الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 10 / نوفمبر 05:02

التربية بالعقوبة - بقلم: خالد القريناوي

كل العرب
نُشر: 11/12/11 22:33,  حُتلن: 09:09

أبرز ما جاء في المقال:

الترهيب فهو تهديد الإنسان بعقوبة أخروية أو دنيوية عند فعل المنكرات والمعاصي أو التكاسل عن فعل الواجبات

الترغيب هو الوعد بالمثوبة أو الجزاء المادي المحبب للإنسان عند فعل عمل صالح، حسن أو اجتناب أمر قبيح وسيء

التربية بالعقوبة أمر مشروع بشروط متعددة فقد بين الله سبحانه وتعالى في آيات عديدة جانب الخوف والرجاء والترغيب والترهيب

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه.
وبعد:

التربية بالعقوبة هي وسيلة من الوسائل التربوية الهامة في تربية الطفل. ولا شك أن المربي سواء كان في البيت أو في المدرسة قد يصادف مواقف صعبة بل في غاية الصعوبة تتطلب إحسان التصرف بالمدح والثناء والتعزيز والكلمة الطيبة، وقد يصادف أحياناً مواقف من أبنائه أو الطلاب بحيث تحتاج هذه المواقف إلى تقويم وتصحيح.

اللجوء إلى طريق الترهيب
والأب يعي ما أقول وكذلك المعلم فالطلاب والأبناء يختلفون عن بعضهم البعض فمنهم من يعود إلى الطريق السليم والى الصواب والى الحق ويسمع الكلام والنصح فيتعلم ويعدل سلوكه، والبعض الآخر لا ينقاد إلى الحق والصواب فيحتاج الأب والمربي عندها إلى استعمال الطرق البديلة بعد محاولات جادة وعديدة لأن يصلّح سلوك ابنه وطالبه إلا أنه لا فائدة من كل المحاولات فحينها يلجأ إلى طريقة الترهيب والتي تأتي بعد الترغيب.

الملاحظة والموعظة
فنحن كمعلمين وكآباء نتعامل بالوسائل التربوية الأخرى مثل التربية بالقدوة وكذلك التربية بالملاحظة بالموعظة والقصة ونستعمل وسائل شتى قبل أن ننتقل إلى مرحلة التربية بالعقوبة وقد نلجأ أحيانا إلى التوبيخ بسلوك الطالب قبل العقوبة إلا انه وكما بينا قد نصادف نوعا من الطلاب والأبناء لا ينصاعون إلى أي وسيلة مستخدمة تجاههم حتى تستخدم ضدهم التربية بالعقوبة.

شرعية التربية بالعقوبة
والتربية بالعقوبة أمر مشروع بشروط متعددة فقد بين الله سبحانه وتعالى في آيات عديدة جانب الخوف والرجاء والترغيب والترهيب فكان يرغب عباده تارة بالقيام بأمر من الأمور ويحذره من الإتيان بأمر آخر لحرمته , وكذلك يبشر عباده بنعيم ويحذر آخرين بجحيم.
والترغيب هو الوعد بالمثوبة أو الجزاء المادي المحبب للإنسان عند فعل عمل صالح، حسن أو اجتناب أمر قبيح وسيء، أما الترهيب فهو تهديد الإنسان بعقوبة أخروية أو دنيوية عند فعل المنكرات والمعاصي أو التكاسل عن فعل الواجبات .

أداء الصلاة
وقد وردت آيات كثيرة في كتاب الله عز وجل تشتمل على الترغيب والترهيب ، قال تعالى :" (إن الأبرار لفي نعيم * وإن الفجار لفي جحيم" *(سورة الانفطار( 13-14)" وقال تعالى :" (فأنذرتكم نارا تلظّى * لا يصلاها إلا الأشقى * الذي كذب وتولى * وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى*" ( سورة الليل( 14-18)" وقال تعالى): " فأما من ثقلت موازينه * فهو في عيشة راضية * وأما من خفت موازينه * فأمّه هاوية * وما أدراك ما هي * نار حامية"( *سورة القارعة (7-11)
وللنظر معا إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يدعو فيه إلى تعليم الأطفال الصلاة وهم في سن السابعة وضربهم عليها وهم في العاشرة إن لم يؤدّوها ويحافظوا على القيام بها، فالرسول صلى الله عليه وسلم إمام المرسلين وقدوة المؤمنين ومعلم المربيين والمعلمين حث على تعليم الصبيان فقال": مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع" ) . رواه أبو داود بإسناد حسن)

