشارة للاهالي والمعلمات والاطفال الذين هم ليسوا صم عن طريق الكتابة، وليس من الصعب ايضا التعامل مع الاطفال من خلال الاشارات، ومن جانب اخر هنالك صعوبة يواجهونها الكثير من المعلمين/ات حول كيفية التعامل مع الطلاب الصم، ومن خلال خبرتي وتجربتي الواسعة في هذا المجال استطيع ان افهم توجهات الطلاب والعقبات التي يشعرون بها ومن ثم ارشادهم بطرق مهنية ومناسبة.

العرب: هل يوجد لدى مجتمعنا العربي وعي ومعلومات كافية حول موضوع الصم؟
صرصور:اود ان ابدأ الحديث عن طفولتي، فاذكر عندما كنت صغيرة واجهتني وواجهت كثير من الصم صعوبات بارزة جدا التي كان من الصعب تخطيها، لدرجة انه لم يطرأ اي تطور او تقدم في وقتها، بسبب قلة الوعي وعدم التفكير في مساعدة الصم في مجالات متعددة، وهذه الاجواء خلقت عراقيل مقلقة للغاية، اذ لا يعقل ان يتم تهميش الصم وعدم ايجاد اطر مناسبة لهم، لانهم جزء من المجتمع ومن حقهم التقدم في حياتهم الاجتماعية والمستقبلية لا ان ينحصروا داخل قوقعة فارغة.


العرب: وكيف بدءت شق طريقك الى النجاح في مثل هذه الظروف القاسية، التي نرى فيها ان الصم واصحاب الاعاقات الاخرى لا يجدون الدعم اللازم لهم؟
صرصور :في بداية مشواري الطفولي اندمجت في عدة مؤسسات تربوية في منطقة المثلث، ولم اصل من خلالها الى اهدافي لانها لم تكن متطورة، وعندما كان عمري 8 سنوات انتقلت الى مدرسة خاصة في مدينة الناصرة التي كانت تعتبر متطورة ومتقدمة، لكن لم يستخدموا خلال التعليم لغة الاشارة بل اعتمدوا على النطق وقراءة الشفاه، وهناك درست عام واحد واغلقت المدرسه الداخليه لاسباب غير معروفة، عندها اضطررت للعودة للدراسة في كفر قاسم، وكنت ادرس في صف خاص، ويتم دمجي مع الصفوف الاخرى في بعض المواضيع، وفي المرحلة الاعدادية تم دمج الطلاب الصم في الصفوف العادية، وفي وقتها لم يصدق اي شخص بان لدي الامكانيات اللازمة لتحقيق النجاح، وبالفعل اندمجت مع صفوف عادية في المرحلة الاعدادية والثانوية، ومع اصراري وحرصي حصلت على شهادة بجروت كاملة وشاملة، تماما كبقية الطلاب الذي يسمعون، حتى انني تنافست مع طلاب اخرين على التحصيل العلمي، حتى ان قسم من المعلمين لم يؤمنوا بانني استطيع تحقيق النجاح، وبسبب ارادتي ودعم اهلي لمسيرتي حققت ما رسمته امام عيني، لان المشكلة الوحيدة التي كانت تواجهني بانني لا اسمع.

تعرفت على حقوقي الجامعية وحصلت على اللقب الاول
وبعد هذه المرحلة انتسبت الى الجامعة، وعلى الرغم من كل الصعوبات الا انني تخطيتها بالعزم والاراده وتعرفت على حقوقي الجامعية ايضا حتى حصلت على اللقب الاول بتوفيق من الله ، وانا اليوم فخورة بنفسي.

العرب: كيف تنظرين الى اصحاب الاعاقات الاخرى؟
صرصور: انا اؤمن ان كل صاحب اعاقة يمكن ان يصل الى اهدافه، على اساس ان يتلقى الدعم المعنوي من قبل اهله واقربائه، والصم هم اناس اذكياء يمكن ان يتواصلوا مع المجتمع.

