سالمٌ لا يحبُّ المذاكرةَ أبدًا. ما أن يعودَ من المدرسةِ للدَّارِ حتى يضعَ حقيبتَه المدرسيَّةَ ويُسرعَ للنادي ليلعبَ ويلعبَ حتَّى المساءِ. حذَّرته أمُّه كثيرًا قائلةً: هناك وقتٌ كَيْ تلعبَ ووقتٌ كي تذاكرَ.
كان يقول لها ببراءةٍ وبراءةُ الأطفال في عينيه: أمِّي لا تقلقي.. فأنا متفوِّقٌ في دراستي ولا حاجة بِي للاستذكارِ.
وهكذا ظلَّ سالمٌ يُوهِم أمَّه أنَّه التِّلميذُ المتفوِّقُ الذي سيحصل على أعلَى الدَّرجاتِ في اختباراتِ نهايةِ العام، وكانتِ الأمُّ تقول له دائمًا: سيكونُ عقابُك وَخِيمًا إذا لم تكنْ درجاتُك بالشَّهادةِ مرتفعةً.
تمرُّ الأيَّامُ وسالم يلعب ويلعب ويجري هنا وهناك ولا يهتمُّ بموعدِ الامتحاناتِ الذي أخذ يقتربُ ويقتربُ، فجأةً بدأ سالم يُلاحظ شيئًا غريبًا.. الأصدقاء والجيران الذين يلعبون معه في النادي أخذوا يتناقصون يومًا بعد يومٍ، وفجأةً وجد نفسَه وحيدًا في النادي.
لماذا لم يَعُدْ أصدقاؤه يأتون للنَّادي ليلعبَ معهم كعادتِه كلَّ يومٍ، توجَّه سالم بسؤالِه للعمِّ محمودٍ حارسِ النَّادي الذي أجابه في إشفاق: كلُّهم يلتفتون الآنَ للمذاكرة.. فاللعبُ لن يُفيدَهم عند الامتحاناتِ.
حاول سالم أن يعودَ ويُذاكرَ ويُحاوِلَ تعويضَ ما مضَى ولكنَّه كان كلَّما فتح كتابًا أغلقه.. إنَّه لا يستطيع المذاكرة.. الوقتُ المتبقِّي على الامتحانات لا يكفي أبدًا.. ماذا يفعل.
كان يومًا صعبًا جدًّا حِينَ عاد للدَّارِ وقد خبَّأ شهادتَه خلفَ ظهرِه في حرجٍ شديدٍ، سألتْه أمُّه في لهفةٍ: هل أحضرتَ شهادةَ درجاتِك أيُّها التلميذُ المتفوِّقُ؟
امتدَّتْ أصابعُ سالم المرتعشةُ بالشَّهادةِ يُقدِّمها لأمِّه التي ما أن نظرتْ إليها حتَّى شهقتْ في فزعٍ فلقد كانت كلُّ درجاتِه منخفضةً جدًّا، نظرتْ له الأمُّ غاضبةً وهي تقول: أنت تستحقُّ العقابَ.. فكم نصحتُك فلم تستمعْ لنُصحي.
وهنا أخذ سالم يبكي بشِدَّةٍ وهو يقول بصدقٍ: لقد عرفتُ خطئِي يا أمِّي.. وأعدُك أن أهجُرَ اللعبَ تمامًا في أيَّامِ الدِّراسةِ وأهتمُّ بمذاكرتي.. مذاكرتي فقط.
شعرتِ الأمُّ بصدقِ حديثِه فتمتمتْ قائلةً: ستكونُ هجرةً مباركةً إن شاء اللهُ.. عِدْنِي أن تذاكرَ منذ اليومِ.
هتف سالم بصدقٍ: أَعِدُكِ يا أمَّاه.
موقع العرب يتيح لكم الفرصة بنشر صور أولادكم.. ما عليكم سوى ارسال صور بجودة عالية وحجم كبير مع تفاصيل الطفل ورقم هاتف الأهل للتأكد من صحة الأمور وارسال المواد على الميل التالي:alarab@alarab.net