وسائل التعزيز والتشجيع
فلم يعجل النبي إلى التربية بالعقوبة وإنما جاءت بعد طول المدّة التي يجب على الأب كمربي أن يكون فيها قدوة لابنه ويلاحظ أفعاله ويعود ابنه ويستعمل معه كل ما يملك من وسائل تعزيز وتشجيع وأن يتعامل معه بكل رفق ولين وترغيب دون ترهيب وبصحبة معه ليمارس العمل معه لكي يلحظ أفعاله ويقومها, فان لم تفلح كل الطرق وتنجح فحينها يكون لا بد من العقوبة والعقوبة ليست هدفا وإنما هي تعديل سلوك نحو الأفضل والأحسن والإتيان بالأمر الحلال والواجب إتيانه والضرب ليس قبل العاشرة من العمر لأنّه حينها قد يصل مرتبة التمييز بين الخير والشر فعليه الالتزام بأوامر المولى عز وجل.

أهمية التربية
وانظر إلى الأستاذ محمد قطب حين يعبر عن أهمية التربية بالعقوبة فيقول" : بعض اتجاهات التربية الحديثة تنفر من العقوبة وتكره ذكرها على اللسان، ولكن الجيل الذي أريد له أن يتربى بلا عقوبة جيل منحل متميع مفكك الكيان"، ويتابع قائلا:" إن العقوبة ليست ضرورة لكل شخص، فقد يستغني شخص بالقدوة والموعظة ، فلا يحتاج في حياته كلها إلى عقاب، ولكن الناس ليسوا كلهم سواء ففيهم من يحتاج إلى الشدة مرة أو مرات"، ويتابع :" والنفس كالجسم إذا رفقت بجسمك رفقا زائدا فلم تحمله جهدا خشية التعب، ولا مشقة خشية الإنهاك ، فالنتيجة أنه لا يقوى أبدا .. من هنا لا بد من الحزم في تربية الأطفال وتربية الكبار لصالح أنفسهم قبل صالح الآخرين". (محمد قطب، منهج التربية الإسلامية)

نصيحة
وأود أن أنصح نفسي، المربين والمعلمين بالتالي:

• بعدم اللجوء إلى التربية بالعقوبة إلا بعد استعمال كل الوسائل المذكورة أعلاه، وهنا أوجه للمعلم أن لا يقترب للعقوبة لأنّ القانون لا يسمح لك ولا لأب الطالب الضرب أو استعمال العقوبة معه، ومن هنا الأب أولى بابنه وأولى بتربيته فنحن جمهور المعلمين نعاني من استغلال الطلاب للقانون بطريقة سلبية فلا نستطيع تعديل سلوكه بالترغيب ولا نستطيع استعمال الترهيب والأب قد يطلب من المعلم أن يؤدب له ابنه بالضرب ولا يضرب ابنه، ومنهم من قد يتمنى أن يضرب المعلم ابنه لينتقم منه وهم كثر إلا من رحم الله.

• أنصح الأب والمربي بأن يوضحوا للابن أو الطالب سبب العقوبة فلا نعاقبه دون أن يعرف الخطأ الذي عوقب لأجله.

• أن لا نستعمل الإذلال والإهانة مع العقوبة وخاصة أمام إخوانه أو زملائه في الصف.

• أن يكون الأب والمعلم صبورين، فالتربية تحتاج إلى نفس طويل وتحمل وصبر.

• أن لا نعاقب الابن أو الطالب أثناء فترة غضب.

• ما المانع لو تحملنا ولم نعاقبه مرة وثانية وثالثة، نمنحه فرصة لعله يندم لوحده.

• أن لا تكون العقوبة أو الضرب في أماكن خطيرة قد تضر ولا تهدف إلى التأديب فتجنب الرأس والوجه.

• تولى العقاب بنفسك لأنك مسؤول عنه ولا تكلف المعلم أو أي شخص آخر أن يربي ابنك.

• أن تكون العقوبة مناسبة وبقدر الذنب فلا حاجة لتكبير الذنب وهو صغير.

• ترفق به لأن الشدة تضر ولا تنفع .

وختاماً أود أن أقول بأن التربية بالعقوبة ما هي إلا وسيلة كباقي الوسائل إلا أن استعمالها واللجوء إليها يأتي كما بينا في نهاية المشوار بعد استعمال جميع الوسائل التربوية، وأقول بأن الأب هو صاحب هذه الوسيلة الوحيد الذي باستطاعته أن يستعملها لابنه في الصغر ليستريح في الكبر وهي قد تلائم صنفا من الأولاد ولا تلائم الآخر لكنها وسيلة تربوية مهمة لأن نعدل بها سلوكيات خاطئة ومنحرفة، وبالله التوفيق.
والله من وراء القصد.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.co.il 

مقالات متعلقة