الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 24 / نوفمبر 03:01

عبير بخيت: من بائعة تذاكر الى مركزة تسويق للوسط العربي بمتحف العلوم

تقرير وتصوير: روزين
نُشر: 19/08/11 16:14,  حُتلن: 15:15

عبير أصبحت بفترة قصيرة "عبير مدعتك"، وهذه دلالة وبرهان آخر على أنها تتقدم في الاتجاه الصحيح

عبير تؤمن بالقدرات الشابة والروح الشبابية أكثر من غيرهم "أؤمن بصدقهم، ببراعتهم ، بقدراتهم، بتفكيرهم"

عبير بخيت حصلت على اللقب الأول بالعلوم، واللقب الثاني في إدارة الأعمال، وشهادة بالعلاقات العامة من جامعة حيفا

عبير بخيت قامت بعدة إنجازات خلال 11 عاماً من العمل المتواصل، من بينهم وجود وتجلي اسم "مدعتك" أي متحف العلوم والتكنولوجيا في الوسط العربي

عبير بخيت امرأة طموحة، وتعد نفسها ومن حولها أنها لن تكتفي بأن تكون مركزة التسويق والإعلام والعلاقات العامة في الوسط العربي لمتحف العلوم والتكنولوجيا في حيفا

عبير بخيت:

أصبحت عنواناً بالخط العريض لأي زائر عربي

كل إنسان يمكنه أن يعطي من مكانه، وبمجاله المختلف

كنت سبباً ايجابياً في مضاعفة نسبة العرب حتى 40% خلال نصف سنة

متحف العلوم يُسمى أيضاً بالمتحف الوطني إلا أنه لا يمت بصلة لأي طيف سياسي أو ديني

تساءلت مع نفسي كيف يمكنني أن أتواصل مع جمهور العائلات العربية، لأن المقارنة عديمة النتائج مع الوسط اليهودي

مجتمعنا لا زال منغلقاً أمام مصطلح التطوع المجتمعي وخدمة المجتمع، لكن الوقت لا زال يمنحنا مجالاً لنراجع أنفسنا لنعطي أكثر ما لدينا

لا زلت أشعر أن هناك أطفالاً لم تفتح لهم المجالات بعد للتعرف على متحف العلوم، وأؤمن أن المتحف يقدم رسالة علمية صادقة، وهم بحاجة لذلك

هي، لا زالت تعيش في سنوات الثمانينيات حيث لمعت موسيقى وردة الجزائرية، التي تبعث في روحها زخم الشرق، ولا زالت متعلقة بسنوات الستينيات حيث أم كلثوم، عبد الحليم وعبد الوهاب، وتحتفظ لها بمكان خاص بين ألحان وديع الصافي، ماجدة الرومي وفيروز وطبعاً مارسيل خليفة.
هي الشابة الحالمة بالتغيير، الثائرة لأجل مجتمعها، الشابة التي شقت طريقها بعفوية لكن بخطى ثابتة، هي الشابة الجبارة التي راهنت على نجاحها فنجحت، وثابرت لتصنع التغيير فأحدثته بكل جدارة لتكون موضع فخر واعتزاز لأهلها ولمجتمعها.


