الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 24 / نوفمبر 07:01

اللامبالاة والجانب المظلم /بقلم:عزت فرح

كل العرب
نُشر: 25/03/14 11:35,  حُتلن: 13:30

عزت فرح في مقاله:

للاهل دورا حاسما في التربية على المشاركة وتحمل المسؤولية والشجاعة في مواجهة الامور

موت الديموقراطية هو بسبب اللامبالاة السياسية ويمكن اعتبار السلبية عرض او متلازمة او مرض

لماذا لانتغير ونغيّر، لماذا ماتت قلوب الناس، لماذا ماتت ضمائرنا ، لماذا هذه السلبية في الامّة، لماذا نحب روح الانهزامية ، لماذا هذه الانانية وحب الذات، لماذا ماتت قلوبنا من النخوة

كلنا كالقمر له جانب مظلم، اللامبالاة: انت الضحية وهي الجزّار، انت الحمل وهي الذئب، انت الحطام وهي الدمار. انّ اللامبالاة هي اّخر فصول الوجع. عندما ينكسر القلب اكثر من مرة هذه هي اللامبالاة اللامبالاة في تعريف علم النفس حالة وجدانية او عاطفية وهي ان يتصرّف الانسان بلا اهتمام في شؤون الحياة ، ولا الاهتمام في الشؤون العامة كالسياسة مع عدم القدرة على الاكتراث بالعواقب والنتائج.
اللامبالاة تعني قمع الاحاسيس، ويجوز ان يكون هذا التصرف ناتجا عن عدم قدرة الانسان على حل المشكلات التي تواجهه، او ضعفه امام التحديات.
ان اللامبالي لا يجد الفرق بين كل المشاعر وان لم يبد هذا صراحة امام الناس.
انّ اول من انشاّ مصطلح اللامبالاة او السلبيةهم الرواقيون وقالوا ان السلبية هي انطفاء المشاعر بسبب العقل، وسوف اّتي على شرح فلسفة هؤلاء.

انّ موت الديموقراطية هو بسبب اللامبالاة السياسية ويمكن اعتبار السلبية عرض او متلازمة او مرض.
لماذا لانتغير ونغيّر، لماذا ماتت قلوب الناس، لماذا ماتت ضمائرنا ، لماذا هذه السلبية في الامّة، لماذا نحب روح الانهزامية ، لماذا هذه الانانية وحب الذات، لماذا ماتت قلوبنا من النخوة، لماذا لا نقول كلمة الحق حتى لو كانت مؤلمة ولماذا هذا الصمت الغريب.
ان اسباب اللامبالاة كثيرة : اسباب عضوية ، نفسية ، اجتماعية وتربوية بالاضافة الى مشاهد القتل والدمار والحروب، كل هذه الامور وغيرها تجعل الانسان غير مكترث بما ستؤول اليها الامور.
اما العامل العضوي فيكون من جراء الافراط في تناول فيتامين د ، والتعب العام . وكذلك لاننسى تناول الكحول والمخدّرات الثقيلة كالهيروين والكوكايين او من مرض الزهايمر او امراض اخرى او انفصام الشخصية
وهناك علاقة طردية بين الاكتئاب واللامبالاة.
اما العامل النفسي فهو النابع من الميكاتيزمات الدفاعية التي تدافع بها الانا عن الذات واذا كان الواقع مليئا بالمشاكل فوق القدرة فيكون الهروب من الواقع والنكوص واحلام اليقظة والتبلّد، عندما يتعرض الانسان الى الحرمان والبطالة تظهر لديه ميول عدوانيّة وعادة يكون تقدير الذات منخفضا فيشعر ان لا قيمة له في المشاركة وتارة تكون احداث متعبة فيستبعد مشاركته
اما العامل الاجتماعي عندما يتعرض الانسان لصدمات نفسية مخيفة او ضغوط، كما يحصل في الحروب من قتل اوتشويه للبشر والحجر وخاصة بعد الحرب العالمية الاولى بسبب ما تسمى صدمة القذيفة عندما كان الجنود يعيشون في الخنادق وسط القصف والذين شهدوا معارك مع رفاق قتلى ومشوّهين جعلتهم يفقدون الحس بالتفاعل الاجتماعي والشعور باللا مبالاة ووضعت هذه الاوضاع الفرد بشعور عدم انتمائه للجماعة.

والعامل التربوي له اكبر الاثر في تنمية الشعور باللامبالاة. وتلعب نظرية مرحلة الطفولة كما اوردها اريك اندرسون: من 18 شهرا حتى 3سنوات صراع بين التحكم الذاتي في مقابل الخجل وتنتج ضبط النفس والشجاعة والارادة تنتج دورا في اللامبالاة.
يلعب الاباء والامهات دورا مركزيا في ارساء وتطوير شخصية الطفل، عندما يعمد الاهل على تعليم الطفل الاعتماد على النفس في الامور الحياتية وعدم التعلق بالاهل في كل كبيرة وصغيرة.
انّ للاهل دورا حاسما في التربية على المشاركة وتحمل المسؤولية والشجاعة في مواجهة الامور.
واما الفلاسفة الذين تعاملوا مع مادة اللامبالاة فهم الرواقيون والرواقية واحدة من الفلسفات الهلنستية في القرن الرابع قبل الميلاد، اعتقد هؤلاء ان مشاعر الخوف والحسد، كما مشاعر الحب الملتهب والجنس المتقد هي احكام خاطئة انكان ذلك بذاتها اوبما ينبثق عنه وان الانسان الحكيم اخلاقيا وفكريا يرفض الخضوع لهذه المشاعر.
ان زينون وكريسبوس هما اكبر الدعاة للمدرسة الرواقية وحددوا دور العلوم لديهم على ماياّتي: المنطق هو السور، الفيزياء هي التربة الخصبةوالاخلاق هي ثمرتها.
ويعتقد هؤلاء ان الحياة يجب ان تعاش وفق الطبيعة.
لقد سلّم الرواقيون باربع مقولات: القوام(الموجود) الكيف، الحالة( اي الكينونة) الحالة النسبية( الوجود الى جانب شئ ما)، ان منطقهم يقوم على الاحكام النسبية لا القطعية
ولا بدّ لي ان اشير الى الفولكلور السائد للحالة المرضية التي اسميناها اللامبالاة، فترى في المجتمع من يقول (حادت عن ظهري بسيطة،) اوكاّن يقولون (سيبك) او تسمعهم يقولون ( شوخصنا).
اود ان اقول ان هذه المظاهر هي صور متحدرّة من مرض اللامبالاة او السلبية التي نرجو التخلص منها ليكون لنا دور فعّال في مايدور حولنا.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net


مقالات متعلقة