الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 22 / نوفمبر 23:02

بعيداً عن انتخابات الناصرة لكن في قلبها/ بقلم: سليم سلامة

كل العرب
نُشر: 21/03/14 09:45,  حُتلن: 11:40

سليم سلامة في مقاله:

لم تكن في نتائج هذه الانتخابات أية مفاجأة سوى بالأرقام والفارق فقط

ما هي "الناصرة" إن لم تكن مجموع أهلها ناسها في بيوتهم وحاراتهم وأزقتهم وهمومهم ومشاغلهم وانشغالاتهم آلامهم وآمالهم وإرادتهم؟؟ 

أسباب فشل الجبهة كانت متوفرة وواضحة منذ زمن طويل وكان الحريّ بالمتابعين والمعنيين أن يلتقطوا الإشارات السابقة العديدة التي رسمت الطريق نحو هذا الفشل

الوقت قد حان ومنذ زمن لكي ينتفض الحزب على نفسه، على عجزه واستسلامه إن هو أراد الحياة حزبا شيوعيا ماركسيا ثوريا جماهيريا مبدئيا فيقف أمام ضرورة فكّ سلاسل الجبهة عن عنقه

 للجبهة موقعا على الانترنت بينما لا يمتلك الحزب الأعرق في هذه البلاد موقعا مستقلا وخاصا به بلغة الأغلبية الساحقة من أعضائه وجمهوره ليس للحزب ولا لشبيبته الشيوعية أية صفحة خاصة باللغة العربية على شبكة الانترنت

كلام كثير قيل وكُتب عن نتائج الانتخابات الأخيرة (المعادة) لرئاسة بلدية الناصرة. لكن القليل جدا منه، فقط، ظل قابضا على جمرة النزاهة، الاتزان والموضوعية متسلحاً بالحقيقة كما هي، رغم مرارتها الأشدّ من العلقم، بعيدا عن محاولة اغتصابها وتشويهها من جهة، أو تجميلها وتلميعها من جهة أخرى. ولأنني كنت قد عزمتُ على كتابة هذا المقال قبل جولة الانتخابات هذه واستجبتُ لنصيحة بعض الأصدقاء بتأجيل النشر إلى ما بعد الانتخابات (وسيتبين القارئ هنا أن أطروحته تسبقها)، فلن أتطرق إليها إلا لماماً بما يستدعيه السياق فقط. ولأن كنتُ سألجأ إلى بعض المقتبسات مما قيل في هذه الانتخابات، سواء في "الاستعداد" لها أو "تلخيصها"، فليست "المعركة" وأغبرتها هي المقصودة، بل تأكيد فكرة مركزية مؤداها: لم تكن في نتائج هذه الانتخابات أية مفاجأة، سوى بالأرقام والفارق فقط. هذا ما تؤكده القراءة الصادقة للتاريخ، قريبة قبل بعيدة، والنظرة الجريئة إلى الواقع، سيروراته وتراكماته. وهذا ما كان يفترض بالمعنيين استبصاره وتيقّنه، قبل الحدث العيني!

لماذا؟ ... لأن أسباب فشل الجبهة، بل "ضماناته"، كانت متوفرة وواضحة منذ زمن طويل، وكان الحريّ بالمتابعين والمعنيين أن يلتقطوا الإشارات السابقة العديدة التي رسمت الطريق نحو هذا الفشل، وكان لزاما عليهم أن يدركوا أنّ الناصرة، وكما أنها لم تكن مبتدأ هذا الفشل، فلن تكون منتهاه، لكنها قد تكون أخطره! وهذا، إذا لم يحصل ما تحتّم حركة التاريخ الجدلية حصوله وما توجِب إرادة الحياة (الفردية والحزبية!) إجرائه، وهي إرادة لا تموت، وإنْ توهّم البعض إذعانها وأشاع آخرون استكانتها.