عبير بخيت

عبير بخيت مركزة التسويق والإعلام والعلاقات العامة في الوسط العربي لمتحف العلوم والتكنولوجيا، ابنة مدينة حيفا والتي تبلغ اليوم 33 عاماً من العمر، آخر العنقود لوالدين حنونين وأختين، التي انتزعت ثقة كل من حولها لتحقق رسالة المساواة التي قطعت بها 11 عاماً من العمل المتواصل والجهود المضاعفة، وليالٍ لا راحة فيها ولا نوم، ونهارات متتالية تصدح شمسها في سماء عارية لتسلط أشعتها على جبين هذه الشابة لترضِخ عزيمتها، لكنها لا ترضخ ولا تأبه، فتمسح جبينها من الكد لتقف من جديد، مثبتة وجودها، مبتسمة لقدرها.
لكن مع هذا كله، وجدت الدقائق الذهبية لتقرأ الشعر، فمن روتين حياتها قبل خلودها للنوم أن تطمئن روحها بنص شعري لمحمود درويش أو نزار قباني أو محمد فؤاد نجم وغيرهم.
تعلمت عبير في مدرسة الكرمليت في حيفا، تخصصت في موضوع البيولوجيا، أنهت دراستها الثانوية ثم انتقلت إلى جوردون حيث درست التربية والعلوم، حصلت على اللقب الثاني من ديربي في إدارة الأعمال، وحصلت على شهادة بالعلاقات العامة من جامعة حيفا، وبدأت حينها العمل في متحف العلوم كبائعة تذاكر، وعملت آنذاك أيضاً في جمعية التطوير الاجتماعي كمركزة اجتماعية، وعملت أيضاً في مشروع "أطفال في خطر" في الحليصة، عملت في نفس الفترة في مشروع "فيكواح بمواح" في بساتين عكا، ولم تتوانى عن مساعدة الطالبات في موضوع الحاسوب خلال تعليمها في جوردون.

7 أيام مليئة بالعمل
تقول بخيت:" عملي في المتحف كان عبارة عن مرتين كل أسبوعين، أي أيام الجمعة والسبت، وهذا كان قبل 11 عاماً، وكنت حينها 21 عاماً". وتضيف:" كنت حينها أبحث عن فرصة عمل، وشاءت الصدفة أن أجد فرصتي في متحف العلوم حيث أنني درست العلوم، فالأمر لم يكن مخططاً له مسبقاً، فالعفوية تلعب دوراً كبيراً في حياتي".
عملت عبير بخيت بـ4 وظائف مختلفة، وعملها في المتحف كان الخامس الذي يعبىء فراغ يومي الجمعة والسبت، فكانت تمضي أسابيعاً كثيرة دون أيام عطلة.

اختيار موضوع التخصص
وتحدثنا بخيت عن اختيارها لموضوع العلوم قائلة:"صراحة عند تقدمي للتعليم الأكاديمي سجلت في الإمكانية الأولى تربية خاصة وفي الإمكانية الثانية موضوع العلوم، فقالت لي الهيئة هناك أن الصفوف مليئة في موضوع التربية الخاصة ولا يمكنني الانضمام لهم، فانتقلت لدراسة العلوم، وهذه أيضاً خطوة دون سابق إنذار".

الصدف
الصدف رافقت عبير منذ بداية شق طريقها، فتذكر أنه وبعد فترة من استلامها لوظيفتها كبائعة تذاكر، استقالت إحدى الموظفات في المتحف فأخذت مكانها، رغم أن المتحف كان يفتقد للموظفين العرب، تقول عبير:" إن العرب الذين تواجدوا في المتحف آنذاك كانوا على عدد أصابع اليد الواحدة، فلم يكن هناك طاقم إرشاد أو مساعدين أو معلمين، حتى أن الزوار العرب كان عددهم قليل جداً، فشعرت بقسوة هذا الأمر".

"الوسط العربي هو جرحي"
تبرر عبير بخيت عم زيارة الوسط العربي للمتحف بعدم معرفتهم بوجوده أصلاً، فكان هذا المبرر هو شق طريق آخر، لعمل إضافي ما وراء الكواليس، فوعدت عبير نفسها على بأن تخطو خطوة جريئة نحو تجنيد المدارس العربية بشكل خاص والوسط العربي بشكل عام لزيارة المتحف والإطلاع عليه، فمن خلال معارفها وتعليمها استطاعت أن تصل للكثير من المدارس العربية والأطراف المختلفة لتمثل صورة متحف العلوم أمامهم، وبالتالي لتكون سبباً في إدراكهم لأهمية متحف العلوم.

