ظاهر الشمالي في مقاله:
الأزمات اصبحت هما وطنيا واصبحت تلاصق المواطن الفلسطيني في حياته اليومية
الحكومة التي بدت تتعامل مع المشاكل الداخلية بنوع من الارتباك والخوف والفزع هي اليوم تتعامل بنوع من البوليسية
الوطن يتوجع من كثرة سكاكين الكي التي تتكالب على جسده الطري فلم يصل الأمر الى هنا وهناك فترى أيضا في الجهة الاخرى في النقب الفلسطيني وفي الجليل والمثلث عملية التهديد المستمرة في التهويد والترحيل
في تلك الأيام العصيبة التي يمر بها الكل الفلسطيني من أقصى الجنوب الى أقصى الشمال. لا بد للحكمة والعقل ان يكون لهما الدور البناء في علاج كل المشاكل المستعصية في هذا الوطن حتى يكون للعقل دور الدواء والترياق في شفاء وإلتآم الجرح الذي لا زال غائر في خاصرتنا. والى حد تلك اللحظة ومع ان فلسطين الارض المحتلة والساخنة دائما وابدا هي على شفا حفرة من الهاوية، في كل مفترق تصل اليه الأوضاع الداخلية التي لا تهدأ او حين تصل القضية الى لحظة الحقيقة ودائما ما يكون التصعيد سيد الموقف ليس على صعيد المواجهة والإحتكاك مع المحتل بقدر ما يكون العراك داخل البيت الفلسطيني الواحد الذي بدأ الخطر يحدق به.
الأزمات اصبحت هما وطنيا واصبحت تلاصق المواطن الفلسطيني في حياته اليومية، فالهموم اصبحت متراكمة مع الكثير من الشلل وقلة الامل لدى المواطن البسيط والعادي في الضفة الغربية وقطاع غزة الخاضعة لسيطرة السلطة والحكومة المقالة او لربما على الطرف الاخر في النقب والمثلث والجليل المحتل الخاضع لسيطرة الاحتلال. ففي كل يوم تدق أبوابنا النكسات المجتمعية. والتي هي الآن في الواجهة وتطفح بقوة على سطح القضايا الساخنة ومن بينها اضراب المعلمين في مناطق السلطة الفلسطينية وكيفية تعامل وردت فعل حكومة رامي الحمد لله التي اعقبت حكومة فياض والتي تعايشت مع تلك التحركات وكل تلك الإضرابات لكنها في تلك الايام في اوج قوتها وهي تهدد التعليم في فلسطين بصورة جدية.
الانهيار القادم
فبعد تلويح المعلمين بالإضراب الجدي بات الوضع لا يحتمل سوى الوقوف في عين العاصفة وتحمل الكل لمسؤولياته خاصة في ظل الانهيار القادم والشلل للعملية التعليمة والانهيار الذي سيحصل لا قدر الله في حال بقيت الحكومة تصم آذانها عن المطالب المشروعه للمعلمين ونقاباتهم، سيطيح بأجيال فلسطينية تتقوق للعلم والمعرفة. فالحكومة التي بدت تتعامل مع المشاكل الداخلية بنوع من الارتباك والخوف والفزع هي اليوم تتعامل بنوع من البوليسية مع المعلمين حين يتخذ مجلس الوزراء الفلسطيني وعلى رأسه رامي الحمد لله الذي هو بالاصل استاذ جامعة من المفترض ان يكون في صف مطالب المعلمين بدل التلويح بالتهديد حين يتخذ القرارات الحاسمة والتي تحول كما تقول الحكومة برام الله دون استمرار تعطيل العملية التعليمية وتمنع الضرر عن الطلبة وحين تقف المحكمة في صف الحكومة ضد شريحة لا يستهان بها من ابناء الشعب الفلسطيني. هنا تبدا عملية تكسير الأصابع بين الحكومة والمعلمين.
التصعيد
فالقرارات التي اتخذتها الحكومة لا تحل مشكله بل تزيد من التصعيد وتزيد الطين بله في كافة الاحوال حين يتعلق الامر تقرر الحكومة خصم ايام الاضراب من رواتب الموظفين غير الملتزمين بقرار محكمة العدل العليا الفلسطينية وتقوم بتكليف وزراء باعداد قوائم لشغل وظائف في سلك التربية والتعليم كبدلاء عن الموظفين المضربين عن العمل لمدة تتجاوز 15 يوما، وفقا للقانون الفلسطيني وحفاظا على المسيرة التعليمية يكون هنا الخطا وليس الصواب. في كيفية المعالجة الفاشلة من قبل هيئة وزارية تلوح بالتهديد والوعيد والخاسر الاكبر في تلك المعركة غير المشروعة هم الطلبة والتلاميذ الذين سيفترشون الشوارع حين تخلوا المدارس من روادها ومن طلابها لا لسبب سوى ان الحكومة تعودت على ثقافة الترهيب والتهديد.