ولأنني على وعي وقناعة راسخين بأن دور الحزب الشيوعي في هذه البلاد وتاريخه ليسا في حاجة إلى أي شرح أو تقريظ، قطعيا، وهو ما لا يمكن لعاقل أن ينكره، أكان خصما أو عدوا، فإنني أختصر الطريق لأقول: تقوم أطروحة هذا المقال على قاعدة فكرة مركزية هي التالية: لا تزال هذه البلاد (ونحصر الحديث فيها، فقط) في أمسّ الحاجة إلى حزب شيوعي حقيقي، لا يتزيّن بالاسم فقط، بل يستلهم الفكر الماركسي، يعتمده ويستل أدواته التحليلية لقراءة الواقع ومعطياته، في حركتها الجدلية الدائمة، ثم يشتق من قراءاته هذه خططا تطبيقية وبرامج عملية! بل إن تراجع مثل هذا الحزب وضعفه - ولا أقول أكثر - هو من أخطر الانتكاسات التي يمكن أن تتعرض لها الفئات السكانية التي يفترض بهذا الحزب أن يكون ناطقا باسمها، حاملاً لهمّها ورافعاً لآمالها. وحين أقول "هذه البلاد"، فمن الواضح أنها تشمل، بالعناوين الرئيسية: الصراع العربي / الفلسطيني ـ الإسرائيلي بما فيه من احتلال وسلب الشعب الفلسطيني حقوقه، الطبقة العاملة في المجتمع الإسرائيلي، الأقلية العربية الفلسطينية بكل خصوصياتها، أوضاعها الداخلية، علاقتها مع الأغلبية اليهودية ومع مؤسسات الدولة ومستقبلها هنا.

من نقطة الارتكاز هذه، نأتي إلى محاولة (ليست دراسة شاملة ووافية!) لوضع الإصبع على الأسباب، الرئيسية في رأيي، التي أودت بالحزب الشيوعي إلى هذا المآل، حتى الآن. وهذا الهاجس يؤرقني منذ سنوات عديدة، منذ غادرت تنظيم الحزب في 1991، مُبقيا على الفكر الماركسي مرجعيتي ومنهجي في الحياة، رغم كل "الانهيارات" التي يستسهل البعض الاتكاء عليها في التنظير لـ "انتهاء/ موت الإيديولوجيات"! وفي إطار محاولتي هذه، عُدت إلى قراءة ما تيسر من وثائق الحزب، وخاصة تقارير مؤتمراته الأخيرة. لكنني، بأسف وحزن شديدين، لم أعثر فيها على ما يمكن اعتباره تقييما / تشريحا جديا وعميقا، صريحا، جريئا وشجاعا، لتاريخ الحزب ومسيرته، وخصوصا في السنوات الأخيرة، ولا على ما يصلح دعائم متينة وموثوقة يمكن إرساء برامج، تطلعات ورؤى مستقبلية عليها.

لم أجد في تلك الوثائق ما يضع تشخيصا عميقا لواقع ابتعاد الحزب عن جماهيره، تحليل أسبابه وسيروراته وطرح خطط متماسكة لإصلاح هذا الواقع، التغلب عليه وتغييره. وقد يكمن سبب ذلك في أن الحزب، بهيئاته المختلفة، غير مدرك لهذه الحقيقة، لا يراها ولا يجد حاجة إلى الخوض فيها، وقد يكون أن عوامل ذاتية تمنعه من إشهارها وبحثها والانكباب على معالجتها. وأيا يكن السبب، فإن الحقيقة الجلية هي أن الحزب، بفكره وأدواته التحليلية وأساليب عمله الجماهيرية، التوعياتية، التثقيفية، التحشيدية والتثويرية، ابتعد عن جماهيره حتى استحال هذا الابتعاد، مع الوقت، غيابا واضحا وقطيعة شبه تامة فنشأ فراغ كبير في كثير من القضايا والمحطات، لم تكن "الجبهة" ولا يمكن أن تكون قادرة على التعويض عن هذا الغياب ومؤهلة لسدّ هذا الفراغ.