الوسط العربي... مُهَمش.. أو يُهمش نفسه؟
فتردف عبير:" وصلت العديد من المدارس العربية في الفريديس، دالية الكرمل، عسفيا وحيفا، واستغليت أنني اعرف العديد من المعلمين فتواصلت معهم حول متحف العلوم ومدى أهميته، والى أي مدى هو مكان مثير للاهتمام، فالخلفية من حيث أتيت ساعدتني على أن أكون ثابتة في هذه الخطوات، فوضعت هذا الأمر هدفاً أمامي، وبدأت حينها في تعبئة هذا الفراغ الذي بداخلي والذي أسميته "وسطي العربي"".
تؤمن عبير بخيت بأن هنالك الكثير من المغامرات الفريدة من نوعها والتي يمكن أن تمنح للزائر العربي، فتقول:" حزينة جداً على أوضاع أبنائنا العرب، أين هم من مغامرات متحف العلوم؟ أين هم من المعلومات القيمة والتجارب المثيرة؟ أين هم من النشاطات، والفعاليات والبرامج الشيقة التي تعرضها المتحف؟ كل هذه التساؤلات كانت بمثابة طعنات دامية لي، كيف اصمت عن تهميش وسطنا العربي؟ أو الاصح قوله كيف يُهمش وسطنا العربي نفسه عن المتحف؟".



المتحف مغامرة عائلية رائعة
وتضيف عبير بخيت حول أسباب عدم إطلاع الوسط العربي على المتحف، قائلة:" أولاً قبل 11 عاماً كان الإعلام أقل مما هو اليوم، وكانت الاهتمامات أقل ، رغم أن المتحف موجود في منطقة الهدار أي منطقة تعج الأرجل فيها، لكن حتى اليوم هناك من مواطني حيفا لا يعرفون أين هو المتحف، وهذا شيء يفاجئني سلبياً، رغم أن المتحف يرحب بزواره عرباً إن كانوا أو من أي وسط آخر". تتوقع عبير أن هذا الأمر نابع عن قلة معرفة أو عدمها، فتضيف:" نحن معتادون على قضاء أيام العطل والفراغ في شيّ اللحوم في الجبال، أو في السباحة في البحار والبرك، وبهذا لم نصل بعد للتربية الثقافية، نحن نفتقد لهذه الثقافة حيث نمتد منها الطاقات الايجابية التي بداخل أطفالنا، وأنا أعتقد أن المتحف هو مغامرة عائلية رائعة".

المتحف مرآة صادقة عن الطفل
تؤكد عبير بخيت أن قضاء 4 أو 5 ساعات في المتحف هي بالفعل ثمينة، وتؤكد أيضاً أن المتحف يعطي مرآة أو صورة صادقة عن أطفالنا وقدراتهم ومدى تفكيرهم، وذلك يُلاحظ من خلال اهتمامهم بالمجسمات المعروضة والمعلومات المحسوسة، وأسئلتهم حول ما يرون في المتحف، " فالأهل غير متواجدون مع أبنائهم في المدرسة إلا أنهم فقط يرون الشهادة، والشهادة ليست الشيء الوحيد والمقدس الذي يعكس ما هو الطالب خلال الفصل الدراسي أو السنة الدراسية".
وتؤكد:" حتى لو شارك الأهل أطفالهم في رحلة للجبل أو البحر، فهذا أيضاً لا يعكس من هم أطفالهم، فهذه الأماكن الترفيهية لا تستنفذ طاقات أولادنا الفكرية والعقلية، فمتحف العلوم يعطينا كأهل صورة واضحة عن أبنائنا بمجال علمي مختلف وفريد من نوعه بطريقة جميلة ومشجعة، فالمتحف يعطي قيمة إضافية مختلفة عن أي مكان ترفيهي آخر، ومن هذا المنطلق أنا بدأت خطتي".

الخطة
بدأت عبير بخيت طريقها في استقطاب المدارس، فتوجهت لهم، بعد الثقة التي اكتسبتها من إدارة المتحف، وهذا مشجع لانطلاقة ايجابية، فكانت بداياتها على منصة بيع التذاكر، فكانت آنذاك تبيع التذاكر وأيضاً تجند زواراً عرباً للمتحف، وكان هذا بمثابة عمل إضافي، لكنها آمنت به وراهنت عليه فوصلت الهدف. فتقول عبير:" في هذا الوقت كنت انسق زيارات المدارس العربية للمتحف، وكل هذا العمل في وقت بيع التذاكر للزوار، وفي هذه الفترة، أي ما يقارب 3 أشهر.. استطعت أن أجند للمتحف 45 مدرسة عربية، وبعد هذه الخطوة تسلمت ترقية في وظيفتي، فبدلاً من بائعة تذاكر، أصبحت المسؤولة عن بائعي التذاكر في المتحف".

