الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 20 / سبتمبر 09:02

لا تدفنونا أحياء...بقلم: نواف زميرو


نُشر: 27/05/08 17:07

شريحة ذوي الاحتياجات الخاصة من الشرائح الاجتماعية الكبيرة والحساسة في المجتمع، لاسيما أن نسبتهم في بلدان عديدة، نسبة لا يجوز إهمالها، فعندما يُذكروا في مجالس الحديث، للوهلة الأولى يعلو في ذهن الحاضرين ذلك الإنسان المصاب بالشلل... أو العمى ..أو التخلف.. وغيرها من إعاقات أخرى، وما مدى صعوبة حياته ومعاناته اليومية وتظهر في مخيلتهم صورة المسكين، المنعزل، المحتاج للمساعدة في جميع الأوقات، وبعض الأفراد يصل بهم الأمر إلى أن يذرفوا بعض الدمعات شفقة وتضامناً، غير آبهين بضرورة الوقوف حول حقيقة الوضع لدى كل فرد من أفراد هذه الشريحة، فلا حاجة للمعاملة الخاصة التي قد تؤذي أحاسيسه الشفافة ولكن لكل مقام مقال ويوجد حدود وإطار لكل تعامل وتصرف.
أمِلنا أن يُخاطِبوا المعاق بصورة عادية دون إبراز أي نقص أو عيب في طريقة حديثه ولكن هنالك أفراد من مجتمعنا تربوا على الغلظة والقسوة!!! فلا يرغبون تواجد احد المعاقين في حفل خاص لأن البعض لا يطيق رؤية مثل هذه الأشكال!!! نعم لقد وصلوا لأدنى مستوى من الإنسانية والتعامل وتناسوا أن هؤلاء المعاقين جسدياً أو عقلياً إنما هم بشرٌ مثلنا، ومنهم من يرى ذو عاهة ظاهرة فلا يغض البصر عنه ويحدق به بنظرات جارحة ويقلد حركته وتصرفه ضاحكاً وساخراً فيسبب له ألماً وأسى في القلب.. هل هذا هو العدل المنشود أيها الأخوة؟ إن من سمات المسلمين الحقيقيين التحلي بالأخلاق الحميدة والحفاظ على كرامة الإنسان أينما كان، و من لا يرحم الناس لا يرحمه الله..
هنالك بعض الضوابط و القواعد المحبذ التقيد بها أثناء التعامل مع بعض إخواننا من ذوي الاحتياجات الخاصة فإعاقاتهم متعددة ولكل منهم قدراته ووضعه الخاص، فبعضهم بحاجة للمساعدة في حالات عديدة ولكن رغبتهم بالشعور بالاستقلالية والاعتماد على النفس يحول دون طلبهم للعون لذلك عليكم إخواني إذا رأيتم معاقا يعاني من صعوبة في تنفيذ مهمة معينة، التوجه وعرض العون دون فرض ذلك عليه وكونوا مستعدين لاحتمال رفض عرضكم هذا، ليس تعاليا أو تكبرا إنما رغبة منه الشعور بأنه إنسان قادر على تنفيذ مهامه بنفسه دون حاجة للآخرين، أما إذا تم قبول المساعدة استمعوا للتعليمات ونفذوها كما يطلب منكم، فتكونوا قد قمتم بواجبكم أتم قيام أمام الله والضمير والمجتمع.
وعند التحدث مع شخص أصم ينبغي أن يكون ذلك ببطء وبوضوح وأن تكون صبوراً عند تكرار الكلمات أو إعادة صياغتها مرة أخرى.
وإذا طلب منك كفيف مساعدته في عبور الشارع مثلا، فاتركه هو من يقوم الإمساك بذراعك ولا تمسك أنت بذراعه، فهذا يعطيه الشعور بالإرشاد وليس اصطحابه أو قيادته.
وعندما نتحدث مع شخص يجلس علي كرسي متحرك، لا تحاول الإمالة عليه والاقتراب الزائد لأنه يشعر بأنه غير مسموع أو مفهوم.
وبالفعل هنالك احتياجات خاصة لكل معاق ومعاقة ولكن الذي يؤلمني ويحز في نفسي كيف يبقى عالم المعاقين يلفه الغموض ومجهولاً عند البعض!!! نحن نعيش بينكم، بجانبكم، لا نعيش على كوكب آخر، نراكم وترونا كل يوم، نحاول الاحتكاك بكم ولكن تتجاهلونا!!! نطلب حضوركم لفعالياتنا وتهملونا !!! والإنسان فضولي في طبعه، ومعرفة الشيء مهما كانت مرارته أفضل من بقائه مجهولا، ولولا هذه الخاصية لما استكشف الإنسان الكون وغزا الفضاء، ولكن عندما نطلب منكم "غزو عالمنا" نتلقى عدم الاهتمام واللامبالاة والإهمال المتعمد وأغرب ما في الأمر إعراض بعضكم عن الاستماع لمشاكلنا ومعاناتنا .
محاولاتنا مستمرة بإقناعكم أن "عالمنا" يتصف بمزايا ومواهب فريدة تشملها الواقعية والمرونة والتحمل والثبات وحب الحياة والعطاء ونتكلم لغة الإصرار والتحدي وحاربنا اليأس وطردناه من قلوبنا وعلمناه درسا لن ينساه، فنحن لم نذق طعم الهزيمة والانتكاس، ولا يعرف الإحباط طريقا لنفوسنا، لكن تبقى أسئلة حائرة لا بد لها من طرحها!!! لماذا لا "تغزوننا" ؟؟؟ نحن كنز من القدرات التي تتعدى مجرد جمع المعلومات، لدينا الكثير من "الغنائم " التي قد تفيدكم في حياتكم، "أغزونا" لتسمعوا قصص الشجاعة والعزيمة والانتصار!!! "أغزونا" لتروا دلائل وقصص الإبداع والتفوق والنجاح ، "أغزونا" لتعرفوا أن ما نبتغيه هو فقط دعمكم المعنوي الهام، فهو بمثابة عود الكبريت الذي يشعل شمعة صغيرة تضيء حياتنا وتنير دربنا لنبدع ونكشف عن بعض قدراتنا الخفية، لنصل إلى مراحل الانجاز والعمل المثمر لمجتمعنا الحبيب، فنحن ليس رقم زائدا في معادلة الحياة ونحاول أن نكون أكثر فاعلية وإنتاجية فإن لم تزد على الحياة شيئاً تكن أنت زائداً عليها .
إخواني
لا تدفنونا ونحن أحياء ولا تكونوا اشد قسوة من الإعاقة،  فنحن بحاجة لتواجدكم معنا لإعانتنا بإطفاء نيران العزلة والإحباط وإيقاد شعلة الفرح، والأمل، وقوة العزيمة.

مقالات متعلقة

º - º
%
km/h
3.77
USD
4.21
EUR
5.01
GBP
238707.35
BTC
0.53
CNY