الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 18 / أبريل 22:01

سؤال للنساء والرجال: هل عمل الرجل في البيت يؤثر على رجولته؟! ما رأيكم ؟!

كل العرب
نُشر: 14/01/13 09:08,  حُتلن: 09:36

عمل الرجل في البيت ومساعدته لزوجته عامل اساسي من عوامل تعزيز الالفة والمحبة بين الزوجين وترسيخ مبدأ التعاون والتفاهم بينهم برأيك انت هل تجد أن عمل الرجل في البيت يقلل من رجولته ؟ أم هو تنازلاً لكي يرعى ويتعاون مع زوجته ويشعرها بألفته !

النواحي الاجتماعية تعتبر– لكل الناس - من أكبر العوامل التي تخفف عن الإنسان ما يعانيه من المتاعب النفسية – رغم متاعبها الذاتية – لأنها تعمل على التفريغ الذاتي للمشكلات الشخصية بالاهتمام بالآخرين وتفقد أحوالهم السارة أو المحزنة

قبل عقدين أو ثلاثة من الزمن على الأكثر لم يكن يتصور أحد أنه ستوجد مهن يمارسها الرجل دون أن يخرج من بيته، وكان الأكثر صعوبة على التصور أن يتأقلم المجتمع ويتقبل قضية وجود الرجل بشكل دائم في البيت وممارسته عمله الأساسي الذي يدر عليه الدخل اللازم لقيام بيته دون أن يحتاج للخروج . فبعد ظهور التقنية الحديثة من جهاز الحاسب ثم الدخول إلى شبكة الإنترنت تولدت مهن مرتبطة به، منها برمجة برامج الحاسب وإنشاء المواقع الالكترونية وتصميمها والعمل على برامج الحاسب التصميمية، ومنها متابعة الأسهم والسندات في البورصات، ومنها العمل في الموقع الإخبارية كالتحرير والنشر والترجمة، وأيضا مهن التأليف والكتابة والنشر بعد أن اعتاد الكُتاب على الكتابة على لوحة المفاتيح بدلا من الورقة والقلم.

 
صورة توضيحية

ولاشك فان الأساس والأصل في العلاقة الزواجية أن يكون الرجل في عمله خارج البيت وتكون الزوجة داخله، ثم يأتي الرجل إلى البيت بعد نهاية عمله محملا بعبئ العمل وهمومه، ثم يدخل بيته فيحاول أن يلقي همومه خارج البيت ليأنس بأهل بيته من زوجة وأبناء وأهل - في علاقة تكاملية جعلها الله من الآيات - فيحاول أن يرفع عنهم ما مر بهم من هم أو غم خلال اليوم، ويرفعون عنه ما ألم به من مكدرات، ويتجهز كل منهم لإنطلاقه في عمله في اليوم التالي وهو نشيط مستعد لمواجهة عقبات اليوم الجديد لأنه يعرف أن له سكنا سيعود إليه ويسكن فيه ويستريح .

سلبيات
ولكن الأمر يختلف كلية إذا قدر الله أن يكون عمل الرجل في البيت، إذ يقتطع الرجل غرفة أو مكانا يضع فيه جهاز الحاسب الثابت أو المحمول ويبدأ عمله، وعادة لا يأخذ ذلك العمل صفة الدوام المحدد الوقت فتراه يستغرق وقتا طويلا من اليوم، وربما يكون مستهلكا لليوم كله، ورغم ذلك قد لا يفي ذلك الرجل بمتطلبات عمله إذ تنخفض الإنتاجية جدا بالمقارنة بعمله إن كان خارج بيته. وكعادة كل أمر جديد خارج عن الطبيعي والمألوف فلابد وأن يكون فيه عدة سلبيات نحاول أن نلقي عليها الضوء:

أولا : سلبيات صحية
أغلب هؤلاء يجلسون على مكتب أو مقعد صغير وينظرون طوال الوقت إلى شاشة صغيرة وقريبة، دون أن يحاولوا أن يتحركوا أو يغيروا من جلستهم لأنهم في قمة الانهماك والتركيز، هؤلاء تصيبهم أمراض خاصة بدأ الأطباء في تسميتها كحزمة واحدة بأمراض المكاتب ومنها :

- آلام الظهر والرقبة من الثبات الطويل على جلسة واحدة لا تتغير .