الانقلاب
شهدت هذه الفترة المذكورة توسعاً ضخماً للمتحف وتطوراً ايجابياً، فأصبح هناك ثلاثة مكاتب استقبال، ومكاتب خاصة للحجز عن طريق الهاتف، وكل هذه المكاتب تقع ضمن مسؤولية عبير، وهذه الفترة كانت قبل 4 سنوات، وفي نقلة نوعية وفريدة أصبح متحف العلوم يستقبل نسبة 60% من الزوار العرب بينما كانوا في البداية 10%.
تقول عبير:" كنت سبباً ايجابياً في مضاعفة نسبة العرب حتى 40% خلال نصف سنة، فهذا كان انجازاً أفتخر به، وافتخر أيضاً باستقبال جمهورنا العربي في المتحف، ولأن نسبة الزوار العرب تضاعفت، فبالتالي نحن بحاجة لطاقم إرشاد عرب ومعلمين عرب، وبهذا أستطيع القول أن الطاقم العربي في المتحف يزداد توسعاً، وصلنا لوضعية نرى فيها ان نصف المرشدين الموجودين في المتحف هم من الوسط العربي، وبالطبع هذا مكان آخر لتوفير فرص العمل للعرب".
وصلت عبير للوضع المثالي الذي يُحتذى به في المتحف، فعبير بخيت أصبحت عنواناً بالخط العريض لأي زائر عربي، وعندما تزور المدارس العربية المتحف، يقول المسؤولون "إن هذا عمل عبير، وجهد عبير، ومبادرة عبير"، وهذا انجاز آخر يجعلها محط أنظار الجميع.

مقارنة دون نتائج
تقول عبير:" اعتبر هذا كله قليلاً مما يشبع اكتفائي الذاتي، فلا زلت أبحث عن دور العائلات العربية في متحف العلوم، فتساءلت مع نفسي كيف يمكنني أن أتواصل مع جمهور العائلات العربية، لأن المقارنة عديمة النتائج مع الوسط اليهودي، حيث أننا نستقبل ما يقارب 3000 عائلة يهودية في المتحف خلال العطلة الصيفية بينما لا شيء يذكر بالنسبة للعائلات العربية، وهذا أحدث داخلي جرحاً عميقاً، فأين تقضي عائلاتنا العربية عطلتها الصيفية؟".

تجاوب المتحف مع عبير
يمنح متحف العلوم والتكنولوجيا برنامجاً خاصاً لكل طالب وفق الإطار الذي يكون فيه، فالطالب في إطار المدرسة يأخذ مساراً يختلف عن مسار الطالب الذي يرافق عائلته، وخطوة تلة أخرى طورت عبير أفكاراً لا يُقال عنها إلا أنها أكثر من رائعة لاستقطاب العائلات العربية، فقبل 4 سنوات وفي الأول من شهر أيار "عملت على برنامج "يوم اللغة العربية" وهذا اليوم عبارة عن يوم عربي بحت، حيث أن الطاقم بأعضائه جميعاً يتحدثون باللغة العربية، كما وقمت بترجمة الأفلام التي نعرضها للعربية، وبهذه الخطوات خضت شوطاً ناجحاً".
ناهيك عن أن عبير بخيت طالبت بترجمة اللوحات والإعلانات، إلى العربية إلى جانب اللغة العبرية، فتقول عبير:" الأمر الذي غمرني بالفرحة هو تجاوب إدارة المتحف مع متطلباتي، وهذا محفز مشجع لمواصلة العمل، والاستمرارية بالعطاء".
المتحف، كجمعية غير ربحية يقف على أسس التبرعات، يهمه وجود الزوار العرب بين جدرانه، لأنه غير متحيز سياسياً أو دينياً أو ما شابه، إنما الأسس العلمية هي أساسه المتين. وتؤكد عبير في هذا السياق:" المتحف على استعداد كبير لاستيعاب الوسط العربي، فهو أيضاً يوفر له إمكانيات التواصل باللغة العربية، مما يُشعر الزائر العربي بالاحتضان".
تقول عبير بخيت:" نحن نعتمد بالأساس على التبرعات وأيضاً نلقى دعماً مادياً من وزارة التعليم والبلدية، وبالتالي ولأننا "جمعية" نمنح الخدمات لكل الأطراف على حد سواء".

