قدس الأب جورج أيوب أمين عام البطريركية اللاتينية في مقاله:
مهما تعددت الأسباب فإن الحرب تبقى عملاً لا أخلاقياً
السلام هو عمل الشخص البشري ويعتمد على الإرادة الطيبة والقرار الشخصي
المسؤولون عن السلام هم البشر أنفسهم وعندما يتحقق السلام تسود المحبة والوفاق والأمان
الكنيسة تسمح بحق المقاومة اللاعنفية في وجه الحكام غير الشرعيين وعصيانهم متى تتعارض قوانينهم مع الضمير الحي
الكنيسة تؤكد أن السلام ليس مجرد غياب الحرب بل هو ثمرة العدل هو ثمرة النظام المغروس في المجتمع البشري من قبل الخالق والذي يجب أن يتحقق من قبل الناس
في هذا الصراع نتخيل من جديد هيرودس الذي يهدد من جديد ويرسل آلته العسكرية ليفتك بالأطفال والفقراء والمحرومين ويدمر البيوت والمساجد ويحاصر الكنائس ويحرق الأرض
انطوت صفحة هيرودس القديم وكذلك ستنطوي صفحة هيرودس الجديد فالجالسون في الظلمة وظلال الموت سيبصرون نوراً عظيماً طالما هم على رجاء النور ثابتين
تؤكد الكنيسة أنَّه مهما تعددت الأسباب فإن الحرب تبقى عملاً لا أخلاقياً. في العهد القديم شجب الأنبياء باسم الله كل قهر وظلم، وفضحوا كل من يتذرع باسم الله لتبرير الأطماع البشرية وأهواء الهيمنة والجشع ومنع البشرية من أن تكوِّن عائلة واحدة متآخية، متحابة، متسالمة، لا ظالم فيها ولا مظلوم، ولا سيد ولا عبد.
قدس الأب جورج أيوب أمين عام البطريركية اللاتينية
أذكر هنا بعض مواقف الأنبياء:
النبي هوشع: "13لأَنَّكُمُ اتَّكَلْتُمْ عَلَى مَرْكَبَاتِكُمْ وَعَلَى كَثْرَةِ مُحَارِبِيكُمُ الْجَبَابِرَةِ. 14لِذَلِكَ يُدَوِّي زَئِيرُ الْمَعْرَكَةِ بَيْنَ شَعْبِكَ، وَتُدَمَّرُ جَمِيعُ حُصُونِكَ" (هوشع10: 13-14).
النبي حبقوق: "12وَيْلٌ لِمَنْ يَبْنِي مَدِينَةً بِالدِّمَاءِ، وَيُؤَسِّسُ قَرْيَةً بِالإِثْمِ!" (حبقوق2: 12).
النبي حزقيال: "قِيلَ لَهُم هَكَذا قَالَ السَيِّدُ الرَبَّ: أَتَأْكُلُونَ اللَّحْمَ بِالدَّمِ وَتَتَعَلَّقُ عُيُونُكُمْ بِأَصْنَامِكُمْ وَتَسْفِكُونَ الدَّمَ، ثُمَّ تَرِثُونَ الأَرْضَ؟" (حزقيال33: 25-26).
يسوع البائس المظلوم
أما في العهد الجديد فقد كشف يسوع كل أبعاد الظلم إذ جعل نفسه واحداً من البائسين والمظلومين. كذلك ما زال يفعل مع مظلومي اليوم أياً كانت هويتهم ودينهم. وفي يوم الدينونة سيتعجَّب الأبرار والأشرار على حد سواء عندما سيسمعون ابن البشر يقول لهم: " الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هَؤُلاَءِ الصِّغَارِ، فَبِي فَعَلْتُمْ! الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ لَمْ تَفْعَلُوا ذَلِكَ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هَؤُلاَءِ الصِّغَارِ، فَبِي لَمْ تَفْعَلُوا! (متى25: 40، 45).
صراع الشعبين
في الأرض المقدسة صراع بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، نراه اليوم واضحاً في قطاع غزة. في هذا الصراع نتخيل من جديد هيرودس الذي يهدد من جديد، ويرسل آلته العسكرية ليفتك بالأطفال والفقراء والمحرومين ويدمر البيوت والمساجد ويحاصر الكنائس ويحرق الأرض. انطوت صفحة هيرودس القديم وكذلك ستنطوي صفحة هيرودس الجديد. الجالسون في الظلمة وظلال الموت سيبصرون نوراً عظيماً طالما هم على رجاء النور ثابتين.
توطيد السلام
قد أوضح المجمع الفاتيكاني الثاني أهمية السلام في مرسوم "الكنيسة في عالم اليوم" إذ يقول:
"عبثاً يعملون على توطيد السلام ما دامت روح البغضاء والازدراء، وما دامت الأحقاد العرقية والمواقف الأيدولوجية المتصلبة تُمزق صفوف البشر وتُنهض بعضهم في وجه بعض. من هنا الحاجة الكبرى والملحة إلى تجديدٍ في تنشئة الذهنيات وإلى وحي جديد في الرأي العام. فعلى الذين نذروا أنفسهم لعمل التربية، ولا سيما تربية الشبان، أو الذين يهيئون الرأي العام، أن يجعلوا همهم الأكبر في تغذية عقول الجميع بروح جديدة تتعطش إلى إقامة السلام. ولا ندعنَّ الآمال الكاذبة تخدعنا. فإذا أزيلت الخصومات والأحقاد، ولم تُعقد للمستقبل معاهدات ثابتةٌ ونزيهةٌ من أجل السلام الشامل، فالإنسانية الغارقة اليوم في أزمة خطيرة، تسير إلى يوم مشؤوم لا تعرف فيه سلاماً غير سلام الموت الرهيب. لهذا فالكنيسة تبشر دائماً من أجل السلام الشامل والعادل من خلال الرسالة التي تلقتها من الرسل (2كور6: 2): "فها هُوَذا الآنَ وَقتُ القَبولِ الحَسَن، وها هُوَذا الآنَ يَومُ الخَلاص ".
السلام ليس مجرد غياب الحرب
تؤكد الكنيسة أن السلام ليس مجرد غياب الحرب، بل هو ثمرة العدل. هو ثمرة النظام المغروس في المجتمع البشري من قبل الخالق والذي يجب أن يتحقق من قبل الناس الذين يسعون من أجل بناء عدالة أكمل. السلام هو عمل الشخص البشري ويعتمد على الإرادة الطيبة والقرار الشخصي. فالمسؤولون عن السلام هم البشر أنفسهم. وعندما يتحقق السلام تسود المحبة والوفاق والأمان.
الكنيسة تسمح بحق المقاومة اللاعنفية
أما بالنسبة للمقاومة فالكنيسة تسمح بحق المقاومة اللاعنفية في وجه الحكام غير الشرعيين وعصيانهم متى تتعارض قوانينهم مع الضمير الحي. ندعو الله تعالى لكي يمنح المسؤولين الذين بيدهم مصير الشعوب كل حكمة من لدنه من أجل وقف هذه الحرب واحلال السلام وقيام دولة فلسطين على حدود 67 بجانب دولة إسرائيل بحسب الشرعية الدولية.
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجي إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير علي العنوان:alarab@alarab.net