تم تشييع جثمانها الطاهر الى مثواه الاخير اليوم بعد الظهر في أجواء من الحزن لما كانت تمثله هذه الحاجة من الصبر والصمود
توفيت اليوم الاربعاء المعمرة الحاجة حسنة خليل سواعد (ام ابراهيم) من الكمانة الشرقية، عن عمر ناهز الثانية والتسعين عاما، وقد تم تشييع جثمانها الطاهر الى مثواه الاخير اليوم بعد الظهر،في أجواء من الحزن لما كانت تمثله هذه الحاجة من الصبر والصمود كشجر الصبار امام بيتها العامر بالمحبة والايمان.
وكان مراسل موقع العرب قد التقى بالحاجة حسنة سواعد (أم ابراهيم) قبل عشر سنوات واجرى معها الحوار التالي حول معيشتها في قرية الكمانة حيث الروعة والجمال فالتقيناها وقد جلست بجانب مدفأة الحطب لديها فبادرتني بالقول تفضل يا حبة عيني... اطلب، فسألتها منذ متى وكيف تعيشين في الكمانة فقالت:« انا ابنة 83 سنة ( يومها) وتزوجت سنة 1935 وكنت بنت 15 سنة وكنت اشرب الحليب واللبن وآكل الجبنة والزبدة واللبنة ونأكل اللوف والعلت والعقيدة والخبيزة وكل شيء طبيعي ، والله كان فيها بركة مش مثل اكل اليوم، يا بني كنا نفلح الارض قمح ، شعير ، فول ، عدس ، ونجرش القمح والذرة الابيض ونصنع الطحين وكله طبيعي واطيب من اكل اليوم." وتضيف الحاجة حسنة سواعد:" انا خلقت في الكمانة واخواتي في لبنان لانهم هاجروا الى هناك... كنا مرتاحين نفسيا حتى وان كنا قد عملنا في الاعمال القاسية وحياة الشقاء الا انه لم يكن حرب ولا قتل ولا امراض مثل امراض اليوم والذي يموت يموت موت طبيعي لكبر سنه والمهم انه اذا كان جاري بخير فانا بخير».
جرة المياه على الراس... والحطب على الظهر
تسترسل الحاجة حسنة سواعد بانها ومنذ صغر سنها تحب الاستماع لجدها وجدتها فلم يكن راديو ولا تلفزيون والجميع يحبون الاستماع لكبار السن وتضيف:« لقد اعاننا الله ان ادينا العمرة ومن ثم مناسك الحج وكانت رحلة ممتعة وشيقة فهي الرحلة الاولى في حياتي لخارج البلاد، فالحياة اليوم ليس فيها ما يريح وكنت سابقا اسمع من زوجي « ابو ابراهيم» قصصا حلوة وزينة عن حياة الثوار لانه ابو ابراهيم كان واحد من ثوار عام 1936، فكنا نرعى الجمال والابقار ونحضر المياه من نبع وادي سلامة ونجمع الحطب وفي نهاية النهار نعود للبيت وجرة الماء على الرأس وحزمة الحطب على الظهر وكنت أمشي حافية لعدة كيلومترات". فالعلاقات بيننا كانت طبيعية وليس فيها نفاق ولا مصالح وكانت الناس حنونة على بعضها والمخاتير تتدخل لحل كل اشكالية واليوم قد تغيرت طباع البشر واصبح الواحد منا يركض والرغيف « الكردوش» يركض ولا يلحقه».