انتزاع الثقة
عبير بخيت انتزعت ثقة مديرتها حتى درجة أنها وصلت لمرحلة تؤهلها بأن تبادر وتخطط وتعمل دون الرجوع إلى رأي مديرتها، فالثقة الكبيرة التي منحتها المديرة لعبير تؤهلها لأن تكون السباقة في الأفكار والتنفيذ.
وتقول بخيت:" الثقة التي منحتني إياها مديرتي لم تأتي من فراغ إنما رأت بي شخصاً يتمتع بالمساواة، كعربية أعمل في متحف العلوم أعطي للوسط العربي قدر ما أعطي للوسط اليهودي والعكس صحيح تماماً، لكن يتحقق اكتفائي الذاتي برؤية الزوار العرب يتوافدون إلى المتحف بقناعة". وتضيف:" ففي مكان معين أنا أفتح المجال للزوار العرب لدخول عالم العلوم والتكنولوجيا، وبالتالي أقدم قيم علمية فريدة، وأيضاً اقوم بعملي على أكمل وجه، وأعتقد أن العائلة العربية اليوم تبحث عن مكان يحتضنها من ناحية الثقافة واللغة، فأستطيع القول اليوم أن متحف العلوم أصبح واحداً من الأمكنة المميزة التي يمكن أن يرى فيها الزائر العربي مع عائلته مكاناً مريحاً للمكوث فيه ساعات متواصلة".
رغم أن متحف العلوم يُسمى أيضاً بالمتحف الوطني إلا أنه لا يمت بصلة لأي طيف سياسي أو ديني، وهذا مبرر عميق الرؤيا لبقاء عبير العطاء غير المتناهي في وظيفتها، وهذا ما يبعث في روحها الراحة النفسية، فتقول:" لو أنني شعرت بلحظة واحدة أن المتحف متحيزاً لأي طيف إن كان، لما كنت هنا أبداً، فالمريح في نوعية عملي أنني أتعامل مع جمعية علمية، وهدفها تقريب المجال للطلاب والجمهور".

أيام عربية بحت وتبرعات
تشعر عبير بأن لها تأثيراً عفوياً على أفراد المجتمع من حولها، فتأثيرها يأتي عن طريق نجاحها في العمل، فعلى سبيل المثال، تُحضر عبير في كل عام وفي كل مناسبة تخص العرب من جميع الأطياف الدينية فعاليات وورش عمل ونشاطات، فتعمل على تحضير يومين أو 3 أيام خاصة باللغة العربية، وبذلك تمنح الزوار العرب وقتاً فيه يندمجون بشكل تام ناهيك عن العمل على اندماجهم خلال أيام السنة.
تقوم عبير بخيت كل عام بإرسال سيارات والتي تعرض تجارب علمية متنقلة، وذلك تبرعاً، فمثلاً في العام الماضي قامت عبير بإرسال سيارة التجارب لتشارك في يوم الطفل الذي اقيم في ابو نواس – بن غريون آنذاك، وتؤكد في هذا السياق أن المتحف متبرعاً سخياً للمجتمع العربي.
وهذا العام قامت عبير بالتوجه لـ3 مؤسسات عربية لتتواصل معهم من أجل مشاريع ترفيهية وبرامج علمية تربوية وذلك بالتعاون مع مسرح الميدان، فتقول عبير:" منحنا طلاب الجمعيات 4 ساعات من الترفيه العلمي، فكان لديهم برنامجاً حافلاً".
تصل للمتحف بشكل عام تبرعات من عدة أطراف والتي تتقسم كمصاريف لعدة برامج، فطلبت عبير أن يكون هناك مبلغاً مخصصاً للوسط العربي، فتنجح عبير مرة أخرى في تحضير عدد أكبر من الفعاليات للوسط العربي، ووصلت في برامجها المميزة التي تمنحها للمدارس العربية مدينة الناصرة، يافة الناصرة والفريديس، وغيرهم.
وتقول عبير بخيت:" لا زلت أشعر أن هناك أطفالاً لم تفتح لهم المجالات بعد للتعرف على متحف العلوم، وأؤمن أن المتحف يقدم رسالة علمية صادقة، وهم بحاجة لذلك".
وتضيف:" مثلاً، جمعية حوار، والتي تناضل لأن تصبح مدرسة، هي مؤسسة بحاجة إلى دعم معين، ولهذا قمت بالتواصل مع إدارة الجمعية، وتبنيتها لـ8 أو 9 لقاءات بسعر رمزي جداً، ومنذ البداية لاحظنا النشاط والإبداع الذي قدمه الطلاب في اللقاءات، وردود الفعل الايجابية والانطباعات التي تركوها لنا".