العرب: تحدثتي عن دعم اهلك لك وهذا عمل ايجابي من الدرجة الاولى، لكن هل حدثوكي كيف تقبلوا الموضوع عندما علموا انك طفلة صماء؟
صرصور: حسب ما ذكروا لي اهلي، انه عندما ولدت لم يعلموا على انني صماء. حدثتني والدتي بانه عندما كان عمري 5 اشهر جاءت لزيارة جدتي صديقه لها متقدمه في السن حيث كنت العب بجوارها فهمست في اذن جدتي بانني على ما يبدو لا اسمع ( حسب خبرتها من لوجود اقارب صم لها في العائله) للتاكد من ذلك أحدثت ضجه عاليه بواسطه طنجره الا انني لم انتبه وهذا اكد لها بانني لا اسمع. في سن 7 اشهر تم فحص سمعي في رعاية للطفل الا ان النتائج لم تكن مؤكده. من ثم تم توجيهي الى قسم السمع في المستشفى لفحص أدق للسمع Bera الذي اكد صممي. اهلي واقربائي كانوا يعاملونني كبقيه افراد العائله دون تمييز بمساواه كامله.


العرب: ما هو الشعور الذي انتابك عندما كبرت، وكيف واجهتي الموضوع ؟
صرصور : عندما وصلت جيل المراهقة كان الطلاب يسخرون مني ويضحكون علي، وكنت اتساءل لماذ خلقت صماء، وكانت والدتي تقول لي "هذا قضاء الله وقدره، وكل انسان لديه نواقص معينة"، وبسبب انزعاجي من الامر كنت اخجل بان اتحدث بلغة الاشارة، بينما اليوم انا فخورة جدا بها، ولا يهمني بان ابقى صماء، لانني اثبت للجميع انه لدي القدرات العالية التي حققت من خلالها اهدافي، لا سيما انني اعلم بان هنالك من يستهتر بالموضوع، وهم نسبة قليلة، واليوم ارى ان الوعي لموضوع الصم اصبح ياخذ طابعا ايجابيا ومهما في حياتنا. ولي تحفظات من الاهالي الذين يخجلون بابنائهم الصم.

العرب: كم عدد الصم في مدينة كفر قاسم وهل من بينهم اكملوا مشوارهم التعليمي؟
صرصور: يوجد في كفر قاسم ما يقارب 110 اشخاص صم من جيل 0 حتى جيل الشيخوخة، وهنالك فتيات صم درسن موضوع الفن بانواعه (رسم , تصميم ازياء, دراما) ووصلن الى اهدافهن، بينما الشباب الصم لم ارى بانهم شقوا طريقهم لتحقيق طموحاتهم، وهذا الموضوع يمكن ان يكون له علاقة بعدم دعم الاهالي لهم.

العرب: هل لغة الاشارات هي موحدة ومتشابهة في جميع دول العالم ؟
صرصور: بكل تاكيد لا، فكل دولة لها اشاراتها الخاصة، وانا اتعامل بلغة الاشارات الاسرائيلية، ومن جهة اخرى استطيع ان افهم لغة الاشارات الاخرى من خلال حركات الجسد، وهذه الامور اكتسبتها بشكل تدريجي، لا سيما ان هنالك لغة اشارة عالمية، وغير معروفة لدى الجميع، والتي يمكن ان يتم فهمها من خلال تعابير الوجه وحركة الجسم. حتى ان لغة الاشارات في الدول العربية تعتبر مختلفة.

العرب: هل تشعرين ان الصم مهمشين نوعا ما داخل مجتمعنا العربي او في اي مجال اخر؟
صرصور: للاسف الشديد نشعر ببعض التقصير الذي يضايقنا، فعلى سبيل المثال خلال خطب الجمعة لا يوجد مترجمين لخطب الجمعة الامر الذي يدعو الصم حضور الخطبه دون الاستفادة منها، وكذلك الامر بالنسبة للمظاهرات والمسيرات لا نعرف معنى الكلمات التي يلقونها، ودائما ينسون ان هنالك صم بحاجة الى ان يكونوا فعالين ضمن هذه البرامج والفعاليات، وهذا يعتبر تهميش، حتى عندما نتوجه الى منظمين هذه النشاطات لاحضار مترجمين يطلبون منا بان نقوم نحن باحضار مترجم، مع العلم انه من المفروض ان يسعوا الى تلبية مطالبنا. كما ونلاحظ انه لا يوجد ترجمه اشاره او كتابه في المواقع الاخباريه المحليه.

العرب: نرى ان الانسان الصم هو عصبي جدا، لماذا حسب رايك؟
صرصور: هذه فكرة نمطية مسبقة، وهذه العصبية قد تكون نابعة بسبب الكبت نتيجة عدم التواصل الذي يخلق العصبية، فعلى سبيل المثال نرى ان هنالك عائلة بداخلها شخص واحد اصم، الذي يشاهد اهله يتحدثون ويضحكون، وعندما يسالهم عن سبب حركاتهم يقولون له ليس الان سنعلمك بالموضوع فيما بعد الامر الذي يخلق العصبية، لان الانسان بحاجة الى الحب , المشاركه, الاهتمام ,الرعاية والعناية، وهذه لا تنطبق على جميع الصم.

