الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 26 / نوفمبر 09:01

العراق: انسحاب قوات الاحتلال وبقاء غربان الدمار! / بقلم: د. شكري الهزَّيل

كل العرب
نُشر: 22/12/11 19:56,  حُتلن: 15:14

د. شكري الهزَّيل:

اليوم ونحن في نهاية عام 2011 يزعم الاحتلال المندحر والمهزوم بأنه أسس لوجود دول عراقية ديموقراطية

حتى المتاحف دُمرت وسُرقت الى حد أن يُحول هؤلاء الهمج مواقع أثرية عراقية الى قواعد عسكرية تطحنها المجنزرات

مرحبا بكم في بيتكم ووطنكم يقول اوباما لجنوده العائدون وكأنهم عائدون من نزهة وليست من ساحة جريمة تاريخية بحق العراق الذي دمره جورج بوش وزرعه بالخراب والدمار

مفارقة هذا الاحتلال المجرم والغادر أنه احتل العراق للبحث عن أسلحة الدمار الشامل المزعومة وإذ به هو نفسه الذي يستعمل واستعمل أسلحة الدمار الشامل في الهجوم على الفلوجه عام 2004

لا شيء تغيَّر في ثقافة الكاوبوي والعربده الأمريكية.. رئيس أمريكي يعلن الحرب ويخوضها ويدمر الدول وآخر يستقبل الجنود العائدون والمنسحبون الذين خلفوا ورائهم دمار شامل في البلاد الذين غزوها ودمروها وتركوها خرابا ودمارا منذ الحرب العالمية الثانية ومرورا بحرب الكوريتين وحرب فيتنام في ستينات القرن الماضي وحتى غزو العراق واحتلاله منذ العام 2003 وحتى نهاية العام 2011.

الإزدهار الوحيد
مرحبا بكم في بيتكم ووطنكم يقول اوباما لجنوده العائدون وكأنهم عائدون من نزهة وليست من ساحة جريمة تاريخية بحق العراق الذي دمره جورج بوش وزرعه بالخراب والدمار وكان الإزدهار الوحيد في العراق هو ازدهار المقابر وزيادة حجمها ومساحتها التي احتضنت جثث مئات الألوف من العراقيين ومن بينهم الاف مؤلفة من الجثث المجهولة الهوية التي قتلتها ميليشيات ولدت وترعرعت في ظل الإحتلال الدموي والفوضوي الذي قادته أمريكا وعملاءها في العراق إلى حد أن يصبح للاحتلال مفتي ديني عراقي ومرجعية دينية تفتي بضرورة وجود الاحتلال وعدم جواز مقاومته لابل جواز التحالف مع الاحتلال ضد المقاومة الوطنية العراقية التي هزت أركان الاحتلال ومشتقاته ولم تجعله ينعم باحتلاله ورغم أن مدينة الفلوجه العراقيه قد تعرضت لدمار وقتل هائل عام 2004 إلا أن هذه المدينة قد احتضنت المقاومة وظلت تقاوم حتى رحيل قوات الاحتلال شكلياً من العراق في نهاية هذا العام، والفلوجه العراقية ستبقى شاهداً أبدياً على جرائم الاحتلال الأمريكي والغربي واستعماله للأسلحه الكيماوية والاشعاعية ضد السكان العزل.

مفارقة
مفارقة هذا الاحتلال المجرم والغادر أنه احتل العراق للبحث عن أسلحة الدمار الشامل المزعومة وإذ به هو نفسه الذي يستعمل واستعمل أسلحة الدمار الشامل في الهجوم على الفلوجه عام 2004 والقضية لم تتوقف على قتل وجرح وتهجير الآلاف من سكان المدينة لابل أن الإحتلال زرع الموت والتشوه الخلقي والتلوث البيئي في الفلوجه الى قرون قادمة بسبب مخلفات الأسلحة الكيماوية وغيرها التي استعملتها قوات الاحتلال في هجومها على الفلوجه التي تعتبر اليوم اكثر مدينة ملوثة في العالم.
 
وجهة نظر
وجهة نظر مقلوبة وعقلية همجية أمنت وتؤمن بأن دمقرطة العراق على الطريقة الأمريكية تأتي من أفواه البنادق ومن القنابل العنقودية والفوسفورية وتدمير الدولة العراقية أرضاً وشعباً وتدمير المؤسسات إلى حد أن العنجهية الأمريكية ذهبت إلى حل الجيش العراقي وتدميره بدل ترميمه وجعل العراق لقمة صائغة للميليشات الطائفية الواردة والتي أنشأها الاحتلال نفسه لمؤازرته في ترسيخ احتلاله.
 