رسالة عبير
وتقول عبير بخيت حول الرسائل السامية التي تؤمن فيها:" أولاً وقبل كل شيء العطاء، أؤمن جداً بالعطاء، وأن على كل إنسان أن يعطي من قلبه وأن يعطي ما لديه، وأؤمن بالمشاركة، والصدق في التعامل مع الناس، إذا كان الإنسان غير صادق مع الناس، لا يمكنه أن يكون صادقاً مع نفسه، وغير ذلك .. أنا أؤمن بالمجتمع العربي، أنا عربية 100%".
وتضيف:" "أريد أن ألمس التطور لدى مجتمعنا العربي، أريد أن يعيش أطفالنا بسلام وسعادة، وأن يجدوا أطرهم التي تميزهم والتي تفتح لهم مجالات جديدة كادت أن تكون مغلقة، أريد أن يكون هناك محفزاً ايجابياً يدعم أطفالنا ويبرز طاقاتهم، أريد أن أراهم يتوازون مع غيرهم من جميع النواحي، فأطفالنا لا ينقصهم أي شيء، ولديهم من القدرات ما يمكننا من تسميتهم بالعباقرة، أنا أحاول عن طريق عملي أن أعطي أكثر وأكثر".
عبير بخيت، أصبحت بفترة قصيرة "عبير مدعتك"، وهذه دلالة وبرهان آخر على أنها تتقدم في الاتجاه الصحيح، فتضيف "الشيء كان في السابق يسبب لي الإحراج، لكن اليوم أنا فخورة بهذا لأنه إثبات على نجاحي، أحب عملي جداً، وأعتقد أنه منبراً جيداً لأتقدم مع مجتمعي في المجال أكثر وأكثر".
قامت عبير بخيت بعدة إنجازات خلال 11 عاماً من العمل المتواصل، من بينهم وجود وتجلي اسم "مدعتك" أي متحف العلوم والتكنولوجيا في الوسط العربي، ومنهم أيضاً أنها هي من اختلق طبيعة عملها، فتقول:" عندما أتيت إلى متحف العلوم باحثة عن فرصة عمل، عُينتُ كبائعة تذاكر، فخلقت وظيفتي بوجع قلبي، وعلى أعصابي، فإذا نظرنا إلى المتحف قبل 11 عاماً، ستلاحظ أن العرب لم يتعدوا عدد أصابع اليد الواحدة، بينما اليوم هم يشكلون نسبة كبيرة من طاقم المتحف، وأنا واحدة من الأشخاص الذين دائماً لديهم مبادرات جديدة وأفكار رائدة للتقدم".