ولسنا في حاجة، كما أعتقد، إلى نبش التاريخ القريب منذ تأسيس الجبهة، فهو لا يزال ماثلا أمامنا، بكل فيه من مواقف وممارسات دفعت، في محصلتها، باتجاه وضع الحزب في الظل. ويبقى السؤال المركزي يلحّ: لماذا تراجع الحزب عن صدارة المشهد القيادي و"اكتفى" بدور هامشي في الظل، حتى أصبح من النادر ذكر اسم الحزب في القضايا الأساسية التي يفترض أن تشكل عصب وجوده ومبرره وزاده الأساسي، وإنْ ذُكر فغالبا ما يكون هذا على استحياء ولا يتجاوز "ضرورات البروتوكول"؟
وفي محاولة الإجابة على هذا السؤال، سأتجنب الآن الدخول في باب قد لا يفضي في أجواء اليوم سوى إلى المناكفة العبثية، من قبيل: هل كان هذا غيابا، أم تغييبا؟ وإن كان تغييبا، فمعنى ذلك أنه كان مقصودا، وبالتالي: مَن الذي قاده وكيف ولماذا؟ هل كان الأمر فِعلا قصدياً متعمدا بدوافع "غريبة"، أم كان فقط نتاج صراعات "المطامح الشخصية" التي يمكن اعتبارها مشروعة ومبررة؟ سأترك الإجابة على هذه التساؤلات إلى بحث أكثر استفاضة، دقة، عمقا وموضوعية.

الحزب والجبهة
في العام 1977، بادر الحزب إلى إقامة الجبهة، عشية الانتخابات للكنيست التاسعة، على خلفية حدثين كبيرين جدا كان أولهما انتصار "جبهة الناصرة الديمقراطية" في انتخابات البلدية في 9 كانون الأول 1975 وفوز الراحل توفيق زياد برئاستها، والثاني يوم الأرض الخالد في 30 آذار 1976. ومنذ تلك اللحظة، ظل الحزب يؤكد أنه هو "العمود الفقري للجبهة"، وهذا ما كان فعلا. ولكن، ابتداء من أواسط التسعينات، حصل التحول الأكبر والأخطر: أصبحت "الجبهة" هي الجسم كله، بينما تحول "العمود الفقري" السابق إلى تابع، ينتظر رحمة "الجبهة"، يطلب رضاها، بل ويستجديها!

وتجسدت إحدى أبرز سمات هذا التراجع، وأهمها في إسقاطاتها وتفاعلاتها، في حقيقة أن هذا الحزب (الثوري) الذي كان السباق في طرح البرنامج السياسي الأوضح والأجرأ في ما يتعلق بحل الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني / العربي لم يفلح في استثمار أسبقيته هذه، وخصوصا بعدما تحول برنامجه السياسي إلى محطّ إجماع القوى والأحزاب والحركات السياسية الفاعلة في الوسط العربي، تقريباً، وبعض تلك الفاعلة في الوسط اليهودي، أيضا، بل أصبح يتداوله مسؤولون حكوميون بارزون، وإنْ كان تداولهم هذا غير صادق ويخفي في طياته نوايا وتوجهات مختلفة تماما! أخفق الحزب في استثمار إنجازه هذا، سياسيا وجماهيريا (وكذلك تنظيميا)، وهو إنجاز لم يتحقق لأية حركة أو حزب سياسي في هذه البلاد، منذ قيام الدولة. وبدلا من إعمال الإبداع في جعل هذا الإنجاز رافعة ووقودا، بل جناحين يحلق بهما إلى أعلى، سرعان ما تحول الحزب إلى واحد من تشكيلة الأحزاب المتحركة في الوسط العربي، تختلف في التنظيم وتتشابه في الطروحات، إلى حد التغييب الكامل، تقريبا، للمميزات، التباينات والفوارق الفكرية والسياسية. وهكذا، صارت المعارك الانتخابية المختلفة تأتي وتذهب دون أن تثير فيها النقاشات الفكرية والسياسية أي غبار يذكر، مما رسخ في أذهان الناس فكرة قاتلة بالنسبة للحزب: لجميعها اللون نفسه، الرائحة نفسها والطعم نفسه! وهي فكرة عززتها (في عقول الناس) التحالفات الانتخابية (الموسمية!) مع "التجمع الوطني الديمقراطي" أولا، ثم مع "الحركة العربية للتغيير" ثانيا، ثم الاستعداد للدخول في "قائمة عربية مشتركة وموحدة" لم يجهضها سوى خلاف على مواقع الترشيح، بوجه أساسي، فضلا عن التحالفات الغريبة والعجيبة في انتخابات السلطات المحلية في العديد من القرى والمدن العربية، بل وفي الوسط اليهودي أيضا!

