الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 10 / نوفمبر 06:02

لـَوحَـاتٌ مَقـدِسِيّـةٌ/ شعر: عبد الحي اغبارية

كل العرب
نُشر: 22/08/13 22:39,  حُتلن: 08:14

في هذه القصيده تصويرٌ شعري لمواقع دينيه وأثريه ومعالم مشهوره في مدينة القدس منها الساكِنُ ومنها المتحرك 

طَافَ الجَمَالُ عَلى الجِبَالِ وَدَارَا وَرَمَى عَلى القُدسِ الشَّرِيفِ دِثَارَا(1)

فَتَفَتَّحَت بَينَ المَدَائِنِ زَهرَةٌ تَحوِي العَبِيرَ وَتَنثَنِي استِكبَارَا

غَزَلَت مِنَ المَجدِ التَّلِيدِ رِدَاءَهَا وَمِنَ العَرَاقَةِ مِنطَقاً وَسِوَارَا(2)

وَمِنَ الرَّزَانَةِ للأنَاقَةِ حُلَّةً وَمِنَ التَّحَشُّمِ للحَيَاءِ خِمَارَا
------------------------------

للقُدسِ- يَا تَرِبَت يَمِينُكَ – هَيبَةٌ تَزدَادُ مَا طاَلَ الزَّمَانُ وَقَارَا

دَفَنَت يَدُ التَّارِيخِ فَوقَ جَبِينِهَا سِرَّ الخُلُودِ وَخَلَّفَت آثَارَا

وَعَلَى مَلامِحِ وَجهِهَا رَسَمَت لَهَا سِيَرَ الشُّعُوبِ تَكَرَّرَت تَكرَارَا

سِفرٌ يُقَلِّبُ شَوقُنَا صَفَحَاتِهِ وَيَظَلُّ للجِيلِ الجَدِيدِ شِعَارَا(3)
------------------------------

في القدسِ يشكو للعُرُوبَةِ مَسجِدٌ مَلَكَ القُلُوبَ وَأبهَرَ الأبصَارَا

مَسرَى الرَّسُولِ وَمِن عَلَى جَنَبَاتِهِ عَرَجَ السَّمَاءَ وَجَاوَزَ الأقمَارَا

يَلتَمُّ فِي أرجَائِهِ أهلُ التُّقَى يَتَذَاكَرُونَ الوِردَ والأذكَارَا

وَعَلى مآذِنِهِ الأهِلَّةُ أُزلِفَت تُجرِي مَع البَدرِ المُنِيرِ حِوَارَا
------------------------------

وَتَظَلُّ تَبسِمُ فِي سَمَاهَا قُبَّةٌ تَرنُو لَهَا كُلُّ القِبَابِ غَيَارى

تَمتَصُّ مِن رَحمِ السَّمَاءِ سَنَاءَهَا وَتَفِيضُ مِنهُ قَدَاسَةً وَمَنَارَا

حَدَبَت عَلى صَخرِ النُّبُوَّةِ مَتنَهَا خَلَعَت عَلَيهَا حَاجِبًا وَسِتَارَا(4)

مَا مَاثَلَت - يَا قُدسُ- إلّا دُرَّةً هَل يَحجُبُ الدُّرُّ الثَّمِينُ مَحَارَا؟(5)
------------------------------

في القُدسِ يَجتَازُ الأزِقَّةَ راهِبٌ حَمَلَ الهُمُومَ مَعَ الصَّبَاحِ وَسَارَا

وَكَنِيسَةٌ يَغزُو الأُنُوفَ بَخُورُهَا وَأوَانِسٌ حَولَ الصَّلِيبِ سُكَارى

يَشكِينَ للعَذرَاءِ سُوءَ مآلِهَا عَجَبًا. وَكُلُّ الشّاكِيَاتِ عَذَارَى

القُدسُ لا تَرضَى البُكَاءَ ذَريعَةً تَرضَى زُنُودَ الفَاتِحينَ خَيَارَا
------------------------------