ماذا الآن؟ وماذا بعد؟
وتضيف بخيت حول مشاريعها الحالية والمستقبلية:" في بداياتي خضت تجارب التعليم بشكل جدي ومتواصل، حيث أنني أنهيت ألقاباً في العلوم والإدارة، والتربية، والتسويق.. والآن أنا موجودة بفسحة قصيرة، لأبتعد قليلاً عن أجواء التعليم رغم روعتها، لأني أفكر بأن أعزز قوى العمل والتسويق، وأفكر للسنة القادمة، بأن ابدأ بمرحلة تعليم جديدة، إضافة إلى أن أبقى في عملي".
عبير بخيت امرأة طموحة، وتعد نفسها ومن حولها أنها لن تكتفي بأن تكون مركزة التسويق والإعلام والعلاقات العامة في الوسط العربي لمتحف العلوم والتكنولوجيا في حيفا، لكنها في نفس الوقت لن تفصح عن طموحها، فتقول:" طموحي لن أضعه في مكان معين، فالخاصية والشيء الذي يميزني هو أنني أبداً لم أخطط مسبقاً لما أريد فعله، فالمجالات لوحدها تفتح أبوابها أمامي، وأنا ما عليَ سوى أن اختار، أعيش لحظتي، فمن الممكن أن أكون اليوم هنا، لكن العام القادم أكون في مكان آخر، لكن بالطبع يجب على المكان الذي أتواجد فيه أن يكون بعيداً عن التحيز الديني والسياسي وغيرهما.

روح الشباب
عبير تؤمن بالقدرات الشابة والروح الشبابية أكثر من غيرهم، أؤمن بصدقهم، ببراعتهم ، بقدراتهم، بتفكيرهم، ولذلك أشجع الجمعيات العربية التي تتأسس بأيدي شابة يانعة، باحثة عن مستقبل أفضل.

الثقة هي الدعم
بشكل عام عبير لا تشعر بيأس إلا لثوانٍ معدودات، "أنا شخص متفائل، أذكر بعمق شعوري بالقلق عند دعوتي للجمهور العربي في فعاليات المتحف، فكنت في حينها أقف قلقة على المدخل أنتظر بأول زائر عربي"، وتضيف:" بصراحة، لا أحد يدعمني، ليس هنالك من يقول" هيا عبير تقدمي"، إنما إنا من أدعم نفسي، يمكنني القول إن محبة عائلتي لعملي هو شيء ايجابي لي، فيريحني نفسياً، وإيمانهم باختياراتي هو أحد الأمور الايجابية أيضاً التي تشجعني على الدوام". وعلى صعيد عملها تقول:" يمكنني القول أن الثقة الموجودة والمتبادلة، والاحترام القائم هو أمر لا يمكننا الحصول عليه في كل مكان وفي كال مجال، فهذا أيضاً يشجعني، طبعاً ولا يمكنني تجاهل التقدير الذي أحظى به من الأشخاص المحيطين بي".

الوعي العلمي لدى الوسط العربي
ومن خلال عمل عبير الذي يمنحها فرص احتكاك وتواصل مع أفراد الوسط العربي، تحدثنا حول الوعي والإدراك لأهمية التعمق في مجال العلوم في وسطنا قائلة:" هنالك وعي معين، لكن لا زلنا قيد تطويره، هناك أشخاصاً عبروا هذه المرحلة، وسيختارون مثلاً أن يقضوا عطلتهم هذا الأسبوع في متحف العلوم، لكن هم قليلون جداً نسبة لمن يقضي عطلته الأسبوعية في الحدائق وعند الأقارب، نحن لا نطلب أن يقضوا كل عطلهم في متحف العلوم والتكنولوجيا، إنما أن يمنحوا أنفسهم فرصة التعرف على مجال علمي عميق ومختلف".
وتقول أيضاً:" أؤمن بالوسط العربي، وبعائلاتنا العربية، وبالوعي الذي لديهم، لأنني أعرف شخصياً أن هناك عائلات تعطي كل ما لديها من أجل توعية أطفالهم وفتح آفاقهم على هذه المجالات العلمية، وهؤلاء هم من نعتمد عليهم، ونشجع تفكيرهم لأنه ببساطة صحيح. يزور متحف العلوم كل الناس من كل الشرائح، فمثلاً في الوسط اليهودي يزورنا البسيط جداً ويزورنا أيضا البروفيسور.. بينما في الوسط العربي، لا زلت لا أرى الشيء بوضوح كفاية، لأحدد نوعية الزائرين".