لكن ضرر الجبهة على الحزب لم يقتصر على هذا المستوى فحسب. وهو ضرر أعتقده نتيجة، لا سببا. هو نتاج حتمي، في نظري، لأسباب وعوامل أخرى، أبرزها وأهمها عاملان اثنان في غاية الأهمية والخطورة: العامل الاقتصادي ـ المالي والعامل التنظيمي.

أما العامل الاقتصادي ـ المالي فهو ما يتمثل في الأزمة المالية الخانقة التي يعاني منها الحزب، والتي تحول دون تكريسه الجهود والقوى اللازمة والضرورية للنهوض بالمهام الملقاة على كاهله، كحزب شيوعي ثوري. وليس أدل على هذا، هنا، من الأزمة المتواصلة التي تغرق فيها صحيفة الحزب (الاتحاد)، دون أن يكون الحزب قادرا على إسعافها، ولو بالحد الأدنى.
ويتجسد هذا الواقع، أيضا، في أن للجبهة موقعا على الانترنت، بينما لا يمتلك الحزب، الأعرق في هذه البلاد، موقعا مستقلا وخاصا به بلغة الأغلبية الساحقة من أعضائه وجمهوره. ليس للحزب، ولا لشبيبته الشيوعية، أية صفحة خاصة باللغة العربية على شبكة الانترنت، بينما هنالك موقع للحزب باللغة العبرية، وهو موقع محتلن نسبيا، وفيه مواد ووثائق عديدة عن الحزب، تاريخه ومؤتمراته وجريدته (زو هديرخ)! وأكثر من هذا، للحزب موقع باللغة الإنجليزية هو أكثر حتلنة حتى من الموقع باللغة العبرية! أما باللغة العربية، فلا شيء! لا تجد، ولا حتى في موقع الجبهة، أيا من وثائق الحزب، بينما تجد فيه روابط لمواقع "الحزب الشيوعي الأردني" و"الحزب الشيوعي الفلسطيني" و"الحزب الشيوعي ـ عبري"! وهذا، ناهيك عن أن جميع التقارير والأخبار والمقالات التي تنشر في موقع الجبهة هي مواد منقولة عن صحيفة "الاتحاد"، لكن من دون أية إشارة إليها، باستثناء "كلمة الاتحاد" ومواد "ملحق الاتحاد الأسبوعي" (والإشارة إلى "الملحق" جديدة، نسبيا). فكيف يسمح الحزب الثوري بوضع تعيش فيه صحيفته العريقة، الأعرق في هذه البلاد، مثل هذه الأزمة الخانقة المتواصلة منذ سنين، ناهيك عن أنها الوحيدة التي ليس لها موقع مستقل على الانترنت، في عالمنا الراهن؟

وأما العامل التنظيمي فهو الخطأ القاتل الذي ارتكبه الحزب ـ وأميل إلى ترجيح أن الأمر كان "سهوا" وفي غفلة من الأحداث لم يلتفت الحزب إلى ما يحمله من نتائج مستقبلية – فهو: انتخاب عضو قيادي في الحزب رئيسا للجبهة! فقد جنح هذا إلى خرق قرارات الحزب، انتهاك مبادئه وثوابته الفكرية والتنظيمية والسياسية (وسنأتي على هذا لاحقا)، من خلال الاستهتار التام بالحزب وهيئاته، متسلحا بـ "الظهر" الذي بناه لنفسه في "الجبهة" وبواسطتها ـ يخرق قرارات الحزب وأنظمته ثم يلوذ بالجبهة محتميا، وفيها لا يتورع عن التجنيد والتحشيد ضد الحزب وتوجهاته وقياداته! وإذا لم تكن هذه الممارسة هي الانتهازية بعينها، وفي أرذل صورها، فنحن في حاجة إلى إعادة تعريف الانتهازية من جديد، إذن! عندئذ، طال التدهور التنظيمي والفكري (في ظل التدهور المالي ـ الاقتصادي) جميع مستويات الحزب، من أعلى إلى أدنى! ولم يكن الحزب في حاجة إلى طويل وقت حتى يبدأ بمكابدة سمّ هذه العدوى وهي تنتقل وتتفشى، عموديا وأفقيا، في الفروع المحلية المختلفة، فصار أعضاء الحزب غير الملتزمين تنظيميا وفكريا يتصرفون على هذا النحو، أيضا، وهو ما انعكس واقعاً في حالات انقسامية في العديد من فروع الحزب في عدد من القرى والمدن. وفي حالة التدهور التنظيمي والفكري هذه، أية مناعة وأية قدرة تبقى لدى الحزب لصدّ التدهور، الخروقات التنظيمية والانحرافات السياسية؟

