في صفقة التبادل الأخيرة قاموا بمقارنة بين الظروف الاعتقالية والحالة التي تعيشها الحركة الاسيرة في السجون والمعتقلات الاسرائيلية بين البدايات وفي العقدين الاخيرين
ناصر عبد ربه: الحركة الاسيرة في اسوأ ظروفها .. تبقى الرقم الصعب
محمود جدة: ازهى التجارب الديمقراطية الفلسطينية نتاج الحركة الاسيرة
علي المسلماني: اكتشاف الذات الوطنية صناعة الرعيل الاول من الاسرى
محمد خليل عليان : نضال اهالي الاسرى والخارج قوة رديفة لا يستهان بها
قارن اسرى محررون في صفقة التبادل الأخيرة بين الظروف الاعتقالية والحالة التي تعيشها الحركة الاسيرة في السجون والمعتقلات الاسرائيلية بين البدايات وفي العقدين الاخيرين وخاصة بعد اتفاقيات اوسلو وحالة التراجع والانكماش التي تمر بها الحركة الاسيرة التي تتأثر بالحالة السياسية والنضالية في الخارج.
وأجمع الاسرى المتحدثون في صالون الاحد الثقافي – المكتبة العلمية بالتعاون مع نادي الصحافة المقدسي على أن حالة الاحباط الحالية ورغم قساوتها لم تؤدي الى رفع الراية البيضاء أو الاستسلام امام قهر المحتل والسجان وإنما تبقى الحركة الاسيرة الفلسطينية الرقم الصعب في المعادلة النضالية ومقاومة الاحتلال. ودعا المحررون الى ضرورة التمسك بعاصمتنا القدس والوقوف في وجه كافة محاولات التثبيط وانتقدوا القصور حيال القدس من رصد ميزانيات ضئيلة الى غياب الاهتمام بالمؤسسات الثقافية والتعليمية والاعلامية وضرورة دعم صمود القدس بكل السبل والوسائل وعدم الاكتفاء بكلام الانشاء الفضفاض .
الرعيل الاول
وأكد الاسير المحرر علي المسلماني الذي امضى 29 عاما قيد الاسر والاعتقال وتم تحريره مؤخرا أن نضالات الرعيل الاول من الاسرى نجحت في اكتشاف الذات الفلسطينية والبدء في تكوين التنظيمات والاطر النضالية والاعتقالية بعد أن كان الاسرى وحيدين دون قوانين أو محامين أو صليب احمر يقفون بلحمهم الحي امام جبروت مديرية السجون الاسرائيلية. واستعرض بعجالة اهم الاضرابات ومعارك الامعاء الخاوية التي خاضها الاسرى من اضراب نفحة عام 1980 واضراب عام 1984 والتي ادت الى تبلور الحركة الاسيرة وتحقيق انجازات مادية كثيرة الى جانب المحافظة على كرامة الاسير من خلال لوائح واطر وقوانين انضباطية ولجان داخلية فعالة، بحيث تتم معالجة أية اشكالات داخلية بين الاسرى بشكل ديمقراطي ومن خلال الحوار البناء. وأضاف إن الحركة الاسيرة قفزت مع اضراب عام 1992 قفزة نوعية من خلال تحقيق المزيد من الانجازات والوصول الى ما يشبه حكم ذاتي في السجون والتي جاءت من خلال تضحيات جسيمة وسقوط اسرى شهداء وجرحى الى درجة أن رائحة الغاز المستخدم ضدهم بقيت عالقة على قضبان نوافذ السجن مدة ستة اشهر.
ثورة مضادة
واشار الى أن مرحلة ما بعد اوسلو شهدت ما يمكن تسميته ثورة مضادة على كل المفاهيم والقيم التي تربينا عليها بحيث أن سلسلة برامج التوعية والتثقيف ومنع أن يكون هناك اسيرا اميا قد اصيبت بحالة تراخ واحباط في سياق متداخل مع مراوغات ادارة السجون ولعبها على عملية تصنيف خبيثة للمعتقلين لدق اسفين بينهم. ونوه الى ظاهرة تهريب البلفونات الى داخل المعتقلات بعد عام 2000 والتي تزامنت مع استحداث وزارة للاسرى الفلسطينيين . وما رافق ذلك من تدفق الاف الاسرى في الانتفاضة الثانية وتزايد حدة الصراع على الغذاء والهواء والدواء وكل المكتسبات التي حققها الاسرى بالدم والعرق واللجوء الى الاضراب المفتوح عن الطعام الذي هو حالة تمرد على قوانين ادارة السجون وفي نفس الوقت تحد للنفس ومتطلبات الجسد والامتناع عن الزيارة وما رافق ذلك من طفرة في بناء سجون جديدة - حوالي سبعة سجون - لاستيعاب الكم الهائل من الاسرى ومحاولة العودة الى سياسة التفتيش العاري وضرب الاسرى وهم عراة او ما يسمى " حفلة الاستقبال " ووضع الحاجز الزجاجي العازل اثناء الزيارات ..! وبقيت الحالة الاعتقالية بين مد وجزر في اعقاب اضراب عام 2004 الذي فشل في تحقيق اهدافه الى ان تم اسر الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليط .
