الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 25 / نوفمبر 00:01

الشرايع بين حلم العودة وألم الذكرى

من رماح مفيد
نُشر: 20/05/08 10:34

* من كانت إرادته قوية سيصمد أمام أية ظروف

* أنا أريد مقابل قبر والدي في ارضي قبر ابو اليهود هيرتسل

* أباءنا وأجدادنا لم يخرجهم من هذه القرية خوف من إحداث النكبة ولكن أمال وطموح أبنائهم وقلقهم على مستقبل اولادهم


بين حلمه بالعودة وألم ذكرى الهجرة قام ابن قرية الشرايع إبراهيم وشاحي بتنظيم جولة شارك بها أبناء القرية -سابقا - هم وأحفادهم ، في جولة بدت كأنها مشهدا من حلم العودة الذي يراود أبناء القرية وحلم لامس مخيلة الأحفاد من ذكريات إبائهم واجدادهم.



أهالي قرية الشرايع الذين لم تخيفهم مجازر وأحداث النكبة العام 1948 صمدوا على أرضهم رغم ما مارسته الدولة الصهيونية ضدهم من سياسة التهجير ألقسري. وعن ذلك يحدثنا ابن القرية والمبادر لهذه الجولة إبراهيم وشاحي قائلا: "ان أباءنا وأجدادنا لم يخرجهم من هذه القرية خوف من إحداث النكبة ولكن أمال وطموح أبنائهم وقلقهم على مستقبل اولادهم اضطرهم لترك القرية والخروج منها إلى القرى المجاورة وأصبحوا بذلك لاجئين محليين. فبعد ما مارسته السلطة من سياسة اضطهاد ضدنا كمنعنا من البناء على أرضنا والتعمير بها، ومنعنا من مد الكهرباء وحقنا في تعليم أبنائنا وتعمير المدارس هنا ما كان لنا إلا إن نترك القرية ونذهب للعيش في قرى مجاورة كـ (أم الفحم , عاره , عرعره , الناصرة ).
ويضيف وشاحي يربطنا جميعا عهد واحد وهو محاولة العودة إلى الشرايع وسنحاول ان يكون هذا تقليد سنوي يقوم به أهالي الشرايع.



بين حلم العودة الذي يراود العم إبراهيم الذي تأسّف لتركه للقرية وتمنى لحظة يعود به التاريخ خطوة للوراء لكان قد بقي على أرضه رغم الاضطهاد والمضايقه التي تعرض لها،  وكانت قصة من الصمود والتشبث بالأرض تتحقق في جزء أخر من القرية .
فحكاية العم محمد اسعد ياسين الذي رفض الهجرة مع أهالي القرية الذين هاجروا إلى القرى المجاورة وصمد على أرضه رغم كل ما كان يتوقعه ويعرفه من معاناة سيواجهها هو وأبنائه الاثنين وبقي كالحارس المرابط  لقرية الشرايع التي كانت تعتبر جزء من قرية عنين والتي بموجب ذلك كان يعتبر أبناءها كمواليد قرية عنين كالحج فتحي الذي ابرز لنا شهادة ميلاده الموقعة بخط يد مختار قرية عنين  عبد القادر ياسين رغم انه مواليد  خربة الشرايع.
وفي سؤال وجهناه لأبي عبد الله الزير وهو الابن الأصغر لمحمد اسعد ياسين عن هجرة أهالي القرية قال: من كانت إرادته قوية سيصمد أمام أية ظروف وان كانت بالصعوبة التي يصفوها , وان كان سبب الهجرة هو الاضطهاد فان الحياة في (إسرائيل)  بشكل عام صعبة جدا ونعاني من العنصرية بشكل يومي  .



بعد موت الزير فتحت أطماع الدولة وبدأ مسلسل التسوية  مع الأبناء ابو محمد الزير  وأبو عبد الله الزير  وأنكرت الدولة  أي  حق لهم  في الأرض.
 عندما أنكرت الدولة وجودهم ابرزوا  المستندات  التي تثبت ملكيتهم للأرض التي تقدربأربع مئة دونم وبدأت رحلة الألف ميل في  محاكم الأراضي في حيفا وعرض عليه كتسوية 60 دونم له ولأخيه  فسأل 400 دونم اخذ منها فقط  60 دونم فأجابه القاضي أمان تأخذ ال60 دونم وأما أن تشتكي لرب السماء.
وفي إحدى الجلسات في محكمة الأراضي في حيفا  سأل ابو محمد الزير  مندوب دائرة أراضي اسرائيل، هل تبادلني الأرض  في إي مكان أنا اطلبه؟! فرد  المندوب،  اطلب  وأتمنى فقال له أنا أريد دونم من الأرض في جبل هرتسل فسأله المندوب لماذا في جبل هرتسل بالذات أجابه ابو محمد لأنه في جبل هرتسل يوجد قبر هرتسل وهرتسل يعتبر ابو اليهود وأنا أريد مقابل  قبر والدي في ارضي قبر ابو اليهود في جبل هرتسل في القدس.



