الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 24 / نوفمبر 08:01

لقد كادت الأرض ان ترتوي دموعا على اثر رحيلك/المودع احمد فياض محاميد

كل العرب
نُشر: 05/10/12 15:05,  حُتلن: 08:00


وداعا وداعا يا بسام، اصدقك القول اني ترددت كثيرا قبل أن اتخذ القرار في أن احرر هذه الكلمات واصدقك القول كانت لهذا التردد عدة اسباب :ومن بينها خشيت وما زلت اخشي ان لن اجد الكلمات التي يمكنني بواسطتها التعبير عن الألام التي صاحبت رحيلك الذي كان متوقعا لدى الجميع والسؤال الذي طرحته امام نفسي..بأي حق يحق لي ان اؤبن شخص لا توجد لدي الكلمات الكافيه التي يمكنني من خلالها التعبير عن مسيرته وسيرته؟.

وخشيت ايضا من غضبك علي رغم من انني لم اراك يوما غاضبا بل كنت اراك يا بسام دائما مبتسم خشيت ان استعمل عبارات وكلمات للتعبير بها عن الالام والتي من الممكن ان تغيظك، لأنك دائما كنت متفائلا وتزرع في حقلنا بذور التفائل .بسام وداعا..بسام لقد شاهدت ما لا بد ان شاهدته انت ايضا، شاهدت الألاف المؤلفه التي اتت لكي تلقي عليك النظره الأخيره، شاهدت الرؤس جميعها منكوسه، لم اشاهد عيونها لانها كانت منكوسه الى الأرض وكأنها ترى برفع الرأس خجلا ولكن شاهدت الدموع التي كانت تسكب من عيون هذه الالاف المؤلفه,لقد كادت هذه الدموع ان تروي الارض دون ميعادها، هذه الدموع لم تسكب لهذا الغرض، هذه الدموع انفجرت لكي تطفئ نيران ولهيب الحزن والالم فلا يوجد هناك شيئ ان كان في امكانه اطفاء نيران الحزن ونيران قلوبنا الا الدموع فتهافتي وتهافتي وتهافتي يا دموع !واطفئي نيران قلوبنا! اني اخشى بأن تجف هذه الدموع وان لا نجد بما نطفئ فيه نيران ولهيب حزننا، فأنتي سلاحنا الوحيد الذي يساعدنا التغلب على لوعتنا .

لقد شاهدت يوم رحيلك الأشجار في المدرسه غاضبه واوراقها تتساقط وخشيت ان تساقطها هذا يبشر لنا عن خريف في حياتنا بل السؤال الذي طرحته على نفسي هل هذا خريف عابر ام خريف حياة هذه المدرسه .لقد شاهدت الاف الطلاب وهم واقفون ينتظرون المركبات ولكنني لم اشاهدهم في أي يوم من الأيام بهذه السكينه التي خيمت على وجوههم,فكان الحزن مخيم عليهم، كنت مستعد ان اقسم اليمين بأنني امام الاف الطلاب الصم والبكم، لقد شاهدت الوجوه الشاحبه على جميع الزملاء ولكنني اصدقك القول شاهدت شخصا واحد مبتسم وهو انت. وانا اسألك كيف تسمح لنفسك ان تبتسم امام هذا الكم الغفير الذي يعاني من شدة اللوعه ولكنك ابيت الا ان تبتسم لأنك هكذا وعشت هكذا ومت هكذا...وانت مبتسم!.وبعد هذه المقدمه التي حاولت من خلالها اضع سياجا حولي اذا استطعت بالفعل ان افعل ذلك فدعني يا بسام ادخل الى صلب الموضوع.

اني اعلم وانا هنا خير العارفين بأنك حاولت ان تكافح العدو الذي اتى ان يسلبك منا وهو المرض، ولكن يا بسام رغم مقاومتك له كان للأسف سلاحه اقوى من سلاحك ولكن اعلم بأن هذا سلاح القدر وهو اقوى من سلاحنا,فكنا مستعدين ان نفديك بأي ثمن كان ولا تفكر للحظه بأننا قد بخلنا بذلك اعلم بأننا لن نتخلى عنك من ارادتنا ولكن مشيئة الله وارادته هي من فوق الجميع .
قد يجوز بأنك رحلت عنا, قد يجوز بأننا افتقرناك ومن الممكن ان نكون قد خسرناك، ولكن اعلم وانا اخاطبك وانت تحت الأرض بأننا جميعنا زملائك وابناءك، و سنبقى على شريعتك التي حاولت ترسيخها بقلوبنا واستطعت بذلك، شريعتك يا بسام كانت تحتوي على ثلاثة ركائز:حبا الاخرين الغير مشروط والعطاء دون انتظار المقابل والعمل الدؤوب دون الملل، فهذه شريعتك والان اصبحت شريعتنا فأن فقدنا جسدك لن نفقد روحك التي تجلت في دستورك الذي وضعته لنا.

ذكراك سيبقى خالد ومخلد في قلوب هذه الالاف وبصماتك التربويه التي تركتها على كل هذه الاجيال تكون بها قد وضعت الأسس لبناية هذا المجتمع من خلال هذه الاجيال التي مشت خلف نعشك وهي تقول وداعا وداعا ايها الاب الخالد نام وارتاح نحن سنسير على ضوء المصباح الذي وضعته لنا لكي ينير لنا الظلام الذي سيكون من بعد هجرك لنا. ونسأل الله سبحانه وتعالى ان ينير هذا المصباح طريقك وانت صاعد الى مقابلة الحق .بسام مقابلتك للحق هي حق والامنا ولوعتنا عليك حق، وعبراتنا التي انهمرت عليك ايضا هي حق، اذا لا بد لي من انهاء تأبيني هذا، قد يجوز اني انهيته ولكنني لن استطيع بهذا ان انهي الام الجماهير الغفيره فلا حول ولا قوه الا بالله عليه العظيم وان لله وان اليه لراجعون . وكل من عليه فان وسيبقى وجه ربك ذو الجلالة والأكرام.
واسأل الله ان يدخلك فسيح جناته وانت مبتسم يا بسام,وداعا يا بسام.

موقع العرب يفسح المجال امام المبدعين والموهوبين لطرح خواطرهم وقصائدهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع منبرا حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع على العنوان: alarab@alarab.net
 

مقالات متعلقة