وَيَعُودُ يَصخَبُ بَعدَ نَومٍ سُوقُهَا سِرُّ البُيُوتِ يُخَاضُ فِيهِ جِهَارا

طِفلٌ يُراوِدُ أمَّهُ عَن دُميَةٍ وَفَتىً يُسَاوِمُ تاجِرًا خَضَّارَا(6)

وَأمَامَ شُبَّاكِ الحُلِيِّ صَبِيَّةٌ تَجلُو العُيُونَ وَتَرقُبُ الأسعَارَا

عَطَفَت عَلى أُمٍّ لَهَا هَمَسَت لَهَا وَوَقَفنَ قُدّامَ البَرِيقِ حَيَارَى
------------------------------

فِي القُدسِ مَا فِي القُدسِ إلّا بائِعُ الخَرُّوبِ يَسكُبُ مَاءَهُ مِدرَارَا

فِي حُمرَةِ الخَمرِ العَتِيقِ شَرَابُهُ يَروِي العِطَاشَ عَجَائِزًا وَصِغَارَا

زِقُّ الشَّرَابِ مُعَلَّقٌ فِي كَتِفِهِ وَعَلَى خَوَاصِرِهِ الكُؤُوسُ أسَارَى

وَتَخَالُهُ عِندَ انحنَاءَهِ ظَهرِهِ نَسرًا تَهَيّأَ للهُجُومِ وَغَارا
------------------------------

وَعَلَى نَوَاصِيهَا يُرَابِطُ بَائِعٌ للكَعكِ سَمسَمَ كَعكَهُ وَأدَارا

طَافَ الأزِقَّةَ والحَوَارِيَ مَاشِيًا واختَارَ مِن بَابِ العَمُودِ قَرَارَا

يَدعُو بِصَوتٍ نَاعِمٍ مُتَنَغَّمٍ مَن شَرَّفَ القُدسَ الشَّرِيفَ وَزَارَا

أُنظُرْ إلى الفَرشِ الغَنِيِّ أمَامَهُ تَلقَ البِنَاءَ مُرَتَّبًا أدوَارَا(7)
------------------------------ 
فِي القُدسِ تَجتَاحُ المَشَاعِرَ صُورَةٌ 

للفَتحِ أربَكَتِ الخَيَالَ وحَارَا

فِيهَا صَلاحُ الدّينِ يُعلِنُ نَصرَهُ فِيهَا الخَلِيفَةُ شَرَّعَ الأسوَارَا

فِيهَا الرَّسُولُ عَلَى جَلالَةِ قَدرِهِ حَمَلَ الِّلوَا وَتَصَدَّرَ الأخيَارا

فِيهَا يَدُ الرَّحمنِ تَحفَظُ تَحتَهَا أرضَ الرِّبَاطِ عَشِيَّةُ وَنَهَارَا
------------------------------

وَإذَا طَلَبتَ العِزَّ تابِع سُورَهَا صَحِبَ القِلَاعَ مَعَ الحُصُونِ وَدَارَا

يَلتَفُّ حَولَ بُيُوتِهَا فَكَأنَّمَا ألقَيتَ حَولَ الخَاصِرَينِ إزَارَا(8)

وَكَأنّمَا تِيجَانُهُ وَثُغُورُهُ ذُهِلَت وَفَرَّت للنُجُومِ فِرَارَا

إنْ كَانَتِ القُدسُ العَتِيقَةُ لَوحَةً مَا أروَعَ السُّورَ العَجِيبَ إطَارَا !

* معاني المفردات :
1. دِثَار : غِطاء.
2. التَّلِيد : القديم والاصيل . المِنطَق : الزِّنّار . العَرَاقَه : الأصَالَه.
3. سِفر : كِتَاب . 4. حَدَبَت : عَطَفَت وَحَنَت. المَتن : الظَّهر.
5. المَحَار : الصّدَفَه التي تُغَلِّف اللُؤلُؤَه .
6. يُسَاوِم : يُجَادِل فِي السِّعر .
7. الفَرش :الخَشَبَه التي يُوضَع عَلَيهَا الخُبز والكعك.
8. الإزَار : الزِّنّار .

جت المثلث

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net


مقالات متعلقة