الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 27 / نوفمبر 08:02

قنبلة (ذرية؟!) موقوتة في خليج حيفا!

أمجد شبيطة
نُشر: 10/09/06 11:59

* مراقب الدولة حذّر من خطورته وطاقم أكاديمي أكد بأنّ انفجاره لا يقل عن انفجار القنبلة الذرية في ناجازاكي
* ومع ذلك، ضابط الجبهة الداخلية يلغي قرارا باغلاق خزان الأمونيا في حيفا، قبل شن العدوان على لبنان بشهرين اثنين فقط
* ما الذي وقف خلف قرار هذا الضابط، وكيف، كيف لم تقع الكارثة؟!*حيفا..وما بعد ما بعد العلاقات المشبوهة بين رأس المال والسلطة..!



"المعجزة فقط حالت دون وقوع الكارثة واصابة خزان الأمونيا في خليج حيفا بصاروخ كاتيوشا. المعجزة فقط حالت دون وقوع نحو 100 ألف مصاب ومعاق بينهم عشرات ألوف القتلى من حيفا والكريوت وشفاعمرو وطمرة وغيرها."
هذا هو الانطباع الأول الذي خرج به عضو الكنيست من الجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة ورئيس اللوبي البيئي الاجتماعي في الكنيست النائب د.دوف حنين، من زيارته الى مصانع "حيفا خيمكاليم" في خليج حيفا مطلع هذا الأسبوع.
ولم يكتف د.حنين بالمطالبة باخلاء الخليج فورا من خزان الأمونيا وكافة المواد السامة والمضرة بل وطالب بتشكيل لجنة تحقيق رسمية في المخاطر البيئية والصحية التي تتسبب بها المصانع الكبرى في البلاد، قائلا "انتهاء الحرب لا يعني زوال الخطر فانفجار خزان المونيا ان لم يكن بصاروخ كاتيوشا فقد يكون بهزة أرضية وغيرها.."
وأفاد د.حنين بعد مشاركته في جولة "اللوبي البيئي الاجتماعي" في المصنع بأن "هنالك خزان عملاق تخزن فيها كمية هائلة من الأمونيا بدرجة حرارة 32 تحت الصفر، ما يعني أنه في حالة سائلة ولكن في حال انفجار الخزان جراء اصابته بصاروخ أو كارثة طبيعية كالهزة الأرضية فإن هذه الكمية كلها ستتحول الى الحالة الغازية وتكون سحابة في الجو، وبحسب التقرير الذي أعده مراقب الدولة في العام 2001 حول البنى التحتية في البلاد ومخاطر وقوع هزة أرضية فإن هذه السحابة من المواد السامة ستصيب بالصرر كل المنطقة المحيطة بحيفا على بعد 12.7 كيلومترا، أي بأن الضرر قد يصل الى شفاعمرو وطمرة وغيرهما!"
ويذكر بأن غاز الأمونيا هذا، والمكون من النيتروجين والهيدروجين مركب أساسي في الصناعات الكيماوية والبيولوجية وتستخدمه شركة حيفا خيميكاليم لتصنيع الأسمدة الكيماوية.
وأضاف د.حنين بأن عددا من المختصين في معهد الهندسة التطبيقية قد أعدوا دراسة حول خزان الأمونيا هذا وقدرا أن تصل الاصابات الناجمة عن انتشار المواد فيه الى نحو 100 ألف مصاب بينهم عشرات ألوف القتلى،
ودون ذرة مبالغة حذر هؤلاء المختصون بأن انتشار هذه المواد سيكون له أثر لا يقل عن أثر القاء القنبلة الأمريكية النووية على نجازاكي في الحرب العالمية الثانية!

* العلاقة المشبوهة: "الجبهة الداخلية" تخدع لجنة الخارجية والأمن!! *
ولو لم يكن لدى ادارة "حيفا خيميكاليم" ما تخفيه، أكانت تتصرف بنفس العنف الذي تصرفت به نهار الأحد الأخير، خلال زيارة "اللوبي البيئي الاجتماعي" للمصنع؟!
د.حنين "كنا نحو 50 شخصا، خمسة أعضاء كنيست وعدد من أعضاء بلدية حيفا اضافة الى نائب رئيسها شموئيل جلبريط، ونشطاء بيئيين واجتماعيين وصحفيين، ورغم أننا قد قدمنا لهم أرقام هويات الجميع قبل زيارتنا بأيام لاصدار إذن بالدخول حاولت ادارة الشركة في اللحظات الأخيرة السماح فقط لأعضاء الكنيست بالدخول الأمر الذي رفضته أنا بشدة وهددت بالغاء الزيارة وبعد مدة من الجدل المحتد والمتوتر سمحوا للجميع بالدخول"
وأضاف د.حنين "رفضت أن يدخل أعضاء الكنيست وحدهم لأنني أرفض هذه السياسة، أرفض أن نكون نحن الى جانب ادارة المصانع العملاقة أن ندخل الى الغرف المغلقة ثم نخرج معا ببيان مشترك الى الناس، نحن لسنا في طرف ادارة المصنع مقابل الناس لكننا في طرف الناس مقابل ادارة المصنع التي تعتاش على تلويث البيئة ونشر الأمراض وتهديد حيوات الناس."
وقال د.حنين "هذه الشركة العملاقة تهدد حياة عشرات ألوف المواطنين في الخطر دون أن تأخذ على نفسها انفاق بعض من أرباحها الطائلة من أجل التخفيف من الضرر ولكن المثير أكثر هو تصرف الجبهة الداخلية وقائدها فحياة عشرات ألوف المواطنين في الخطر من أجل ادارة مصالح رجال أعمال لا يعيشون في اسرائيل أصلا كآرية جنجر المهاجر الى الولايات المتحدة"
وأضاف د.حنين "في جلسة تلخيص جولتنا الى المصنع كشف نائب رئيس بلدية حيفا، شموئيل جلبريط بأنه لا يوجد لتخزين الأمونيا في الخزان بل وأكثر من ذلك، فلا يوجد حتى ترخيص بناء لهذا الخزان كما أكد تسفي بورر مدير عام منظمة المدن من أجل جودة البيئة في منطقة حيفا، على مخاطر اصابة الخزان، ولكن السلطات ليس فقط أنها تغض النظر عن هذه الجرائم بل وأنها تبذل كل الجهود من أجل حمايتها."
وأشار د.حنين هنا الى ما جاء في تحقيق صحيفة هآرتس(25.8.06 و 1.9.06) "في الحلقة الأولى من التقرير نشرت الصحيفة بأن قائد الجبهة الداخلية يتسحاك جرشون قد مثل امام لجنة الخارجية والأمن البرلمانية بعد أيام من اندلاع الحرب مع لبنان وأكد بأن 90% من كمية الأمونيا في الخزان قد أخليت وبأن الخطر غير وارد تقريبا واحتمالاته تقارب الصفر ولكن الصحيفة أكدت بالمقابل توفر معلومات لديها بأن كمية الأمونيا لم تخل وبأن جرشون كذاب وفي الحلقة الثانية من التقرير نشرت الصحيفة شهادات عدد من جنود الاحتياط، الذين كانوا يتدربون على التصدي لخطر تفجير الخزان، وبحسب شهادات هؤلاء الجنود أنفسهم فقد أخبرهم الضباط بأن احتمال اصابة الخزان وارد وبأن النتيجة قد تضر بعشرات ألوف المواطنين، أي أن جرشون كان يكذب وكان يدرك ذلك."
 
وما يقف خلفها: شارون وجنجر..
أسست شركة "حيفا خيمكاليم" في العام 1967 كشركة حكومية وفي العام 1986 بيعت لآريه جنجر، المقرب من رئيس الحكومة السابق، أرئيل شارون ومنذ ذلك الحين حظيت شركة جنجر الخاصة بتسهيلات غير محدودة رغم ما ارتكبته من مخالفات إجرامية، إن كان على مستوى قمع العمال وتشغيلهم في ظروف قاسية وغير انسانية أو بتلويث البيئة جوا وبحرا!
وقد أثارت علاقة هذه الشركة بالمؤسسة الحاكمة عددا من الشكوك والأسئلة الصعبة التي بلغت ذروة جديدة مؤخرا عقب الحرب وتحقيق صحفي موسع قامت به صحيفة "هآرتس".
ويتضح من التقرير بأن الأصوات المحذرة من مخاطر خزان الأمونيا قد بدأت ترتفع في سنوات التسعين من القرن المنصرم وبأن الشركة حاولت اخراس هذه الأصوات بكل شكل، بالجزرة أو بالعصا حسب شهادة عدد من المختصين، وقد بلغ الأمر في العام 2001 تطورا جديدا باصدار تقرير مراقب الدولة حول المباني الخطرة في الدولة في حال وقوع هزة أرضية وأشار الى مخاطر هذا الخزان وتوالت التحقيقات حتى أصدر مدير قسم الأبحاث والتطوير في الجبهة الداخلية بني بروش، رسالة في أيلول 2005 الى بلدية حيفا يؤكد فيها بأن "جهاز أمان الخزان في حالته الحالية لا يستوفي طلبات الجبهة الداخلي."  بما يعني ضرورة اغلاقه فورا، ولكن المفاجأة كانت بانقلاب هذا الموقف بـ 180 درجة خلال أشهر قليلة!
الجنرال يتسحاك جرشون، القائد الجديد للجبهة الداخلية ألغى قبل شهرين اثنين فقط من شن العدوان على لبنان قرار القسم المهني في الجبهة الداخلية باخلاء هذا الخزان وقرر بأن امكانية اصابته جراء هزة أرضية أو صاروخ ضئيلة ولا تستجوب اخلاءه.
من الضروري التأكيد على أن هذا الانقلاب جاء في أعقاب زيارة قام بها جرشون الى المصنع حيث حظى بضيافة طيبة، دون الكشف عما كان تحت الطاولة- إن كان.
وقد أكد ممثلو ادارة المصنع على دأبهم الدائم على اقامة علاقات خاصة مع كل من يتولى منصبا ذا علاقة بعمل المصنع ومراقبته!
ويبقى السؤال ما طبيعة هذه العلاقات وأين دور المصالح فيها، وأتبقي مكانا من أجل الاهتمام الحقيقي بمصالح الناس، بصحتهم وحيواتهم؟!
د. حنين " بالضبط من أجل الاجابة على هذه التساؤلات المشروعة وللتأكيد بأن التلويثات البيئية ليست قضاء وقدر انما جزء من التلوث السياسي الاجتماعي العام السائد في البلاد، ولأن حيوات الناس وصحتهم ليست بذخا ولا سلعة للمقايضة، من أجل كل هذا، أعود وأؤكد مطالبتي بلجنة تحقيق خاصة.."

مقالات متعلقة