"خضراء بغداد"
من بدر بدور وصدر صدور ومرورا ببلاك ووتر والبرمشكات وحتى الصحوات... كلها كانت من مشتقات الاحتلال وميليشيات تابعة لقاطني "خضراء بغداد" الذين عينهُم الاحتلال في مقامات ومراكز حتى يعينوه في احتلال العراق وتدمير شعبه وسرقة نفطه لابل سرقة وطن العراقيين بالكامل ونجزم أن العراقيين النشاما هم شيعة وسنة ومسيحيين وغيرهم من أبناء العراق.

الطائفية
نعم نجزم أن الطائفية هي السلاح الفتاك الذي اخترعه وموله الاحتلال ومشتقاته ومن قدموا على دباباته... كذبوا كذبتهم وصدقوها وقالوا إن العراقيين سيستقبلوا الاحتلال بالورود واذ بهم يستقبلوه بالنار والبارود والمقاومة التي كبدت الاحتلال وعملاءه خسائر فادحة في العتاد والأرواح وهؤلاء الجنود العائدون والذي يرحب بهم اوباما هربوا بجلدهم ومحظوظين بعودة أحياء ولم يموتوا أو تلحق بهم عاهة في العراق... وكم من عاهات وجرائم ومآسي خلفت قوات الاحتلال وراءها بعد ما يقارب التسعة أعوام من العيث خراباً ودماراً وقتلاً في العراق... خراباً انسانياً واجتماعياً وثقافياً وسياسياً واقتصادياً... العراق بلد ملايين الأرامل والأيتام... أرامل وأيتام قتل الاحتلال ومشتقاته أباهم وامهاتهم وازواجهن.. كانوا يقتلون العراقيين للحيطة ومجرد الاشتباه حتى يبقوا على قيد الحياة.. حياة أمريكي بألف عراقي.. كاوبوي همجي يده على الزناد ويمارس الحصاد.. حصاد أرواح مئات الألوف من العراقيين وتشريد الملايين وجرح وإعاقة الألوف المؤلفة وزرع الطائفية في النسيج العراقي العريق وتدمير بلد الرافدين وبلد الحضارات الانسانية.. سبعة آلاف عام من الحضارة الذي لا يعرف معناها كاوبوي الماكدونالد.
 
همج وهمجية !
حتى المتاحف دُمرت وسُرقت الى حد أن يُحول هؤلاء الهمج مواقع أثرية عراقية الى قواعد عسكرية تطحنها المجنزرات... قتلوا المهندسين والأطباء والعلماء والأكاديميين وأساتذة الجامعات العراقيين حتى يعيدوا العراق الى العصر الحجري.. جاؤوا لاغتصاب النساء وتعذيب الرجال في أبو غريب.. جاءوا لتجويع العراق وزرع الجهل والتجهيل في أرض الحضارات الانسانية.. جاؤوا تحت مبدأ دمر واذبح الى حد أنهم قصفوا بالطائرات حفلات الأعراس ومواكب الجنازات.. طبعاً بالخطأ المبرر.. ظنوهم "ارهابيون" يطلقون النار على الطائرات الأمريكية.. بندقية صيد وكلاشنكوف تهدد سلامة طائرات متطوره تطير على علو شاهق ولذلك تصدر لها الأوامر بتدمير العرس والجنازه على رؤوس أهلها. 

مآسي ملايين العراقيين
العراقيون الذي هدر بوش دمهم دون ذنب يقترفوه.. من جاء الى بلاد من؟.. أمريكا أم العراق؟... جاؤوا إلى العراق حتى يلوثوه أرضاً وبحراً وجواً باليورانيوم المنضب والفوسفور والأسلحة الكيماوية والنووية.. جاؤوا ليتركوا الموت حياً يرزق في تراب ومياه وأجواء العراق الى أبد الآبدين.. تشوهات خلقية... أمراض سرطانية ومخاطر صحية على كل عراقي وعراقية... هؤلاء المجرمون ينعمون اليوم بنعمة تكساس وواشنطن ويعيشون أحراراً وطليقين وفي عنقهم معلقة أرواح ومآسي ملايين العراقيين... معقول... نعم في زمن الكاوبوي كل شيء معقول ومفتوح على مصراعيه... شاهد لم يشاهد شيء وقاتل لم يقتل أحداً!
شوَّية ملايين من العراقيين قتلهم الكاوبوي مقابل نفط رخيص مقدم على جثة العراق شعباً ودوله؟! لابد أنكم شاهدتم هيلاري كلينتون وهي تتباكى على الشعب الليبي والشعب السوري من سوط ورصاص الجلاد... بالأمس كان هذا الجلاد وغيره عضواً في وكر شرم الشيخ والأعراب حلفاء وشركاء كلينتون وأمريكا في احتلال العراق.... وذبح شعبه!