صعود حتى اوسلو
وقال الاسير المحرر ناصر عبد ربه : "إننا سرنا على هدي الرعيل الاول من الاسرى حيث كانت الحركة الاسيرة في صعود دائم اجمالا الى مرحلة اوسلو حيث نشأ وضع يتسم بالتراجع، واصفا مراحل النهوض الجزئي والمتواصل منذ السبعينات وتطوره في الثمانينات وبداية التسعنيات من خلال خوض معارك الامعاء الخاوية حيث شكل اضراب 1992 حالة مهمة في تثبيت الروح الوطنية والتنظيمية لدى جموع الاسرى في كافة المعتقلات الا أن اوسلو غيرّت حالة العنفوان هذه، الا أنه لم يتم الخروج عن النظام العام الذي يضبط واقع الاسرى ولكن حدثت عمليات تخلي عن الحالة الثقافية ومحاولة الادارة النفاذ الى صفوف الاسرى من خلال تقسيمات جغرافية وما الى ذلك لكسر ارادتهم". ومن المعروف أن الحالة في الخارج تعكس نفسها على داخل السجون . كما حصلت حالة من ظواهر التفريق و التمييز بين الاسير القديم الذي هو دقة قديمة والاسير الجديد المتأثر بمظاهر الحداثة والعصرنة وما شابه ..! اضافة الى عدم التزام بعض الاسرى بتعريف انفسهم ضمن الاطر التنظيمية المعروفة في السجون وإنما الى اجهزتهم الامنية مثلا.. رغم المفارقة المذهلة وهي أن الاسرى الجدد الذي لم يتشربوا بعد التجربة الاعتقالية قد صمدوا في الاضراب واثبتوا عكس الانطباع السائد عنهم ..! واشار الى مدير مصلحة السجون المدعو يعقوب غانوت الذي اعطى صلاحيات اوسع للسجانين لفرض مجموعة من العقوبات وحرمان الاسرى من مكتسباتهم السابقة ومحاوله تعزيز المناطقية بين الاسرى لتفنيت وحدتهم النضالية.. وصولا الى عزل اسرى حماس عن اسرى فتح وهكذا.. لتحويل السجون الى " ممالك واقطاعيات" متنافرة كل منها له مطالبه المنفردة من مصلحة السجون ..! وسجل عبد ربه صحوة نضالية لاسرى معتقل رامون بينهم 400-500 مؤبد الذين قادوا عملية احتجاج تستحق الاشادة بها عندما تصدوا للسجانين والادارة وبدأوا بطرق وقرع ابواب السجن بعنف .
تجربة ديمقراطية حقيقية..
ورأى محمود جدة الاسير المحرر السابق في عملية التبادل عام 1985 أن قرابة مئتي اسير قضوا في التحقيق او نتيجة الاهمال الطبي في تاريخ الحركة الاسيرة الفلسطينية وأن بدايات عملية الاسر كانت معزولة عن العالم ولكنها بالتجربة والممارسة اليومية تطورت وتفلوذت وتعملقت الى أن وصلت الى افضل تجربة ديمقراطية يعيشها الاسرى وكانت في سجن الرملة على سبيل المثال .. وتطرق الى نوعية الطعام في البدايات التي كانت شحيحة وقليلة وامكانية تعرضها لمحاولة تلويث وغياب الاقلام والكتب وعالم الثقافة بشكل صارم وانعدام الرسائل بين الاهل ولكن بعد نضالات سمح بادخال الكتب وزيارة الصليب الاحمر، معرجا على معاناة الاسرى اليومية من ظروف اعتقال سيئة جدا الى الضرب والتفتيش العاري والتصدي له باصدار امر للاسرى بالرد الفوري واذا لم يفعلوا تتم معاقبتهم من الاسرى انفسهم .. وهو ما نجح في وقف الضرب والمحافظة على كرامة الاسرى من خلال التعامل مع السجانين .. وسجل شهادة وفاء وتقدير لامهات السجناء وزوجاتهم وباقي أفراد عائلاتهم .. واوضح أن السجن مدرسة وانتماء وتربية وطنية سليمة بغض النظر عن الانتماءات التنظيمية والحزبية .. فكلنا شعب واحد .. واشار الى تجربة التعامل مع سجناء جنائيين يهود وكيف استطاع الاسرى التأثير عليهم وليس العكس وكسبهم الى جانبهم بعد أن كانت الادارة تأمل تخريب مسلكيات الاسرى الفلسطينيين من خلال اخنلاطهم بهذه النوعية من المساجين ..! وشدّد على أن اسرى التبادل عام 1985 اصروا على الخروح الى بيوتهم او لا تبادل..!