- تشنُّج وضعف في بعض العضلات خاصة في منطقتي الكتف والرقبة ممّا قد يؤدي إلى صداع في الرأس، كما يشعر الإنسان برغبة دائمة في النعاس مع الإحساس بخمول دائم.

- ضعف في الدورة الدموية نتيجة قلّة الحركة .

- البدانة .. فيلاحظ بعد فترة من هذا العمل تزايد نسبة السمنة بين هؤلاء نتيجة قلة الحركة وقلة حَرق السعرات الحرارية، وربما يتمادى البعض فيكثر من تناول الأطعمة والمشروبات في غير مواعيد أو نظام دونما التفات وخاصة عند التركيز في القراءة أو الكتابة .

- الإصابة بالإمساك وسوء هضم الطعام نتيجة أيضا لقلة الحركة التي تساعد على مواد تفرزها المعدة للهضم .

- ضعف النظر: بسبب التركيز على شيء قريب للنظر، مما يُتعب عضلات العين، ويؤدي إلى صداع في الرأس .

وغير ذلك من الأمراض المختلفة التي تجمع بين هؤلاء، والذين يظنهم الناس أنهم أكثر الناس راحة إذ يعملون على مكاتب .

ثانيا: سلبيات من الناحية النفسية
على الرغم من تلك الفاتورة الباهظة التي يدفعها هؤلاء، إلا أنها بالمقارنة بغيرها هي أقل الأضرار التي يتعرضون لها، إذ أن هناك مجموعة من الإنعكاسات النفسية التي تؤثر عليهم بشدة وتزداد وطأتها يوما بعد يوم :

- نتيجة لابتعادهم الدائم عن الناس ونتيجة لكثرة انفرادهم تقل عند معظمهم الرغبة النفسية في مخالطة الناس، ويؤثرون العزلة ولا يتحملون الخروج من البيت، ويعتبرونه عبئا ثقيلا عليهم، ويتخذون قرار الخروج بصعوبة شديدة مما يعرضهم لتقصير شديد في الجانب الاجتماعي لأسرهم وأسر زوجاتهم وتلبية رغبات أبنائهم في الخروج أو التنزه، ويشعر معظمهم أيضا بالإغتراب النفسي بين الناس ويحنون إلى اللحظة التي يعودون فيها إلى أجهزتهم حتى لو لم يكن مطلوبا منهم عمل شيء على وجه السرعة.

- تؤدي بعض هذه الحالات لنوع من التوحد مع الجهاز، وتؤدي بالبعض للدخول في دائرة إكتئابية لا يستطيعون الخروج منها، وكأنها حبال شديدة تلتف حول رقابهم تزداد يوما بعد يوم، ويشعر بعضهم بأنه على الرغم من صغر سنة إلا أنه يشعر بأنه وصل لمرحلة الشيخوخة والهرم بدنيا ونفسيا، فلا رغبة في عمل جديد ولا يملك الطموح الذي يدفعه للسعي والكفاح والمثابرة، ويظهر هذا الأمر بكل وضوح مع الكتاب والصحفيين الذين يعملون في الجوانب الخبرية لكثرة ما يسمعون ويقرئون ويكتبون من أخبار مأساوية وقتلا وتشريد ودمار أو ممن يحملون هما وقضية يدافعون عنها .