عراق... مذبوح من الوريد إلى الوريد
ما زال هذا الفكر الكاوبويي يستهتر بعقول الشعوب العربية يزعم بسحب قواته العسكرية وانهاء احتلاله للعراق ويبقى تحت لافتة سفارة قوات احتلال وغربان خراب يفوق عددهم الـ16000 جندي وموظف وعملاء وعسكريين... شجرة السفارة التي تخفي وراءها جيش من قوات الاحتلال المقنَّعة... صدقوا أو لا تصدقوا... مجرد موظفين في سفارة... ليست قوات احتلال... حلفاء لعراق خضراء بغداد... حلفاء وحكام طبعاً... السفارة هي العراق والعراق هو مجرد موقع لسفارة مُحتَّل غاصب... مجرد موقع سفارة وحقل نفط رخيص تابع لشركات تكساس... سفاره ليست في أي مكان لإبل في بغداد العروبة الذي قصفها ودمرها مالك السفارة حتى يحولها مجرد سفارة له ومقر لعملائه في خضراء بغداد... سفاره عملاء ونفط... مركبات العراق التي تتمناه أمريكا... عراق طائفي مقسم وليست عربي... عراق الميليشيات والمحسوبيات... عراق الخط المفتوح بين واشنطن وطهران من جهة وبغداد من جهة أخرى... بغداد الذي غيَّر الاحتلال والطائفيون تركيبتها السكانية قسراً لصالح رئيس هذه العصابة أو تلك...عراق تجار الدم والقتل.... عراق مذبوح من الوريد الى الوريد... عراق تركه جيش الاحتلال بعد سنين من القتل والذبح اذ تؤكد الإحصائيات الدولية "مقتل 1450000 عراقي غالبيتهم من المدنين العزل وفقدان ما يقارب 800000 ألف عراقي وتهجير 4500000 خارج العراق و2400000 نازح داخل العراق ومليون أرملة وأربعة ملايين يتيم ودخول أكثر من مليوني عراقي المعتقلات الأمريكية والعراقية".

"جثث مجهولة"
كل هذا القتل والكم الهائل من الجرائم والتنكيل بالشعب العراقي ولم يقدم مجرم أمريكي واحد من إدارة بوش للمحاكمة أو المساءله... لم يقدم عميل واحد من من يتقلدون الوظائف والمراتب الى المحاكمة... تحول العراق من دولة الى محميات ميليشيات ومناطق طوائف... سلطة الطائفة حلت مكان سلطة الدوله، بين عام 2006 و2008 دارت في العراق بمباركة الاحتلال الأمريكي حرب تصفيات طائفية راح ضحيتها الالاف تحت مسمى جثث مجهولة، لم يعرف حتى اليوم هوية الجثت المجهولة ولا هوية القتلة.

توحيد الوطن
اليوم ونحن في نهاية عام 2011 يزعم الاحتلال المندحر والمهزوم بأنه أسس لوجود دول عراقية ديموقراطية، الحقيقة انه أسس لدولة برميل البارود القادم والمجهول المخيف الذي ينتظر العراق في قادم الزمن، ستكون هنالك حربأاو حروب على السلطة وعلى تركة الإحتلال الثقيلة، ولكن بامكان المقاومة العراقية أن توحد صفوفها وهي قادره آجلا أم عاجلاً على طرد المحتل وبقاياه تحت الراية الوطنية والقيادة الوطنية الموحدة بعيداً عن الطائفية والميليشية والعشائرية والاقطاعيات التي خلفها الإحتلال، مهمة شرفاء العراق وعربه اليوم توحيد الوطن وليست تقسيمه، المعركة القادمة هي معركة العراق ووحدة العراق ودمقرطة العراق، والاحتلال باطل وكل ما أسس على باطل، باطل، نتمنى أن لا ينزلق العراق والشعب العراقي الى هاوية الحروب الاقليمية والعالمية والطائفية، الحروب والصراعات انهكت الجسد العراقي على مدى عقود والسؤال المطروح: هل ستحط الحرب في العراق أوزارها ويجد العراق مسلكاً للوحدة والمصالحة الوطنية؟ أو إنه بالفعل على أعتاب حرب جديدة تشارك فيها السفارة الأمريكية في بغداد... الوكر... كلما كان هذا الوكر موجوداً في بغداد لن تقوم للعراق قائمة... زوال هذا الوكر ومشتقاته يعني تحرير العراق ونهوضه؟ والجواب متروك طبعاً للشعب العراقي، قرار وشعار الشعب يريد كنس الاحتلال ومشتقاته!

* كاتب وباحث فلسطيني

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.co.il

مقالات متعلقة