عبد الحي اغبارية من جت المثلث يكتب القَصيدَتان التَّوأمَان:

صَفـــوُ الحَيـَــاة (التّوأم ألأوَّل)

بَـــــلَـدِي (التّوأم ألثاني)

صَفـــوُ الحَيـَــاة

أعدَدتُ للجَنَّاتِ مِسكَ خِتَامي وَرأيْتُ فِيهَا غَايَتِي وَمَرَامِي

وَوَجَدتُ فِي الصَّفحِ الجَّمِيلِ سَعَادَتِي وَوَهَبْتُ للكَونِ الكَبيرِ غَرَامِي

وَمَددْتُ كَفِّـي للسَّلامِ مُصافِحــاً أرجُـو رِضَــاءَ الوَاحِـدِ العَلّامٍ

عَانَيْتُ وَيْلَاتِ الخِصَامِ وَمُرَّهَا وَكَوَى لَظَاهَا أضلُعِي وَعِظَامِي

وَغَدَوتُ أسْعى للوِئَــامِ وَحُلْوِهِ أرْجُو الأمَانَ وَراحَتِي وَسَلَامي

تَصْفُو الحَيَاةُ إذَا أرَدتَ صَفَاءَهَا وَتَفِيضُ مـِن خَـيْـرٍ وَمِـن إنْعَامِ

وَإذَا أبَيْتَ نَعِيمَهَـا فَجَحِيمُـهَـا يـأتِيـكَ فِـي فَيـْضٍ مِــنَ الآلَامِ

وَتَقُومُ فِي قَلْبِ المُثَلَّثِ قَرْيَــةٌ مَشْهُورَةُ الأخْـوَالِ وَالأعمَــامِ

طَبَعَت عَلى التَّهذِيبِ خُلْقَ نِسَائِهَا وَعَلى نَقَاءِ العِرضِ والأرحَامِ

نَسَجَت خُيُوطَ الوُدِّ بَيْنَ رِجَالِهَا وَبَنَت شَمائِلَهُم عَلى الإسْلامِ

فَتَمَايَزُوا وَتَفَاضَلُوا فِي طَاعَةٍ وَتَفَاخَرُوا فِي العِلمِ والإكْرامِ

عَــمَّ الهُدُوءُ حياتَهُم وتــآلَفـُوا وَتَـمَتـَّعُــوا بِــحَـلاوَةِ الأيَّــامِ

أمَّا هَنَاءُ العَيشِ كَيفَ دَوَامُهُ؟ والدَّهْرُ ذُو صَفْوٍ وَذُو إيلامِ

لكِنَّ كَدْرَ العَيْشِ حَتْماً يَنْجَلِـي والحُبُّ يَبْقَى رَاسِـخَ الأقْدَامِ

وَتَسُودُ بَيْنَ النَّاسِ رُوحُ مَوَدَّةٍ وَرْدِيَّــةُ الآمــالِ والأحْــلامِ

عَبِـقٌ شَذَاهَــا حُـرَّةٌ أفْـيَاؤُهَــا رَطِبٌ نَدَاهَـا نَـاعِـمُ الأنسَــامِ

يَشْتَمُّ كُلُّ النَّاسِ طِيبَ أرِيجِهَا وَتَدُومُ فِيهَا راحَةُ الأجْسَامِ

وَيَلُوذُ بَينَ ظِلَالِهَا فِي أمْنَةٍ قَوْمِي وَأهْلِي تَابِعي وَإمَامِي

وَتَظَلُّ رَاياتُ السَّلامِ تَحُفُّهُم مَنْسُوجَةً مِن سُنْدُسٍ وَوِئَامِ

بَـــــلَـدِي

تَهْتَزُّ فِي أعْطَافِهَا أقْلَامِي وَيَذُوبُ فِي الشِّعْرِ الجَّمِيلِ كَلَامِي

وَأمَامَ مِحرابِ القَصِيدَةِ يَنْحَنِي فِكري وَتَعْزِفُ لَحْنَهَا أنْغَامِي

وَيَسِيحُ فِي الدُّنْيَا الرَّحِيبةِ خَاطِرِي حُرّاً يَجُوبُ أدِيمَهَا المُتَرَامِي