إقتحام المسجد الاقصى
وفي نفس السياق نرى ايضا ان هنالك تهديدا آخر يلوح في الافق لكنه غير جديد علينا هو تهديد قطعان المستوطنين بإقتحام المسجد الاقصى المبارك والصلاة فيه ومن ثم إضاءة الشمعدان في ظل صمت مطبق من قبل المجتمع الدولي وأيضا في حضرة الاعتداءات الوحشية اليومية التي تطال ارزاق وبيوت المواطنين على يد حثالة المستوطنين تحت مرأى ومسمع من جنود الاحتلال الذين يأمنون لهم الحماية. وفي ظل التهديد الذي لا يسقط إلا بفعل مشين على غرار الحرق والقطع والإسنباحة اليومية ومسلسل الهدم المتواصل والذي كان آخره التهديد بهدم أبراج سكنية تأوي مئات العائلات في حي راس خميس بالقدس المحتلة والذي من شأنه ان يطرد مئات العائلات الفلسطينية التي ستجد نفسها في الشارع.
مخطط برافر
وغير ذلك فالوطن يتوجع من كثرة سكاكين الكي التي تتكالب على جسده الطري فلم يصل الأمر الى هنا وهناك فترى أيضا في الجهة الاخرى في النقب الفلسطيني وفي الجليل والمثلث عملية التهديد المستمرة في التهويد والترحيل فبعد مخطط برافر في النقب الذي يعد نكبة لا تقل أهمية وخطورة عن نكبة العام 48 والتي وقف لها الأهل في الداخل شيبا وشيابا بالمرصاد حين توحدوا تحت كلمة واحدة ضد تهديد برافر وقد يكونوا نجحوا لبعض الشيء في كسر حاجز الخوف واسقاط القناع عن وجه دمقراطية الدولة المزيفه المحتلة لاحلامهم لكن حكومة الإحتلال تغير من منهجها ونظرتها ولربما قد تكون شهوتها فتحت على الجليل الذي وقف أهله ندا امام حكومة اليمين المتطرف.
تهديد الإحتلال المتواصل
فالنقب يعيش ولا زال تحت رحمة تهديد الإحتلال المتواصل والنشطاء الذين توعدتهم اسرائيل بالملاحقة لا زالوا تحت المجهر وغزة التي تئن تحت الحصار لا زالت تصحى وتنام على وقع التهديد والوعيد ورام الله ومعلميها لا زالت ايضا تحت عصى التهديد الغليظة بقطع أرزاق المعلمين في حال أضربوا والكل يهدد في سكان تلك الأرض وكأنهم شوكة في حلق العالم الذي يتلذذ بمعاناة هؤلاء الناس الذين لا يسعون سوى وراء حرية واستقلال وكرامة وطنية، هي اقل الحق لهم بعد 60 عاما من النكبة والكذب المتواصل بحقهم وايضا حتى يخرجوا من حالة التسكين المتواصل الى اقتلاع مشاكلهم من جذورها وعلى رأسها المحتل واذنابه.
ومن هذا المنطلق يبقى الوطن يعيش الى تلك اللحظة على وقع وتحت رحمة التهديد والوعيد بحملات امنية تستهدف ابناءه في نابلس وفي جنين القسام بدعوى القضاء على الفلتان وعلى الاستغلال وفي باطنها جزء من الحقيقة وفي الجزء الثاني من الحملات تختفي جملة ملاحقة المقاومين إن وجدوا وحملة السلاح في جنين ونابلس والمخيمات في شمال الضفة الغربية. ولا بد للمسلسل ان ينهي حلقاته بما يريد الأبطال هنا. فالمعلمون أصحاب حق وأهل النقب أصحاب الارض والمسجد الاقصى لا يلغى بهيكل مزعوم والجليل أرض فلسطينية مهما تغيرت معالمها. وغزة طبقها الشهي هو الفلفل الحار فهي التي تستهوي المواجهة فلم نراها يوما مكسورة الجناح .. وإذا ما هدد العالم هذا الوطن تراه سيدا يقبل التحدي تحت قدمية.
وليسقط مخطط برافر وليحيى الوطن
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net