الخبير في الشؤون السورية توماس بييري:
النص الدستوري كان له اهمية نسبية في تنظيم النظام السياسي السوري الذي تهيمن عليه أجهزة المخابرات وليس هناك أي سبب لأن يغير ذلك النظام الحالي
وزير الاعلام السوري عدنان محمود:
المرة الاولى التي تكتفي فيها الرسائل بدعوة المواطنين الى التوجه الى صناديق الاقتراع بدون حثهم على التصويت لمصلحة الدستور لكن المعارضين دعوا الى عدم المشاركة في الاقتراع ووقف العمل
دعي أكثر من 14 مليون سوري اليوم الأحد إلى استفتاء على مشروع دستور جديد يلغي هيمنة حزب البعث الحاكم منذ خمسين عاما على الحياة السياسية، ويحفظ لرئيس الدولة سلطات واسعة، فيما تعيش البلاد على وقع العمليات العسكرية. ويأتي هذا الاستفتاء فيما خلف القمع الذي يمارسه النظام بحق معارضيه 7600 قتيل على الأقل وفق ناشطين، مع تواصل أعمال العنف منذ أكثر من 11 شهرا.
وأعد الدستور، الذي سيحل محل دستور 1973 في إطار الإصلاحات التي وعدت بها السلطات لمحاولة تهدئة الاحتجاجات غير المسبوقة على النظام. لكن المعارضة والناشطون دعوا إلى مقاطعة الاستفتاء مطالبين برحيل الرئيس بشار الاسد قبل كل شيء. وحلت فقرة تنص على "التعددية السياسية" محل المادة الثامنة التي تشدد على دور حزب البعث "القائد في الدولة والمجتمع". ولا يشير الدستور الجديد إلى الاشتراكية، لكنه يقضي في المادة الستين منه بأن "يكون نصف النواب من العمال والفلاحين".
التطور السياسي والاجتماعي
وأكدت صحيفة "البعث" الناطقة باسم الحزب الحاكم الاربعاء أن الغاء المادة الثامنة "ليست خسارة لحزب البعث، بل ترافق التطور السياسي والاجتماعي" في البلاد. من جهة اخرى، يحتفظ رئيس الدولة بصلاحيات واسعة بما أنه هو الذي يختار رئيس الحكومة والوزراء ويمكنه في بعض الحالات رفض قوانين، فيما تنص المادة 88 على ان الرئيس لا يمكن ان ينتخب لأكثر من ولايتين كل منها من سبع سنوات.
الابقاء على المادة الثالثة
لكن المادة 155 توضح ان هذه المواد لا تنطبق على الرئيس الحالي إلا اعتبارا من الانتخابات الرئاسية المقبلة التي يفترض ان تجري في 2014، ما يسمح لبشار الاسد نظريا بالبقاء في السلطة 16 سنة اخرى. ويثير الابقاء على المادة الثالثة التي تنص على أن دين رئيس الدولة هو الاسلام وان الفقه الاسلامي مصدر رئيسي للتشريع، جدلا خصوصا من قبل الاحزاب العلمانية والاقليات الدينية القريبة بشكل عام من السلطة. ووضعت لافتات ولوحات إعلانية في جميع أنحاء العاصمة، بينما يبث التلفزيون الحكومي إعلانات دعائية.
اضراب عام
وقال وزير الاعلام السوري عدنان محمود لوكالة فرانس برس "انها المرة الاولى التي تكتفي فيها الرسائل بدعوة المواطنين الى التوجه الى صناديق الاقتراع بدون حثهم على التصويت لمصلحة الدستور". لكن المعارضين دعوا الى عدم المشاركة في الاقتراع ووقف العمل. وقالت لجان التنسيق المحلية في بيان "ندعو الى مقاطعة هذا الاستفتاء لان النظام يسعى الى اخفاء جرائمه عن طريقه"، وأضافوا "ندعو الى اضراب عام الاحد في جميع انحاء البلاد". وقال الخبير في الشؤون السورية توماس بييري الذي يعمل في جامعة أدنبره إن "النص الدستوري كان له اهمية نسبية في تنظيم النظام السياسي السوري الذي تهيمن عليه أجهزة المخابرات، وليس هناك أي سبب لأن يغير ذلك النظام الحالي".