التضامن الخارجي
وركز الكاتب والاسير السابق محمد خليل عليان على اهمية التضامن الخارجي مع نضالات الاسرى وكيف كان الاسير سابقا يتحول بيته الى مزار في حالة نادرة من التضامن القوي والمؤثر وتراجع وخفوت هذه الظاهرة رغم الحفاوة البالغة التي يقابل بها الاسرى المحررون لدى وصولهم الى مدنهم وقراهم ومخيماتهم واشار الى دور الكوادر السياسية والفكرية في التأسيس للثقافة الوطنية من خلال انتهاج اساليب بدائية وسرية في البدايات للتغلب على ظاهرة منع الكتب والاقلام والرسائل وغير ذلك من وسائل اتصال مع العالم الخارجي ووضع برامج تثقيفية وتعليمية في كافة تخصصات العلم واللغات واصدار المجلات والترجمات والمنشورات والبيانات وغير ذلك. ونوه الى تجربة الحركة الاسيرة بعد اوسلو من خلال كتاب المناضل حسام خضر- الاعتقال والمعتقلون – وكيف أن الاسير قبل اوسلو كان اقوى شكيمة واكثر تحديا ووعيا وثقافة رغم أن الظروف الاعتقالية كانت اسوأ .
مداخلات قيمة..
وشارك بعض الحضور بمداخلات قيمة منهم الكاتب نبيل الجولاني الذي أكد أن التغير حصل لدينا في حين الاحتلال وادارات السجون لم تغير نهج الصلف والعنجهية والقمع .. واعتبر أن هناك مرحلتان قبل وبعد اوسلو في تاريخ الحركة الاسيرة حيث تميزت الحقبة الثانية بالتراخي والانحدار على كافة الصعد . ورأى د. اياد حلاق استاذ علم النفس في جامعة القدس أن التجربة الاعتقالية لها بعدين سلبي وايجابي على حياة ونفسية المعتقل مع ضرورة التفكير بمواجهة ظروف حياة الاسرى بعد التحرر خاصة في القدس ومناطق 1948. واشار الى اعتبار أن الاسرى هم من افضل المفاوضين وابرعهم باعتراف جهات اسرائيلية كونهم يلمون باللغة العبرية ويدركون كنه النوايا والعقلية الاسرائيلية المقابلة والى أي مدى نجحنا في تسويق قضية اسرانا كاسرى حرب وليس كارهابيين ؟ واكد الكاتب محمد موسى سويلم على ان السجن هو حالة صراع دائم، متمنيا أن لا يتحول الصراع على لقمة العيش في الخارج بالنسبة الى الاسرى المحررين الذين امضوا زهرة حياتهم وشبابهم في التضحية من اجل شعبهم ودعا الاعلامي حاتم خويص كافة الجهات المعنية بمتابعة ملف الاسرى الى اطلاق حملة توعية وتثقيف لتعريف الاجيال الصاعدة بتجارب الحركة الاسيرة كونهم معرضين في اي وقت للمرور في هذه التجربة القاسية . وحذر المحامي ابراهيم عبيدات من اسلوب الصفقات المتبع مع النيابة العسكرية الاسرائيلية والنضال من اجل الاعتراف باسرانا كاسرى حرب حسب المواثيق والاعراف الدولية . وكان الشاعر المقدسي على داود سنيورة القى قصيدة حيا فيها الاسرى الابطال الذين قدموا الغالي والنفيس ليعيش شعبهم حرا كريما شامخا. وادار الحوار الاعلامي محمد زحايكة رئيس نادي الصحافة في القدس .