يوم خاص في حياة عبير
لا يوجد أيام خاصة في حياة عبير بخيت، لأنها في كل مرحلة في حياتها تعتاد على أمور جديدة وبالتالي تعتبره خاصاً، فلا تعتاد على روتين معين لأن سرعان ما تتغير المرحلة الحياتية هذه، فتقول:" لكني استطيع أن أتمنى يوماً في حياتي، فمثلاً أن يكون يومي نشطاً بالقراءة حيث اقرأ الروايات الهادفة، وأن أمارس المشي على الشاطىء، أحب مثلاً التقاء الأصدقاء والصديقات، لكن بشكل عام ليس لدي يوماً مجنوناً!"

عراقيل..
عبير بخيت لم تذكر لنا أي عراقيل قد واجهتها خلال عملها، لإيمانها بأن الصدف التي تقابلها هي من تحركها، فأبداً لم تخطط برنامجاً لحياتها، لكنها تقول:" واجهتني صعوبة معينة في بداية طريقي، حيث أنني كعربية استنفذ عملي مني طاقة كبيرة، وأعتقد أن كل عربي يواجه هذه المرحلة، فالوصول إلى الهدف وتحقيق الذات يتطلب جهداً كبيراً".
وتضيف:" حتى وصلت إلى هذا المنصب، عملت ساعات كثيرة وإضافية، وبذلت جهداً مضاعفاً، صحيح أن هناك ثقة متبادلة، لكن حتى وصلت مرحلة انتزاع هذه الثقة، كان علي بذل الجهود الكبيرة، وبالتالي اكتسبت تقديراً لا يستهان بعملي".

رسالة للمرأة الفلسطينية
تنص رسالة بخيت للمرأة الفلسطينية على أن:" المرأة لكونها امرأة، يجب عليها بذل طاقات مضاعفة لتحقيق ذاتها، وهي لديها قوة مخيفة داخلها لا يمكننا الاستهانة فيها، لكنها تبقى امرأة، وتبقى عربية، وتبقى فلسطينية، وبالتالي هذه الأمور تضعفها نوعاً ما، لكن أشعر أن المرأة الموجودة في بلادنا، تتجاوز هذه التسميات، وتنتصر، يجب على المرأة أن تحافظ على نفسها بشتى الطرق والوسائل، وأن لا يكون اليأس حليفها، وأن تعطي ما لديها، وأن تؤمن بنفسها وأن تؤمن بالمجتمع الذي تعيش فيه".

مسك الختام
تختتم عبير بخيت حديثها قائلة إن:" كل إنسان يمكنه أن يعطي من مكانه، وبمجاله المختلف ، وبقدرته المختلفة عن الآخر، فكل يحمل بكفيه قدراته ومبادرته. إن لم نعطي مادياً فيمكننا أن نعطي معنوياً، فالعطاء شيء أساس في المجتمع العربي، ويمكنني القول لا تنتظروا مقابلاً لما أعطيتم، فهكذا لن نبني مجتمعاً ذا قيم سامية، رغم أن مجتمعنا لا زال منغلقاً أمام مصطلح التطوع المجتمعي وخدمة المجتمع، لكن الوقت لا زال يمنحنا مجالاً لنراجع أنفسنا لنعطي أكثر ما لدينا، فأبداً لا تسألوا ماذا أعطاكم المجتمع، إنما ماذا أعطيتم أنتم للمجتمع".

موقع العرب يتيح المجال امام النساء الناجحات مهنيا وعلميا واجتماعيا التواصل معه عن طريق البريد الألكتروني لاجراء المقابلات الصحفية والكتابة عن نجاحات المرأة في زاوية إمرأة ناجحة الجديدة التي يقدمها موقع العرب لزواره تشجيعا للمرأة وخروجها الى سوق العمل والمنافسة وتعميق مكانتها في المجتمع، لذا يدعو موقع العرب كل امرأة ترى بنفسها ناجحة إما من خلال مشروع أو مهنة أو علم أو أي شيء آخر التواصل معنا على البريد الألكتروني التالي:
alarab@alarab.co.il
 

مقالات متعلقة