- يحدث للكثير منهم نبية الزائدة الدائمة التي تجعلهم لا يتحملون من حولهم وتجعل الواحد منهم عالي الصوت سريع الغضب كثير الحزن قليل الراحة، وربما يؤدي ذلك إلى أفعال مع الزوجة والأبناء يندم عليها الإنسان بعدها نتيجة لتوتره وعصبيته .

- نتيجة لكون العمل منزليا فقد لا يكون موقوتا بوقت محدد، نجد عند معظمهم إضطرابات في مواعيد النوم والاستيقاظ، مما يؤثر على جهازهم العصبي ويضغط عليه بشدة، فيزيد ذلك من توترهم وخاصة أنهم حينما ينامون لا يجدون في نومهم الراحة الكافية لعدم فصل موضع النوم عن موضع العمل بمكان ووقت كافيين لكي تحدث لهم حالة من الاسترخاء ويخرجوا من الشعور التي يسيطر عليهم أثناء القراءة أو الكتابة .

- ونتيجة للضغوط النفسية عليه فربما يصاب بعضهم ببعض الأمراض التي يسميها الأطباء بالأمراض النفسجسمانية (psychosomatic disorders)، وهي الأمراض التي تنتج عن ظروف نفسية أو ضغوط، وهذا ما أكدته دوريات علمية مثل التي صدرت عن جامعة كاليفورنيا بلوس أنجلوس بالولايات المتحدة، ونشرتها في إحدى الدوريات العلمية المتخصصة في علم الجينات (Genome Biology) وخلصت إلى هذه النتيجة " أن العزلة الاجتماعية والوحدة تؤديان إلى اختلالات في وظائف جهاز المناعة وإلى تحفيز بعض الجينات المسئولة عن تنشيط عملية الالتهاب داخل الجسم " (1)

ثالثا : سلبيات على الناحية الاجتماعية
تعتبر النواحي الاجتماعية – لكل الناس - من أكبر العوامل التي تخفف عن الإنسان ما يعانيه من المتاعب النفسية – رغم متاعبها الذاتية – لأنها تعمل على التفريغ الذاتي للمشكلات الشخصية بالاهتمام بالآخرين وتفقد أحوالهم السارة أو المحزنة، فتخرج بالإنسان من دائرته الضيقة إلى دائرة أوسع وأرحب، ولعله ينسى فيها ضغوطه الخاصة لما يجد فيها سلوى عن مشاكله، ويشعر بأنه لا يعاني مثلما يعاني غيره، فيذهب عنه الأثر السلبي لضغوط عمله، ولكن وجود عمله داخل بيته يبعده وبانتظام عن الاجتماعيات نتيجة لإضطراب وقته فلا يخرج لزيارة مريض أو لتوديع مسافر أو استقباله أو لمناسبات سارة أو غيرها .

وبعد فترة من الوقت وبعد تأقلم المجتمع المحيط على ذلك الوضع الغريب تقل الزيارات الخاصة له من الأقارب والجيران والمعارف والأحباب، نظرا لعلم الجميع أن البيت صار مكانا للعمل ويخشى الناس أن يتسببوا في تعطيله عن عمله لما يرونه منه من انهماكه في عمله في وجودهم أو غيابهم، وبعدها بفترة قد لا يزوره إلا القليل منهم وتكون أغلب الزيارات خاطفة، وربما لا تكون الزيارات إلا زيارات عمل أيضا ممن يعملون في نفس مجاله أو ممن يرتبط معهم برباط عمل، وهذه تساهم أيضا في تعميق ذلكم الوضع السيء ولا تؤتي بثمارها في تفريغ شحنة أو تغيير حالة نفسية.

وللحديث بقية عن تأثير عمل الرجل في بيته على علاقته الزوجية وخاصة إن تمت البلوى بأن كانت الزوجة تعمل خارج البيت، وعن تأثيره على الجانب التربوي في علاقته بأبنائه كبارا أو صغارا، وبعدها نعرض لاقتراحات للتخلص من تلك المشكلة أو تخفيف آثارها.

مقالات متعلقة