الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 09 / نوفمبر 23:02

حَمْلُ أتان يُشَبَّه بحَمل مريم العذراء/ بقلم: مطانس فرح

كل العرب
نُشر: 04/10/13 14:35,  حُتلن: 16:02

مطانس فرح في مقاله: 

لو كان المسيح بيننا اليوم لانتفض وثار وغضب على غالبيّة رجال ديننا الّذين لا يدركون كيفيّة الحفاظ والدّفاع عن دينهم!


ها هي هذه التّطاولات تصل مرّة تلوَ الأخرى إلى درجات أدنى من العنصريّة والحقارة والوقاحة والسّفاهة والإنحطاط الخلقيّ والتّربويّ والثّقافيّ والمجتمعيّ الّذي بات متغلغلًا داخل المجتمع اليهوديّ في هذه البلاد

حتّامَ يمكننا السّكوت على مثل هذه التّطاولات والسّفاهات والإهانات وعدم الدّفاع عن كرامتنا في هذه البلاد إن بقي معنًى للكرامة لنا فيها؟!!

في خضمّ ذلك كلّه بالكاد نقرأ شجبًا هنا أو نسمع إستنكارًا هناك طالما الكتابات والتّطاولات العنصريّة النّابية المُسيئة موجّهة ضدّ الرّموز الدّينيّة المسيحيّة أو الإسلاميّة لا اليهوديّة فحينها سيكون الأمر مغايرًا!

هناك حاجة ملحّة إلى التّفكير مليًّا في إتّخاذ خطوات سريعة لوضع حدٍّ لمثل هذه التّطاولات ليس من منطلق دينيّ فقط بل حفاظًا على أهمّيّة وجودنا في هذه الأرض تاريخيّـًا أيضًا والعمل على ردع المأفونين للكفّ عن تحقيرنا وإهانتنا والاستخفاف بدياناتنا السّماويّة!

في ظلّ الإعتداءات العنصريّة الفاشيّة اللّا-أخلاقيّة علينا أن نقف معًا وقفةً جادّة وقفة رجل واحد عَلمانيّين مسيحيّين مسلمين ورجال دين للحفاظ على المقدّسات والأوقاف وأساسًا للحفاظ على كرامتنا ووجودنا فوق أرضنا

لا يمكننا أن نصمت بعد أو أن نسامح أكثر وأن نسمح لهذا التّطاول بأن يمرّ كغيره مرّ الكرام فالسّاكت عن حقّه "شيطان أخرس" – كما يقولون حان الوقت لاتّخاذ إجراءات وخطوات فعليّة جادّة للدّفاع عن معتقداتنا وكرامتنا في هذه البلاد

في عددها الصّادر يوم الاثنين الأخير، في 30 أيلول المنصرم، نشرت صحيفة "إسرائيل اليوم" (يسرائيل هَيوم) باللّغة العبريّة، خبرًا مُسيئًا جدًّا إلى السّيّدة العذراء والرّوح القدس، ومُهينًا ومُحقّرًا لمشاعر جميع المسيحيّين والمسلمين، الّذين يؤمنون ويكرّمون العذراء مريم، ومُستَهترًا ومُستخفّـًا بعرب هذه البلاد!! تحت عُنوان "الذّهول يسود "كفار كيدم": أربع أُتُن (جمع أتان) تلد في الحظيرة، وليس بينها أيّ حمار ذكَر".

