المشاركون يجمعون على الدور الفاعل للمسيحي العربي في مجتمعه الذي يعكس وجوده الأصيل في المنطقة بالمشاركة مع أخيه المسلم العربي ضمن الحضارة العربية المشتركة
عقدت مساء أمس الأول الجمعة ( 22/9) في الكنيسة الأسقفية الإنجيلية في شفاعمرو ندوة لمراجعة كتاب "عرب مسيحيون: أصالة، حضور، انفتاح" لمؤلفه الدكتور جريس سعد خوري، وذلك بدعوة من "مركز اللقاء" في الجليل. وشارك في الندوة المطران الدكتور بولس ماركوتسو، القس فؤاد داغر، الباحث الدكتور جوني منصور والكاتب الصحفي زياد شليوط بالإضافة إلى مؤلف الكتاب.
افتتح اللقاء مرحبا القس فؤاد داغر، راعي الكنيسة الإنجيلية في شفاعمرو. وتولى الكاتب زياد شليوط عرافة الندوة وكانت المداخلة الأولى للقس فؤاد داغر، الذي قدم مراجعة للباب الأول من الكتاب ومما قاله" أن المؤلف يتطرق في هذا الباب للمسيحيين الفلاسفة واللاهوتيين القدماء وحواراتهم ومساهماتهم في بناء الحضارة العربية مع إخوانهم المسلمين. وعندما أقرأ تاريخي وتراثي هذين فان ذلك يضعني كمشرقي أمام تحد في ضرورة معرفة ذاتي وهويتي ، والتحدي الأكبر في أن أواصل حمل الرسالة والإرث ونقلهم للأجيال القادمة." وأضاف بأن العرب المسيحيين هم صناع حضارة وفكر وأصحاب تاريخ مجيد وإسهامات في بلورة كل مفاهيمنا في شرقنا الغالي. وشكر القس داغر المؤلف على جهده الكبير والمميز ودعا إلى ضم الكتاب إلى مكتبة في البيوت للاستفادة والتزود منه.
وتلاه الباحث الدكتور جوني منصور فقدم قراءة في مواد الباب الثاني للكتاب منوها إلى أن الكاتب يدعو إلى بناء هوية مسيحية عربية تعرف ذاتها أولا ثم تنفتح على الآخر، من منطلق أن إيماننا المسيحي وانتمائنا العربي عنصرين يدعوانا للانفتاح والعيش مع الآخر.ورأى منصور أن المؤلف يدعو إلى تربية وطنية وتنشئة قومية لن تتم ما لم تتغير المناهج التعليمية. وبالنسبة لدور المسيحيين الفلسطينيين بعد عام 48 قال بأنه جرى تهميشه في اتجاهين الأول تهميش ذاتي قامت به المجموعة المسيحية والثاني خارجي مارسته أطراف خارجية.
وقام بمراجعة الباب الثالث الكاتب زياد شليوط فرأى أن هذا الباب يعالج قضيتين وهما أزمة الهوية القومية والوطنية عند الإنسان الفلسطيني عامة والمسيحي خاصة والتي باتت بحاجة لعملية تجديد بعد حالة التكلس التي أصابتها، وترافق أزمة الهوية كذلك أزمة الحضارة. والقضية الثانية تتناول مشروع إعداد لاهوت فلسطيني يناسب ظروف الإنسان الفلسطيني التي تختلف عن ظروف الإنسان الغربي ، وهنا يوجه المؤلف النقد للكنيسة المحلية على تقاعسها لكنه يعدد النواحي الايجابية أيضا والتي ظهرت في العقود الأخيرة، حيث يقدم المؤلف اقتراحات عملية لبلورة فكر لاهوتي محلي ينبع من الجذور العميقة للثقافة الفلسطينية ضمن السياق الإسلامي الحضاري للمنطقة.
وقدم سيادة المطران بولس ماركوتسو، النائب البطريركي اللاتيني العام في الناصرة مداخلة شاملة حول الكتاب ، أشاد فيها بجهود المؤلف ومركز " اللقاء" في إجراء الدراسات الدينية والحضارية ، وعرج على الدراسات التي تتحدث عن المسيحيين العرب في السنوات الأخيرة وخاصة من قبل باحثين غربيين، كما أشار إلى وجود مئات آلاف المخطوطات المسيحية العربية التي تحتاج إلى من يدرسها وينقحها ويقدمها للجمهور الواسع . وجوابا على تساؤل مصيري طرحه حول وجود ومستقبل المسيحيين العرب في المنطقة، قال بأن دورهم كبير وهو الدور الثقافي وتابع سيادته " حتى أعيش إيماني أنا بحاجة لثقافة وثقافتي عربية ، وعلي أن أتجذر في موقعي وأنفتح على الآخر، وهذه العملية تلخصها كلمة سحرية رعوية عملية وهي : لاهوت التجسد."
وكانت الكلمة الأخيرة لمدير مركز " اللقاء" ومؤلف الكتاب الدكتور جريس سعد خوري الذي قال بأن الحديث عن المسيحيين العرب لا يعني الانغلاق إنما العكس ، واستمرارا للكتاب الحالي فسيصدر له كتاب جديد الأسبوع القادم بعنوان "عرب مسيحيون ومسلمون" ويهدف الكتابان إلى تأكيد دور العرب المسيحيين في التاريخ وهو دور كبير وفعال.وتطرق إلى موضوع المخطوطات وأرشيفات الكنسية الغنية بالوثائق ودعا الكنائس إلى فتح أبوابها وأرشيفاتها وصناديقها أمام الباحثين الشباب للدراسة والبحث فأي كتاب يصدر في هذا المجال يعزز مكانة الكتب المسيحية المحلية. وانتقل د. خوري للحديث عن المشاكل التي تواجه الإنسان العربي المسيحي وأهمها الهجوم الغربي على العرب والمسلمين والذي يدفع ثمنه المسيحيون العرب في المنطقة، وانتقد ما جاء في محاضرة البابا الأخيرة من إساءة للمسلمين وطالب قداسته بحذف ذلك الاقتباس المسيء من محاضرته وبذلك يضع حدا للقضية وتفاعلاتها.
إفطار رمضاني في حيفا بدعوة من مركز " اللقاء"
واستمرارا في النشاطات الثقافية والحوارية يقيم " مركز اللقاء" فرع الجليل إفطارا رمضانيا مساء يوم الجمعة القادم في حيفا، يحضره عدد من الشخصيات الإسلامية والمسيحية والدرزية من المنطقة، يسبق الإفطار لقاء حواري حول محاضرة البابا بندكتوس السادس عشر في ألمانيا وتأثيرها على العلاقات الاسلامية – المسيحية، ويدير النقاش الدكتور جريس خوري، مدير مركز اللقاء.