مشروع الدستور الجديد
تنديد بـ "التمييز العنصري"وعشية دعوة النظام السوري مواطنيه إلى المشاركة في الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد، أصدرت الشبكة الآشورية لحقوق الإنسان بيانا شديد اللهجة، نددت بما اعتبرته "التمييز العنصري" الذي مارسته السلطات السورية ضد المسيحيين السوريين عموما وضد الآشوريين السريان على وجه الخصوص من خلال تجاهل وجودهم وتصنيفهم مواطنين من الدرجات الدنيا.
الإهانة الوطنية
ودعت الشبكة مسيحيي سوريا إلى مقاطعة الاستفتاء على الدستور نتيجة ما وصفته بـ "الإهانة الوطنية" التي تعرضوا لها عبر التمييز ضدهم في المادة الثالثة منه، كما دعت السوريين إلى مقاطعته بسبب استمرار أعمال القتل اليومي ضد أحرار الشعب السوري. وفي السياق ذاته دعت حركات احتجاجية إلى مقاطعة الاستفتاء، فيما وصفته الهيئة العامة للثورة السورية بـ"المهزلة".
واعتبرت الهيئة أن الدستور وضعه مجرمون فاقدون للشرعية، و"لم يطبقوا شيئا من الدستور السابق ولم يراعوا قانونا ولا عرفا ولا إنسانية" على حد وصفها.
وتساءلت في بيان "كيف تشاركون باستفتاء وضعه نفس النظام الذي قتل أبناءكم وانتهك أعراض أخواتكم ويقصف الآن حمص وإدلب ودرعا وحماة ويرتكب المجازر والإعدامات الميدانية".
تمزيق ورقة الاستفتاء
وفيما دعت إلى عمل صناديق في أماكن المظاهرات للاستفتاء على ما وصفته "إعدام المجرم بشار"، طالبت الموظفين المجبرين على الاستفتاء، بتمزيق ورقة الاستفتاء أو كتابة عبارات مناوئة للرئيس. وقبيل ساعات من بدء عملية التصويت، شرع آلاف من النشطاء والفنانين والمعارضين للرئيس السوري ونظامه الحاكم، بكتابة عبارات ساخرة على مواقع التواصل الاجتماعي من التصويت الذي يجري وسط ما وصفوه بـ"قتل الشعب السوري وحصار بعض المدن وقصف واقتحام مدن أخرى. إجبار الناس على التصويتإلى ذلك أكد مواطنون من مدن درعا وحماة وحمص، أن السلطات السورية صادرت بطاقاتهم الشخصية على الحواجز الأمنية أمس، وطالبتهم بالحضور إلى مراكز الاقتراع لاستلامها بعد التصويت.
الوثيقة الموقعة
وفي إدلب ذكرت لجان تنسيقية إن قوات النظام قامت باستبدال البطاقات الشخصية للمواطنين على الحواجز بوصول استفتاء، على أن يعيدوها لهم بعد قيامهم بعملية التصويت، في خطوة تهدف إلى إجبار المواطنين على المشاركة. في السياق ذاته، سرب سوريون على صفحات التواصل الاجتماعي وثيقة لحزب البعص العربي الاشتراكي، توجه البعثيين بحث الناس على التصويت بنعم على الدستور. وتنص الوثيقة الموقعة باسم محمد سعيد بخيتان الأمين القطري المساعد، في إحدى فقراتها "يرجى توجيه الرفاق البعثيين، وحث الأخوة المواطنين على التصويت بـ(نعم) للدستور الجيد، الذي يعبر عن تطلعات جماهير الشعب العربي السوري في بناء دولتهم الحديثة".