التّدخّل الرّبّانيّ
وجاء الخبر المنشور في صحيفة "إسرائيل اليوم" على النّحو التّالي: "من داني برنر (مراسل "إسرائيل اليوم" في الشِّمال) "قد يكون ملائمًا في "كفار كيدم" أن يستعيدوا عهد "التّلمود" و"المشناة".. ولكنّهم لم يشهدوا حدثًا كالّذي جرى في حظائر الحمير لديهم، وبالتّأكيد هذا ما يُسمّى بـ"التّدخّل الرّبّانيّ".
"تقع مُستوطنة "كفار كيدم" على مقربة من "هوشعيا" في مِنطقة "عيمك يزراعيل" (مرج بن عامر)، حيث فوجئ السّكّان هناك، في الأسبوع الماضي، بأنّ أربع أُتُن (جمع أتان – أنثى الحمار) وضعت – في غضون أربعة أيّام – أربعة صغارٍ لها. "وإذا بدا هذا مألوفًا لكم، فجدير بالذّكر أنّ الحظيرة تضمّ 30 أتانًا، وليس بينها أيّ حمار ذكر واحد!
"ويقول مدير مستوطنة "كفار كيدم"، مناحيم غولدبرغ: "لا يوجد في حظيرتنا أيّ ذكر، وقد توقّفنا عن عمليّة تناسل الحمير ووضع الإناث، ولم نُحضر أيّ حمار ذكر؛ ولكنّنا نجهل، تمامًا، كيف وُضعت هذه الجحوش (صغار الحمير). فلربّما أفلح حمار شارد في الدّخول – تحت جُنح الظّلام – إلى حظيرة الأُتُن والقيام بـ«وظيفته»، ثمّ تسلّل خارجًا من دون أن يشعر بذلك أحد".
"ولكن لدى غولدبرغ نظريّة أخرى، إذ قال: "يؤمنون في النّاصرة بأنّ مريم، والدة يسوع، حبلت من الرّوح القدس، وكانت تسكن في النّاصرة بجوار مستوطنتنا (هوشعيا). فلرّبما حملت إناث الحمير هذه من الرّوح القدس، أيضًا"(!!!)".
فهل هناك تشبيه أقبح من هذا للرّوح القدس وللسّيّدة العذراء؟ وإساءة أفظع من تلك للدّين المسيحيّ وأقدس وأعظم رموزه، أتوجد إهانة وتحقير أكبر من هذا لعرب هذه البلاد من المسيحيّين والمسلمين المؤمنين بمريم العذراء؟!!

تطاولات وإعتداءات 
لقد تعدّت – منذ مدّة طويلة – هذه التّطاولات والإعتداءات على الرّموز الدّينيّة المسيحيّة في هذه البلاد، الخطوط الحمراء. وها هي هذه التّطاولات تصل، مرّة تلوَ الأخرى، إلى درجات أدنى من العنصريّة والحقارة والوقاحة والسّفاهة والإنحطاط الخلقيّ والتّربويّ والثّقافيّ والمجتمعيّ، الّذي بات متغلغلًا داخل المجتمع اليهوديّ في هذه البلاد. وكالعادة، فلو كان المتطاوِل عربيّـًا لقامت الدّنيا ولم تقعد، ولكن بما أنّ المتطاوِل بطل يهوديّ يحقّ له ما لا يحقّ لغيره من الشّعوب في هذه البلاد، وخصوصًا لشعب هذه البلاد من العرب!!
حتّامَ يمكننا السّكوت على مثل هذه التّطاولات والسّفاهات والإهانات، وعدم الدّفاع عن كرامتنا في هذه البلاد، إن بقي معنًى للكرامة لنا فيها؟!! وتحضرني مقالة كنت قد نشرتها، حذّرت فيها من خطورة الإعتداءات العنصريّة الطّائفيّة والفاشيّة المتفاقة ضدّ عرب هذه البلاد، ونوّهت بضرورة الحَراك والعمل على وقف مثل هذه الإعتداءات والإهانات. وممّا جاء في المقالة: "لقد باتت الإعتداءات والتّطاولات على الرّموز الدّينيّة في هذه "الأراضي المقدّسة"، مشرَّعة ومشروعة، وسط تخاذل وتهاون وصمت شبه عارم. العنصريّة في تفاقم مُقلق جدًّا، والإعتداءات والتّطاولات المتكرّرة على الأوقاف والمقدّسات والرّموز الدّينيّة، من قبل يهود مأفونين عنصريّين فاشيّين، مقصودة ومرصودة، هدفها مسّ مشاعر عرب هذه البلاد، وتحقيرهم وإهانتهم.. وكأنّنا في وطننا، وفوق أرضنا علينا أن نستمرّ بـ"دفع الثّمن"؛ ثمن بقائنا وحفاظنا على أراضينا وأملاكنا ومقدّساتنا وأوقافنا..!"