في مقالته عشية الانتخابات المعادة لرئاسة بلدية الناصرة وعنها (موقع الجبهة، الخميس 6/3/2014)، كتب عصام مخول: ".... كان المطلوب تغييب التناقض بين الامبريالية والصهيونية وحلفائهما من الرجعيات العربية من جهة، وبين الشعوب العربية المكافحة من الجهة الأخرى، وأن يُمحى من ذاكرة الشعوب شعار الشيوعيين التاريخي:"مع الشعوب العربية، ضد الامبريالية وعكاكيزها في المنطقة، وليس مع الامبريالية وعكاكيزها المهترئة ضد الشعوب العربية"". وأقرا هذه الكلمات فأتساءل: ألم ير عصام أن قادة من الصف الأول في الحزب الشيوعي الإسرائيلي شاركوا وساهموا، فعليا، في "تغييب هذا التناقض..." فداسوا شعار الشيوعيين التاريخي المذكور، باجتماعاتهم ولقاءاتهم المتكررة مع أسامة الباز، مستشار مبارك، ثم مع عمر سليمان، مدير مخابراته، ثم بقبول "مكرمات ملكية" من الملك الأردني، ثم المباركة غير المشروطة وبدون تحفظ لممارسات سلطة أوسلو ومفاوضاتها العبثية، وغيرها ربما مما لم يُزَح الستار عنها ولم يُكشف النقاب عنها، حتى الآن؟؟

ثم يقول عصام: "فبمقدور الناصرة اليوم، وبعد أشهر معدودة من التجربة المرة، أن تستنهض كل ما فيها من القوى والشخصيات الوطنية والتقدمية الحقيقية، وفيها الكثير منها، وبمقدورها أن تلفظ مشروع "الفوضى الخلاقة" وأصحابه، وبمقدورها أن تنطلق نحو مرحلة وطنية جديدة. بمقدورها أن تعيد ترسيم الخارطة السياسية للقوى الوطنية وتحالفاتها من جديد، ليس في الناصرة وانتخاباتها فقط، وإنما على ساحة الجماهير العربية القطرية (بضم القاف وسكون الطاء وليس بفتحهما)".

وعلى هذا، لنا أن نسأل الرفيق عصام، وقيادة الحزب كلها من خلاله: كيف "بمقدور الناصرة" (أو سواها) أن تقوم بهذا كله؟؟؟ ما هي "الناصرة" إن لم تكن مجموع أهلها، ناسها، في بيوتهم وحاراتهم وأزقتهم وهمومهم ومشاغلهم وانشغالاتهم، آلامهم وآمالهم وإرادتهم؟؟ هل يدل هذا "الجزم" على استشعار مجسات الحزب (حزب الطبقة العاملة والجماهير الكادحة) ما يعتمل بين الناس وما يتفاعل تحت سطوح شكواهم؟ وإن كنت أطرح سؤالا استنكارياً، فلأجيب عليه، بالقطع: لا، كبيرة!

وخلاصة القول، أن الوقت قد حان، ومنذ زمن، لكي ينتفض الحزب على نفسه، على عجزه واستسلامه، إن هو أراد الحياة حزبا شيوعيا، ماركسيا، ثوريا، جماهيريا، مبدئيا، فيقف أمام ضرورة فكّ سلاسل الجبهة عن عنقه قبل أن تخنقه تماما فتودي به إلى الشلل التام، إن لم تقتله!

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة