الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 20 / سبتمبر 05:02

لا رجعة للوراء/ بقلم: محمد كناعنة أبو أسعد

كل العرب
نُشر: 04/02/12 10:06,  حُتلن: 07:54

محمد كناعنة أبو أسعد في مقاله:

اختلف الناس فيما بينهم على تسمية الحالة الجديدة الراهنة أهي ربيع عربي أم ثورة أو إنتفاضة ومهما كانت تسمية هذا الحراك الجديد إلا أنّهُ يبقى في جوهره حالة جديدة

في سوريا فلا خيار أمام النظام والمعارضة الوطنية إلاّ بالتقدم بإتجاه الحوار على قاعدة وقف التعامل الأمني مع الحالة الشعبية الداخلية وإطلاق مشروع الإصلاح

إتفاق أوسلو هو أعظم إنجاز للحركة الصهيونية بعدَ إعلان الإستقلال فهي المرة الأولى التي تعترف قيادة رسمية للشعب الفلسطيني بحق دولة إسرائيل في الوجود 

من المحيط إلى الخليج ما عادَ الوطن العربي بعد محمد بوعزيزي كما كان، فهو ليسَ ذاتُ الوطن ما قَبلَ إشتعالهِ جسداً ليُشعلَ معهُ الفكرة ويُلهب حناجرَ العرب وسواعدهم ويفجّر في المنطقة العربية والعالم من بَعد، بحراكٍ طالَ إنتظارهُ في عيون وقلوب وضمائر فقراء الأمة ومظلوميها وشبابها التواقون للحرية، كل واحدٍ من هؤلاء كانَ على موعد مع الشمس، ولم يفقدَ الأمل يوماً من آمن بالشعوب وحتمية التاريخ ومن تسلّح بالارادة والعزيمة وثابر على هذا الدرب ولو بالدُعاء على سلطانٍ جائرٍ خائنٍ وعلى مرحلةٍ أرادوا لها أن تكونَ أخرى بالقناعات وطالبونا بالتنازل عن المبدأ تحت ضربات الانهيار الكبير من سقوطٍ للاتحاد السوفيتي حليف الشعوب رغم كل مساوئهِ، وضرب العراق وهزيمتهِ القاسية بعد تحريرهِ للكويت، حتى جاء اتفاق أوسلو الذي وضع الّلبنة الثانية في بناء " كيان الاحتلال " إذ بحَسبِ " شمعون بيريز " إتفاق أوسلو هو أعظم إنجاز للحركة الصهيونية بعدَ إعلان الإستقلال فهي المرة الأولى التي تعترف قيادة رسمية للشعب الفلسطيني بحق دولة إسرائيل في الوجود ، أو غرسَ الخنجر الثاني في خاصرة القضية الفلسطينية من بعد النكبة في حالتنا .

مشروع الانهيار
بعد هذا المشهد الدولي والاقليمي والمحلي - المقصود بالمحلي فلسطينياً وليسَ كما يعتقد البعض بأنّ حدود المحلي أو الوطني هو لجنة المتابعة مثلاً ، أبعد أو أقرب قليلاً - بعد هذا الانهيار هناكَ من وُلدوا سياسياً والبعض ممن تمَّ إعادة النفخ في رميم بقايا عظامهم وكانَ هذا المولود مشوّهاً هجيناً، وهُنا أتحدّث في وصف حالة من المحيط الى الخليج حتى لا يُسيء أحدهم الظنَّ بنوايايَ.
البوعزيزي الذي قَسَمَ ظَهرَ بعير الصمت كانَ يقف على تلالٍ من خبايا الانظمة العربية من ظُلمٍ وقهرٍ لإرادة شعوبها وفي إستبدادها وأجهزتها القمعية، لم يكن البوعزيري وليدَ صُدفةٍ بل هو من حيث لا يدري إبناً شرعياً لكلّ المعتقلين في سجون الانظمة الفاسدة وأخاً لكل شُهداء الحرية والكرامة الذين قضوا في سبيل حرية الانسان العربي وكرامتهُ من المحيط الى الخليج، وهو من هُناك، من رَحمِ المُعاناة ، من حارات الفُقر ومن بين ثنايا التوق للإنعتاقِ من العبودية العصرية أشعل فتيل مرحلةٍ جديدة تختلف عن المرحلة الأَخرى التي دفعت بحركات وأحزاب سياسية تعتبر نفسها وطنية وقومية الى الإعتراف بحق تقرير المصير لليهود في فلسطين، هذا على سبيل المثال، لِنُبَيّن الى أي مُنحَدرٍ وصلت صفاقة التخاذل أمام مشروع الإنهيار حتى جاءت المقاومة لتَدحر جُندَ " شعب الله المختار " .
وقد اختلف الناس فيما بينهم على تسمية الحالة الجديدة الراهنة، أهي ربيع عربي أم ثورة أو إنتفاضة وكفى ، ومهما كانت تسمية هذا الحراك الجديد إلا أنّهُ يبقى في جوهره، حالة جديدة أنتجت إندفاعاً نحو التغيير وكانت البداية في تونس زين العابدين ومصر حسني مبارك و" ليبيا معمر القذافي " واليمن علي عبد الله صالح .

إطلاق مشروع الإصلاح
ونحنُ نشهد ما حصل في تونس ومصر من تغيير شهدنا " ثورة " ثوار الناتو في ليبيا وقتل العقيد القذافي بعد أن سُلّم من قِبَل قوات الناتو التي رصدتهُ وقصفت موقعهُ، ومشهد ذبح الرئيس صدام حسين صبيحة عيد الأضحى على يد عملاء أمريكا ورجالاتها في العراق ، ما زال ماثلاً في الأذهان كل هذا باسم الحريّة والديموقراطية اما على الضفة الأخرى من المشهد فقد رأينا وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون ورؤساء الغرب يسارعون الى دعم مبارك وزين العابدين وعلي عبد الله صالح الى أن نفذ احتياطي صبر الشعب هناك فأسرعَ هؤلاء للوقوف الى جانب "الثورة" من باب استثمار المرحلة الجديدة، وقد يستطيعون فعل ذلك ولو الى حين لأن حركة الجماهير لن تتوقف حتى تستعيد ثورتها الجميلة الصادقة من أيادي زبانية الغرب ومواليهم وإن وصلوا الى السلطة بلعبة "الديموقراطية" وما ادراك ما الديموقراطية.
أما في سوريا فلا خيار أمام النظام والمعارضة الوطنية إلاّ بالتقدم بإتجاه الحوار على قاعدة وقف التعامل الأمني مع الحالة الشعبية الداخلية وإطلاق مشروع الإصلاح الى الأمام وإنجاز الدستور بما يضمن الحقوق المدنية والسياسية والإجتماعية لكل المواطنين والاحزاب والتجمعات والفئات المختلفة ، وتفويت الفرصة على المتربصين بسوريا المقاومة والمُمانعة ، ومن يرفض الحوار فهو عملياً مُتمسك بالرهان على الدبابة الأمريكية في حالة المعارضة أو متمسك ومُصر على الحل الأمني للأزمة في حالة النظام . 

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.co.il
 

مقالات متعلقة