شجب أو إستنكار
وفي خضمّ ذلك كلّه، بالكاد نقرأ شجبًا هنا، أو نسمع إستنكارًا هناك، طالما الكتابات والتّطاولات العنصريّة النّابية المُسيئة موجّهة ضدّ الرّموز الدّينيّة المسيحيّة أو الإسلاميّة، لا اليهوديّة؛ فحينها سيكون الأمر مغايرًا!! وأعود وأذكّر.. "أين هم رجال الدّين، "ممثّلو المسيح" على هذه الأرض، من هذه الإهانات والتّحقيرات؟!! ألم يحِن الوقت لأن يتحرّك "قداسة" البابا وينتفض، ألم يهتزّ "كرسيّه" و"عرشه" إزاء ما يحدث.. ألا تعتقدون أنّ على الڤاتيكان واجب حماية المقدّسات والأوقاف والرّموز الدّينيّة والحفاظ على بقائنا في أرضنا؛ أم أنّه يستكفي – كما عوّدنا – باستنكار "متسامح" وشجب "مُتخاذل"..! وأنا، طبعًا، أستبعد ذلك (أن ينتفض)؛ لأنّ أمورًا أصعب عاناها شعبنا الفِلَسطينيّ لم تحرّك لدى "قداسته"، و"قداسة" غيره، ساكنًا(!)".
هناك حاجة ملحّة إلى التّفكير مليًّا في إتّخاذ خطوات سريعة لوضع حدٍّ لمثل هذه التّطاولات، ليس من منطلق دينيّ، فقط، بل حفاظًا على أهمّيّة وجودنا في هذه الأرض، تاريخيّـًا أيضًا، والعمل على ردع المأفونين للكفّ عن تحقيرنا وإهانتنا والاستخفاف بدياناتنا السّماويّة!!
"ولكن – "كالعادة وزيادة" – يحدث ذلك كلّه، مِرارًا وتَكرارًا، وسط صمت عارم وشجب متخاذل من قبل قلّة من رجال الدّين.. حتّامَ سيظهر الرّاهب فلان والكاهن علّان أمام شاشات التّلفاز وعبر الإذاعات، بصورة من "يستغفر" و"يستسمح" و"يعتذر".. ويطلب الحماية؟! أليس من المنطق والطّبيعيّ أن يصرخ هذا الرّاهب بأعلى صوته، وأن يتظاهر ذاك الكاهن؛ وأن يتحرّك مطارنتنا، وأن ينتفض بطاركتنا للرّدّ على هذه التّطاولات؟! فلو كان المسيح بيننا اليوم، لانتفض وثار وغضب على غالبيّة رجال ديننا الّذين لا يدركون كيفيّة الحفاظ والدّفاع عن دينهم!

تّحقيرات وإهانات
"وفي ظلّ الإعتداءات العنصريّة الفاشيّة اللّا-أخلاقيّة، علينا أن نقف معًا، وقفةً جادّة، وقفة رجل واحد، عَلمانيّين، مسيحيّين، مسلمين، ورجال دين، للحفاظ على المقدّسات والأوقاف، وأساسًا، للحفاظ على كرامتنا ووجودنا فوق أرضنا، على كرامة البشر وتاريخ الحجر؛ فالاستنكار والشّجب لا يجديان نفعًا. في ظلّ تخاذل وتهاون واضِحَيْن من قبل شرطة إسرائيل وأمنها، و"تخاذل" وصمت غالبيّة الرّهبان والكهنة والمطارنة والبطاركة وسُبات مجتمعنا العربيّ.. لأنّنا سنشهد لدى شروق كلّ شمس أو غروبها تطاولات واعتداءات فاشيّة وإرهابيّة مُشابهة على البشر أيضًا، وليس على الرّموز الدّينيّة والحجر فقط، ما دُمنا نَرهب حتّى الرّدّ (القانونيّ والسّلميّ) على هذه التّحقيرات والإهانات".
لا يمكننا أن نصمت بعد أو أن نسامح أكثر، وأن نسمح لهذا التّطاول بأن يمرّ كغيره مرّ الكرام. فالسّاكت عن حقّه "شيطان أخرس" – كما يقولون. حان الوقت لاتّخاذ إجراءات وخطوات فعليّة جادّة للدّفاع عن معتقداتنا وكرامتنا في هذه البلاد.. على مسؤولينا وقاداتنا وممثّلينا ورجال الدّين والمجتمع التّحرّك فورًا – وارحمونا رجاءً من استنكاراتكم وشجبكم «اللي لا بتجيب ولا بتودّي» – واتّخذوا خطوات جادّة تضع حدًّا لمثل هذه التّصرّفات العنصريّة والتّطاولات، وحاولوا أن تحافظوا – كما يحاول البعض أن يحافظ – على ما تبقّى لنا من كرامة في هذه البلاد!

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة