يعرف الصيام في الشرع أنه: "الامتناع عن الطعام والشراب وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس مع النية". والمعلوم أن الصيام فرض على امة الإسلام كما فرض على الأمم السابقة قبل الإسلام، قال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون" ( سورة البقرة آية 184).
أما معنى الصيام والحكمة منه فيتعدى التعريف الفقهي، ولا يقتصر على الامتناع عن الطَّعام والشَّراب وسائر المفطرات، وإنَّما هو -أيضًا- الامتناع عن كل ما حرَّم الله –سبحانه- من المعاصي والمنكرات، والمداومة على الطَّاعات، كي يحققوا معنى التقوى من خلال قوله تعالى: "لعلكم تتقون". فقد روي عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه"، أي من لم يترك قول الكذب والعمل به فلا فائدة من صيامه.
وقد قسم الإمام أبو حامد الغزالي رحمه الله تعالى الصوم إلى ثلاث مراتب: صوم العموم وصوم الخصوص وصوم خصوص الخصوص.
صوم العموم : هو كف البطن والفرج عن الشهوات، وصوم الخصوص هو كف السمع والبصر وسائر الجوارح عن المعاصي والآثام والمحرمات.
وصوم خصوص الخصوص فهو أرقى وأعلى مرتبة وهو كف القلب عما سوى الله سبحانه وتعالى.
وكي يكون ثواب الصيام كاملا فلا بد - مع الامتناع عن الطعام والشراب وسائر المفطرات- من صيام الجوارح كالعين والأذن واللسان وغيرها ، ولا بد كذلك من الامتناع عن المعاصي بأنواعها المختلفة.
الصومُ جُنَّـةُ صائـمٍ مـن مَأْثَمٍ ***يَنْـهى عن الفحشـاء والأوشابِ
الصـومُ تصفيـدُ الغرائزِ جملةً *** وتـحـررٌ من رِبْـقـةٍ بـرقابِ
ما صامَ مَنْ لم يَرْعَ حـقَّ مجاورٍ *** وأُخُـوَّةٍ وقـرابـةٍ وصـحـابِ
ما صـامَ مَنْ أكَلَ اللحومَ بِغيـبَةٍ *** أو قـالَ شـراً أو سَعَى لخـرابِ
ما صـامَ مَـنْ أدّى شهادةَ كاذبٍ *** وأَخَـلَّ بـالأَخــلاقِ والآ د ابِ
ولابد للصائم أن تصوم كذلك جوارحه:
فاللسان، يصوم عما حرم الله تعالى من الكذب والغيبة والنميمة والسب والفحش والزور واللعن والسخرية والاستهزاء.
وصوم العين يكون غضها عن الحرام وإغماضها عن الفحشاء.
وصوم الأنف، يكون بأن لا يشتم به ما حرم الله من المخدر وغيره.
وصوم الرأس يكون بألا يُطأطأ لغير الله ولا يسجد به إلا له. وألا يرفع كِبْراً وتعالياً على الناس.
وصوم الأذن يكون بأن لا نستمع بها إلى محرم؛ كغيبة ونميمة.
وصوم البطن يكون بألا ندخل إليه حراماً، الرجل، فلا يُسعى بها إلى معصية الله تعالى.
واليد تصوم عما حرم الله تعالى عليها من السرقة ومن الظلم والعدوان ، فلا يعتدي بها على حق أحد. وصوم الرجل يكون بألا يُسعى بها إلى معصية الله تعالى.
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net