يَسْرِي إذا لَفَّ الظَّـلامُ سُدولـَهُ وَبَدا صَبـاحٌ واضِحُ الأعلامِ

يَغزُو الشُّروقَ وَقَد بَدَت آيَاتُهُ وَيَعُودُ فِي غَربٍ جَرِيحٍ دَامِ

وَتَقُومُ فِي قَلبِ المُثَلَّثِ قَرْيَـةٌ يَخْتَالُ بَيْنَ دُروبِهَا الهامِي

تَنسابُ فِي عُمقِ العُصُورِ جُذُورُهَا تَمتَـصُّ مِـنهَـا حِكمَـةَ الأيَامِ

تَغذُو فُرُوعاً يَسْتَمِرُّ عَطَاؤُهَـا وَتَظَلُّ تَروِي سِيرَةَ الأقْوامِ

عَلِقَت عَلى سَفْحٍ لَطِيفٍ دورُهَا وَتَشَبَّثَـت بـالـكَـفِّ والأقـدامِ

تَبدُو إذا مَــدَّ المَســـاءُ ذُيولَــهُ حَشداً مِن الأفلاكِ والأَجرامِ

وَتَخَالُهَا عندَ الظَّهِيرةِ لَوحَــةً قَد أبدَعَتْهَا رِيشَةُ الرَّسَـامِ

خَلَعَ الجَّمالُ على ذُراها حُلَّةً مَوشُومَةَ الأذيالِ والأكمامِ

والبَدرُ يَبْسُطُ مِن سَماهُ مُلاءةً فـضِّيَّـةً مَشْفُوفَــةَ الأهــدامِ

سَامَرتُ تَحتَ سَنَائِه أمنِيَّتي وَبَسَطْتُ بَينَ ظِلالِــهِ آلامِي

والطَّائِرُ الغِرِّيدُ بَينَ حُقُولِهَا طَرِبٌ يُرَدِّدُ أعْذَبَ ألأنْغامِ

يَتْلُو مَعَ الفَجْرِ الصَّبُوحِ صَلاتَهُ وَيَغُوصُ فِي بَحرِ الفَضاءِ السَّامي

والشَّمسُ تَغمُرُ بالحَنانِ بُيُوتَهَا جَذلى تُداعِبُ بَارِدَ الأجسامِ

تُغضِي إذا أرخَى الحَيَاءُ نِقَابَهَا وَتُـطِـلُّ بَينَ تَمَنُّعٍ وَغَمَــامِ

وَتَقُومُ فِي قَلبِ المُثَلَّثِ قريــةٌ أحبَبتُ فِيها مَسكَنِي وَمُقَامِي

حَفِظَت مَعَ الأيَّامِ عَهدَ طُفُولتِي ورَسَختُ فَوقَ تُرَابِهَا أقدامِي

فَرِحَت إذا ضَحِكَ الزَّمانُ لِفَرحَتي وبكَت لِحالةِ لَوعَتِي وسَقَامِي

غَنَّيتُ بَينَ كُرُومِها أُرجُوزَتِي وَنَثَرتُ فَوقَ سُهُولِهَا أحلَامِي

معاني المفردات :
1. الاعطاف : الجوانب 2. الاديم : وجه الارض 3. المترامي : الواسع .
4. الافلاك والاجرام : الكواكب 5. خلعَ عليها : البَسَهَا.
6. الحُلّه : الثوب الجميل 7. المُلاءه : العباءه . 8. جذلى : مسروره .
9. تُغضي : تخفضُ نظَرَهَا .
 

موقع العرب يفسح المجال امام المبدعين والموهوبين لطرح خواطرهم وقصائدهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع منبرا حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجي إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع علي العنوان:alarab@alarab.net