الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 20 / سبتمبر 20:02

بين التذكير بمغفرة الله وشده عقابه /بقلم:الشيخ عبد الرؤوف أبو شقرة

كل العرب
نُشر: 23/02/14 09:42,  حُتلن: 12:21

الشيخ عبد الرؤوف أبو شقرة:

النفس كالطفل إن رأيته يستسهل الخطأ ولا يتسجيب للنصيحة، وييتهتر بمن حوله ولا يأبه بأحد فلا بد من زيادة الخوف عنده بالعقاب والحساب

محبة الله فهي العماد في تصحيح الوجهة وتحديدها فيُذكّر الخلق بعطاء الله ونعمته وعظيم فضله ومنِّهِ وكرمه فهي تنشطه في العبادة وتستحث همّته، وتعلو به المنازل والرتب 

الْحَمْدُ لِلهِ وَالصّلَاةُ وَالسّلَامُ على رَسُولِ اللهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ وَالَاهُ وَبَعْدُ ..من نفائس علماء السلوك، أن دوافع الإيمان ثلاثة: الحب والخوف والرجاء، وقد شبهوها بالطير المحبة رأسه والخوف والرجاء جناحاه ..والمقصود بذلك ضرورة وجود الدوافع الثلاث لبقاء الإيمان وسيرورة العمل..

(1)
فمن الناس من عظُم الرجاء عندهم وضعف الخوف، لذا لا يتورعون عن المعاصي، وتتثاقل نفوسهم الطاعات، وإن نصحتهم قالوا: "إن الله غفور رحيم" وقالوا: "إن الدين يسر لا عسر" وقالوا: "يكفينا قول لا إله إلا الله" ومن هذه العبارات التي يبرر أحدهم فيها لنفسه القعود والخمول ..

فمن فقه الدعوة أن تعظه بالخوف، وتذكره الوعيد، وتحذره سوء الخاتمة، ليعتدل جناح الخوف مع جناح الرجاء فيطير.. ومن ذَكّر هذا الصنف من الناس بسعة الرحمة وعظيم المنّ، وسهولة المغفرة، لم يزده إلا عجزاً وخمولاً.. فليست الحكمة في جلب الدواء، بل في استخدام الدواء المناسب للمرض المناسب في الوقت المناسب ..

(2)
ومن الناس من تجده قانطا من رحمة الله، يائسا من كثرة معاصيه، وغلبة ذنوبه، فإن ذكّرته بالله قال: "ربنا لا يغفر لأمثالي !" ومنهم من يقول يائساً: "تبت كثيرا وعدت لنفس الذنوب !" ومنهم من يقول: "خلص مهي خربانة وخربانة !"
فمن فقه الدعوة أن تعظ هذا الصنف من الناس بالرحمة، وسعة المغفرة، وقرب الله من عباده، وقصص المسيئين المتكبرين الذين تابوا فصاروا أعلاما بالدعوة والدين..
ومن ذَكّرَ هذا الصنفَ من الناس بالعذاب والسخط وسوء الخاتمة لم يزده إلا شقاوة وخمولا ..


وأما محبة الله فهي العماد في تصحيح الوجهة وتحديدها، فيُذكّر الخلق بعطاء الله ونعمته، وعظيم فضله ومنِّهِ وكرمه، فهي تنشطه في العبادة وتستحث همّته، وتعلو به المنازل والرتب ..

فاحفظ هذه الكلمات، وكن طبيب نفسك وطبيبا لغيرك على سواء، واعرف مكامن الخلل في القلب، لتنطلق طاعة وقرب وفوز بجنة عرضها السماوات والأرض..

فإن حدّثتك نفسك بالمعصية فحدّثها بالخوف وسوء الخاتمة والمكر، ولا تستجب لدعوة المغفرة ..
فإن عصيت وندمت وتبت فحدّث نفسك بالمغفرة ولا يقنطنّك الشيطان، ولا يحصرنّ ويُضيّق مغفرة الله عليك..

فالنفس كالطفل إن رأيته يستسهل الخطأ ولا يتسجيب للنصيحة، وييتهتر بمن حوله، ولا يأبه بأحد فلا بد من زيادة الخوف عنده بالعقاب والحساب..
وإن كان تائبا منكسرا نادما عمّا فعل، وقد عرف خطأه، وبدا منه علامات الصدق في ذلك، فحسن الكلام معه واللين أفضل ..

واعلم أن الشيطان يدعوك أحيانا للخير ليحرفك عن خير أفضل منه، أو ليأخذك عن طريق الخير للشرّ ..
فوطّنوا أنفسك واعلموا أن الله (غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ) غافر الذنب للتائبين، وشديد العقاب على المستهترين ..

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net


مقالات متعلقة