محمد محاميد في مقاله:
إقالة أصنام النظام المصري البائد وأركانه العسكرية الفاسدة كانت صفعة شديدة ضربت وجه الجميع مبشرة للأمة بأن الرجل المناسب يجلس بالمكان المناسب
تجربة الجزائر المريرة لن تتكرر عقب طواعية النظام العسكري للنظام المدني بمصر فأقولها بوضوح هذه الصفعة أيقظت الجميع على شرق أوسط جديد
تفجير موجة غضب بالشارع المصري على الإخوان والسلطة الحاكمة قد يمهد لثورة مضادة تجمع كل معارضي الإخوان المسلمين
إرادة الله أكبر وأعلى من مكرهم فالله خير الماكرين فقدر للرياح أن تجري على عكس ما تشتهي سفنهم لترسوا حيث لا يشتهي القراصنة
كلي ثقة أن لحزب الحرية والعدالة الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين بمصر برنامج واضح وله أجندة واضحة وإن تم التعتيم على بعضها
إلى كل من شكك في مصداقية الإخوان المسلمين أقول سامحك الله وأعلم أن دعوة الله غايتها والقرآن دستورها والرسول زعيمها والموت في سبيل الله أسمى أمانيها
ما وجدت أبلغ وأفصح من قول الله تبارك وتعالى: { وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ } [الأنفال 30]، ليكون طليعة حديثي ومقدمة مقالي، فمما لا ريّب فيه أن الإصلاحات السياسية العسكرية الأخيرة التي قام بها الرئيس المصري المنتخب الدكتور محمد مرسي المتمثلة بإقالة المجلس العسكري وحله وإحالة قادته وعلى رأسهم وزير الدفاع المشير محمد حسين طنطاوي ورئيس هيئة الأركان سامي عنان إلى التقاعد وإسقاط الإعلان الدستوري المكمل، أحدثت زلزالا ربما أثره الخفيّ أعظم عند بعض العارفين من خبر تنحي الرئيس السابق محمد حسني مبارك أثر ثورة الشعب المصري الحر.
أصنام النظام البائد وأركانه
فإقالة أصنام النظام البائد وأركانه العسكرية الفاسدة كانت صفعة شديدة ضربت وجه الجميع مبشرة للأمة بأن الرجل المناسب يجلس بالمكان المناسب والمقصود بكلامي الرئيس المصري المنتخب وأن هذا الرجل صادق بأقواله ولا يخلف وعوده التي قطعها لشعبه الذي أوصله إلى القصر الجمهوري وعلى رأسها اسقاط المجلس العسكري وحكم العسكر، ومنذرة لأعداء الأمة بأن مشروع الثورة المضادة قد فشل بعد استئصال جذوره وأركانه المتينة، وتجربة الجزائر المريرة لن تتكرر عقب طواعية النظام العسكري للنظام المدني بمصر، فأقولها بوضوح هذه الصفعة أيقظت الجميع على شرق أوسط جديد.
أظهر الحق وأزهق الباطل
فقبل أيام وفي حلول ذكرى غزوة بدر معركة الفرقان التي فرق الله فيها ما بين الحق والباطل وأظهر الحق وأزهق الباطل في السابع عشر من رمضان الحالي، قامت مجموعة مسلحة مقنعة لا هوية ظاهرة لها وما تخفي في باطنها يكتنفه الغموض بمهاجمة مركز حدودي للجيش المصري منطلقة من جنوب قطاع غزة مخترقة للحدود المصطنعة الناتجة عن مؤامرة سايكس-بيكو ولن اخوض في ذلك كثيرا لأن الخوض فيه يشكل خروج عن اطار الموضوع وقتل عدد من الجنود المصريين وإصابة آخرين بجروح وسرقة عربة مصفحة انطلقوا فيها نحو الحدود الإسرائيلية وتحديدا معبر كرم أبو سالم الذي تم اخلائه وفق ما ذكر في بعض وسائل الاعلام من موظفيه قبل ثلاث ساعات من تنفيذ العملية على عكس العادة اليومية، وهم يشقون طريقهم وجدوا الطائرات الإسرائيلية تنتظرهم على عكس العادة أيضا لتمطرهم بحمم قذائفها وترديهم صرعى، فالحادث ترك انطباعا وريبة في نفوس المراقبين ربما نفذته جهات لا بوصلة لها بل وإن كان لها بوصلة فهي منحرفة بدعم وتوجيه وعلم جهات نظامية تعيش هنا في منطقتنا تسعى لإغراق المنطقة بظلام دامس وبمعركة لا معنى أو قيمة لها ناتجة عن الهدف الحقيقي لهذه العملية الجبانة وهو توتير العلاقة ما بين الرئاسة المصرية والحكومة الشرعية الفلسطينية بغزة التي كلاهما بيد جماعة الإخوان المسلمين بمصر وفلسطين، وتفجير موجة غضب بالشارع المصري على الإخوان والسلطة الحاكمة قد يمكن أن يمهد لثورة مضادة تجمع كل معارضي الإخوان المسلمين على الأوانهم المختلفى ومشاربهم المتنوعة، مما يسهل على هذا النظام المذكور اعلاه أن يروض النظام المصري ويحتويه من جديد وأن يفرض سيطرته التي افتقدها على الحدود المصرية مع قطاع غزة وأن يتجنب تدخل ورد فعل الناظم المصري الجديد على أي عدوان قريب أو بعيد على قطاع غزة.
الله خير الماكرين
ولكن إرادة الله أكبر وأعلى من مكرهم فالله خير الماكرين فقدر للرياح أن تجري على عكس ما تشتهي سفنهم، لترسوا حيث لا يشتهي القراصنة، فكلي ثقة أن لحزب الحرية والعدالة الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين بمصر برنامج واضح وله أجندة واضحة وإن تم التعتيم على بعضها، وكذلك لمشروع النهضة الذي يقوده الدكتور الرئيس محمد مرسي سلم أولويات وعلى رأسها تطهير البلاد رحمة بالعباد بالتخلص من البقايا القذرة من العهد القديم للنظام البائد المفسدة في الأرض عسكريا وإعلاميا، فكان من باب الأولى التخلص من العسكر حراس الفلول وحماة مؤامراتهم، وعلى ما يبدو لي أن شدة الحنكة والعقلية المنفتحة التي يتحلى بها أبناء المشروع الإسلامي في مصر سمحت لهم ببقاء المجلس العسكري وعدم اقالته دون مبرر أو سبب حتى يتجاوزوا تجربة القائد نجم الدين أربكان في تركيا، فمكثوا متربصين بهم حتى جاءت اللحظة الفارقة وهي العملية التي دبرها خفافيش الليل على الحدود المصرية مع قطاع غزة لينالوا من الإخوان فنال الله رب الإخوان منهم وانقلب السحر على الساحر فوجد الدكتور محمد مرسي بهذه العملية سببا مقنعا للعالم كله ومحرجا للمجلس العسكري العاجز العجوز لإقالته وإرساله إلى التقاعد، فسبحان الله الذي جعل نبيه موسى يتربى بقصر فرعون بمصر حتى أهلك الله الظالمين بظلمهم وجعل الأيادي الخبيثة تحفر للإخوان حفرة بمصر فأسقطهم الله فيها وباتت قبرا يمتلئ بأوزار خبثهم.
مصداقية الإخوان المسلمين
وإلى كل من شكك في مصداقية الإخوان المسلمين بعد بقاء المشير طنطاوي بالحكومة الجديدة أقول سامحك الله وأعلم أن دعوة، الله غايتها والقرآن دستورها والرسول زعيمها والموت في سبيل الله أسمى أمانيها لا يمكن أن تتساقط ثوابتها كأوراق الشجر بفصل الخريف، وأن جماعة لم تتزحزح عن مبادئها ولم تترك الحق أو تحيد عنه بينما كانت أعواد المشانق تُعلق لرجالها وأبواب الزنازين تُفتح لأفرادها، لا ولن تسقط عقيدتها عندما عُلقت الأوسمة لقادتها وأبناءها وفُتحت المجالس النيابية كالبرلمان والشورى والقصر الجمهوري لرجالها، فلك الله يا دعوة الخالدين.
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net