وبعد أن رفض الزير المساومة اتخذت إجراءات قضائية ضده وضد أخوه ابو عبد الله الزير وبيت زوجة أبيهم وتكلفتهم بهدم البيوت ومنعم من البناء والتعمير في الأرض.
ويحدثنا ابو عبد الله الزير عن حياتهم في القرية فقال في البداية تضايقنا لان أهالي القرية: " تركونا لوحدنا كان اولادنا يفتقدوا الأطفال من أترابهم  ليلعبوا معهم لكن أصدقائنا وأقاربنا لم يتركونا وحدنا، بقي يزورونا ويواسونا ولم نيأس أبدا، كنا نزرع القمح وعدس والخضار، كنا نقتني الطحين من أم الفحم أو كنا نجمع القمح ونطحنه هناك ، ونربي الغنم والبقر نذبح ونأكل من خيرات هذه الأرض ونتزود بأغراضنا من القرى المجاورة ثم اشترينا ناطور كهرباء وكان لدينا الثلاجة وعشنا حياة طبيعية ولم ينقصنا شيء لكن الدولة أصرت على مضايقتنا في الشارع الذي كنا نذهب منه إلى أم الفحم للتزود بحاجبتنا ومع ذلك صمدنا حتى عام 1994.
أما شريف ابن ابو محمد الزير والذي هجر من القرية قال كانت الحياة في الشرايع أجمل بكثير من الحياة في المدينة كنا نشعر إننا في بلدنا أرضنا ، كان أجمل ما فيها هي بساطتها كنا نسير 3 كم يوميا للذهاب للمدرسة في أم الفحم أو عين السهلة  ولكن شريف الذي اغرورقت عيناه بالحنين للبلد وذكرى والده قال حتى السير 3 كم يوميا كان رغم ما يتوقعه البعض من صعوبة  أجمل ذكرياتنا هنا.



شريف الذي هجر من القرية في عامه إل 14 قال: 2\7\ 1994 كان يوم عيد ميلادي لكنه كان موعد مع نكبة جديدة  فأكثر ما ألمني وقت ذاك هو إننا بأيدينا هدمنا البيت لأنهم هددونا أم إن نهدم البيوت وإما أن نتكفل بتكاليف الهدم ألباهظة أن قامت قواتهم بهدم البيوت , لك أن تتخيلي كم هو قاسي الأمر وصعب كنت آنذاك ابن 14 عام اذكر جيدا المشهد تمام كما اذكر إني رفضت إن اخرج منها وكانت لي عدة محاولات للعودة هنا وان لم استطع إن أعود للعيش هنا ولكني إلى يومنا هذا أتي بشكل يومي إلى بيتنا وان كان مهدوم إلى أرضنا وان كانت مزروعة بالزيتون لان عشق الأرض تحذر بنا.
ابو الزير كانت وصيته لأبنائه عندما شعر باقتراب ساعته طلب منهم  دفنه عند مماته في وسط الأرض ليتربع  فوقها  كتربع الملك فوق عرشه ليحفظ الأرض ويصونها للأجيال القادمة فكان ابو الزير يؤمن بأنه وان فكر أبنائه للحظة بالتفريط بالأرض فانه سيصعب عليهم التفويض بقبر والدهم.
ولم تكن هذه الوصية بعيدة عن وصية الزير نفسه الذي وافته المنية قبل شهر من ألان بأن يدفن هو الأخر إلى جانب قبر والده متوسط الأرض كحارس جديد وشاهد على ملكيتها.
ولا زالت الشرايع المكان الذي يلوذ إليه أبناء وأحفاد الزير الذين يؤكدوا رغم صغر سنهم إننا هنا باقون وأرضنا رغم كل المصاعب سنكون.

مقالات متعلقة

º - º
%
km/h
3.71
USD
3.88
EUR
4.67
GBP
362801.52
BTC
0.51
CNY