الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 23 / نوفمبر 02:01

سمير الجندي:الدّين..قاهر الرجال

كل العرب
نُشر: 16/08/11 15:01,  حُتلن: 14:03

 أولم تكن في ربيع الحياة؟ أولم تسر سيراً رتيباً؟ ضحكت وعبست، سعدت وتعست، عشقت اللون البنفسجي، واستسغت البرد والحر، تكيَّفت مع السواد والبياض، خضت حروبك بعزم وإرادة وتصميم، انتصرت تارة وهُزمت طورا، لم تستسلم للهزيمة، كنت تنفض غبارها وتبدأ الاستعداد من جديد، تبدأ أقوى مما كنت، تبدأ بثوب نظيف وقلب أكثر احمرارا، وعشق متنامي، وصدر يتسع لكل التضاريس، فقلبك مثل حلمك، مثل ظلك، مثل عشقك، ربيع في ربيع في ربيع...

فما بك الآن؟ وقد تملكتك براثن الكآبة، سيطرت عليك وساوس وكوابيس وخزعبلات، أضعت حكمتك ورميت بنفسك في قبو لا قرار له، مظلم، ضيق، تسكنه عفاريتك الوهمية، وحشرات العتمة، ورائحة رطوبة... ؟ قُل لي بربك لا تخفِ عليَّ: هل تشكو من مرض لا علاج له؟ هل عدمت الوسيلة في التكيّف مع ظروف الحياة السياسية والاجتماعية والقبلية؟ انظر إلى وجهك في ما تبقى من المرآة التي اعتديت عليها دون مبرر فهشمتها وتهشمت قبضتك التي أخاطها لك ذلك الجرَّاح الذي صدف بأنه كان أحد زملائك في الدراسة، ولم تبادله الحديث ولم تقل له كلمة شكر، بالرغم من شدة لطفه معك! انظر إليها فهي المرآة الوحيدة التي تحملت جبروتك، وبقي جزء منها يصارع لكي يواسيك لحظة النظر إليها... كم أنت شاحب يا صديقي! وكم أنا حزين...

أنا أفتقدك ولا أجد ما يواسي وحدتي، فأنت مسافر لا موعد محدد لعودته وأنا بانتظارك على ضفة الوجع...لم تكد تطل الشمس بشعاعها حتى خرجت مهرولا إليه، متمنيا أن يخيب حدسي، كان بيته يبعد عني ثلاثة شوارع، التهمتها بخطى أخذت تتسارع شيئا فشيئا، كان الباب مفتوحا كعادته، دخلت على صديقي لأجده ممددا في وسط الغرفة، أخذت أهزه بلطف فلم يحرك ساكنا، هززته بعنف وعنف أكبر، لم يتحرك، أظنه قد قضى، كانت ذراعاه ممدودتان جانبا كالمصلوب، ويده اليمنى تضغط بشدة على ورقة صفراء، حررت الورقة من كفه بصعوبة فإذا بها صك مالي قد حان موعده منذ أسبوعين.

موقع العرب يفسح المجال امام المبدعين والموهوبين لطرح خواطرهم وقصائدهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع منبرا حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب.
لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع على العنوان:
alarab@alarab.co.il

مقالات متعلقة