العرب : هل الصم يفضلون الزواج من صم؟
صرصور: من المهم ان يكون بين الزوجين تفاهم وتواصل اجتماعي، ومن هنا اقول ان معظم الصم يفضلون الزواج من اشخاص صم وذلك بسبب ان التواصل بينهم يكون واضح وقريب ومفهوم واللغة بينهما تكون مشتركة، كما انهم يعرفون جيدا كيف يعالجون المشاكل التي يواجهونها، حيث من الممكن ان يتخطوها بكل سهولة بعيدين كل البعد عن المصاعب بسبب تجربتهم.

العرب: ما هو اصعب موقف واجهتيه في حياتك لا يمكن ان تنسيه؟
صرصور: هناك الكثير من المواقف الصعبة التي واجهتيها في حياتي ولكن طبيعتي المتفائلة دائماً تجعلني انس هذه المواقف، وبما ان ايماني عميق لا ارى ما يستحق في ان يخسر الانسان صحته ونفسيته والتفكير في ما يغضب او ينغّص.

العرب: ما هو اكثر شيء يضايقك او يقلقك ؟
صرصور: ما يضايقني جداً صفتا الكذب والنفاق المنتشرة في هذه الايام، وهنالك بعض العبارات التي يتفوّه بها السامعون (دون قصد) للصم والتي تدل على الشفقة والتقليل من الشأن ،ويقلقني هوية الاصم الذي يحاول بعض الاهالي طمسها.

العرب: هل انت انسانة جريئة ؟
صرصور: جريئة جرأه مربوطة بالموقف والمكان والزمان.

العرب: لمن تفشين اسرارك ؟
صرصور: افشي اسراري لأمي واختي التي لا مثيل لها، وكذلك صديقتي العزيزة نسرين دكّه.

العرب: ما هي اكثر صفة تتحلين بها ؟
صرصور: ابتسامتي لا تفارق وجهي.

العرب: ما هي الصفة التي لا تعجبك في نفسك ؟
صرصور: لا تعجبني صفة الكسل التي تنتابني في بعض الاحيان.

العرب: هل لديك خطط مستقبلية اخرى ؟
صرصور: خططي المستقبلية تكمن في اكمال دراستي الى ما شاء الله وعمل قاموس بلغة الإشارة للثروة الدينية واسماء القرى والمدن العربية الفلسطينية، حيث ان معظمها لا ذكر لها في لغة الإشارة الإسرائيلية، وسأعمل على توثيق تاريخ الصم في كفرقاسم والإشارة المحلية ولا انسى دعم النساء الصم.
هنالك العديد من المشاريع احلم في تحقيقها وهي تحتاج الى قوى متعددة التي اتمنى ان اجدها واحصل على الدعم من اجلها.


العرب:كيف هي علاقتك مع الأنترنيت ؟
صرصور: الانترنيت هو وسيله هامه للاتصال والتواصل مع عالمي (الصم) وكذلك للتعرفّ والانفتاح على ثقافات العالم الخارجي والتواصل مع الاخبار المحليه والعالميه.

العرب: كيف تقضين وقتك بعد العمل؟
صرصور: التطوع في مركز الصم الثقافي في بلدتي والتحضير للمشروع المستقبلي (تاريخ الصم) وذلك بلقاءات مع المتقدمين في السن من الصم وبعض السامعين، كما انني اتواصل مع صديقاتي واقاربي.

العرب: هل تشعرين بالملل؟
صرصور: لا وقت فراغ لدي ولهذا لا اشعر بالملل.

العرب: ما هي الكلمة والنصيحة الاخيرة التي يمكن ان توجهينها من خلال موقع العرب وصحيفة كل العرب؟
صرصور: انصح كل اهالي الصم تعلم موضوع لغة الاشارات حتى يكون بينهم وبين ابنائهم الصم تواصل، ويجب عدم اخفاء ابنائكم الصم، لان الصمم هو امر طبيعي جدا، والاهم ان يكون لدى الانسان هدف , اراده وايمان بقدرته على تحقيق ما يصبو اليه مهما كانت العقبات.

مقالات متعلقة