الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 23 / نوفمبر 18:01

مقبرة طاسو قضية جميع المواطنين


نُشر: 15/04/08 08:17

مقبرة طاسو هي قضية جميع المواطنين العرب ولا يجوز المس بالرموز الدينية والأماكن المقدسة 

بغض النظر عن الانتماء الديني للعرب في هذه البلاد، يمكن القول والجزم، بأن المواطنين العرب في إسرائيل يعارضون معارضة شديدة، المس بالأماكن المقدسة لجميع الديانات السماوية، هكذا يتصرف الأحرار في العالم، وهذا ينطبق علينا أيضاً. في هذا السياق، ارتأيت من واجبي الأخلاقي والاجتماعي أن أتطرق إلى ما يدور علناً وسرا، وراء وأمام الكواليس، حول مقبرة طاسو الإسلامية في مدينة يافا، فكما هو معلوم للجميع، فإنّ محكمة العدل العليا في القدس التي عقدت جلسة لها في التاسع والعشرين من شهر كانون الثاني (يناير) الماضي، أقّرت بإنّ صفقة المقبرة هي صفقة شرعية بموجب ما ينص عليه القانون الإسرائيلي. وحسب الصفقة، فإنّه تم بيع 40 دونماً من مقبرة طاسو الإسلامية منذ العام 1973. في هذا السياق، لا بدّ لي من التأكيد على أنني أرفض هذا القرار جملة وتفصيلاً، وبحسب رأيي، فإنه جاء عملياً لتكريس سياسة نهب وسرقة.

الأراضي الوقفية الإسلامية منذ اليوم الأول الذي أقيمت فيه دولة إسرائيل، وبالتالي أرى لزاماً على نفسي، أن أعبر عن استنكاري وامتعاضي الشديدين من هذا القرار، الذي يصب في صالح فئات معينة، ولكن بموازاة ذلك، يمس مسّاً سافراً بالمسلمين من أبناء شعبي.

وللتذكير فقط أشير في هذه العجالة إلى أنّ بداية مأساة الأوقاف الإسلامية في إسرائيل نشأت على خلفية استهداف الدولة لهذه الأوقاف واعتبارها مصدر تهديد حقيقي في حال بقيت في أيدي المسلمين،  وعليه سنت الكنيست قانوناً أسمته قانون أملاك الغائبين لسنة 1950 ، والذي أعتبر كل الأوقاف الإسلامية أموال غائبين، الأمر الذي أتاح الفرصة أمام السلطات لتبدأ حملة واسعة تم من خلالها مصادرتها وتحويلها إلى ملكية الدولة التي بدأت تتصرف بهذه الأملاك خدمة لأهدافها الاستيطانية والتوسعية ولو على حساب رعاياها العرب، وبذلك ساهمت الدولة من حيث تدري أو لا تدري بإبعاد العرب المسلمين عن دوائر صنّاع القرار، ومنعتهم عملياً من ممارسة حقهم الطبيعي في حراسة أوقافهم وأملاكهم الدينية، وهو الأمر الذي يتعارض مع تعاليم الديانات السماوية والقوانين الدنيوية، ليس هذا فحسب، فإنّ القانون سبب في توسيع الهوة الموجودة أصلاً بسبب سياسة التمييز، بين المواطنين العرب وبين الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة.

في هذا السياق، أؤكد أنّ مقبرة طاسو تشكل نموذجاً للأوقاف المنتهكة تحت سمع وبصر العالم كله، وقد تم بيعها لشركة استثمار إسرائيلية على يد لجنة الأمناء في حينه، والتي شكلتها حكومة إسرائيل بناء على القانون السابق، حيث دار صراع مرير حول هذه المقبرة الوحيدة التي يتم دفن الموتى المسلمين من يافا والمنطقة فيها، وبين السلطات التنفيذية للدولة. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا من منطلقات إنسانية بحتة: هل من المعقول أن يُحرم المسلمون في يافا من دفن موتاهم؟ إلى أين وصلنا ولماذا انحدرنا إلى هذا الدرك؟

قضية مقبرة طاسو انتقلت من محكمة إلى محكمة، وفرضت وجودها على جدول أعمال عشرات اللجان، وتمّ التداول حولها في كثير من الوزارات حيث انتهت مسيرتها ألمأساويه في المحكمة العليا والتي اتخذت قرارها بتاريخ 4/2/2008 بإقرار صفقة البيع والتي تمت قبل أكثر من ثلاثة عقود من الزمن.

في حقيقة الأمر، ارتأيت من واجبي التدخل في القضية، لأنّها تهمني بشكل شخصي، وتهمني أيضاً بصفتي نائبة في الكنيست انتخبت لأمثل قضايا المواطنين العرب، وأحاول أن أعكس أمالهم وآلامهم، وفعلاً  أجريت اتصالات مع عدد من الشيوخ وأعضاء اللجنة الشعبية، بالإضافة إلى ذلك، توجهت لرئيس اللجنة الوزارية لشؤون الأقليات الوزير بنيامين بن اليعزر الذي وعد بالتدخل الفوري لحل هذه القضية المؤلمة، وطالبته بإنصاف المسلمين من خلال حماية مقبرتهم الوحيدة،

وإعادة  ألأموال التي دفعتها الشركة، أو تعويضها بأراض بديله من أملاك الدولة، بعيدا عن هذه المقبرة.
خلاصة الكلام: إنني أؤمن بأنّ الحكومة ملزمة  بمنح المسلمين الفرصة لإدارة حياتهم الدينية ، وصون كرامة أمواتهم بعيدا عن أي تهديد أو مصادرة، ومرة أخرى أقول وبفم مليء إنّ قضية مقبرة طاسو تهم جميع المواطنين العرب في البلاد، ولا تقتصر على المسلمين فقط .

مقالات متعلقة

º - º
%
km/h
3.71
USD
3.86
EUR
4.65
GBP
362318.71
BTC
0.51
CNY