الشيخ أ.عبد الكريم مصري:
اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة" متفق عليه
أخبر عليه الصلاة والسلام أن دعوة المظلوم مستجابة وإن كان فاجراً ففجوره على نفسه. والإسلام مشتمل على العدل كله، فعدله شمل الإنس والجن، والحيوان والطير، وكل محتاج للعدل
بحضور حشد غفير من أهالي كفرقرع والمنطقة، أقيمت شعائر خطبة وصلاة الجمعة من مسجد عمر بن الخطاب في كفرقرع ؛ حيث كان خطيب هذا اليوم فضيلة الشيخ أ. عبد الكريم مصري آل أبو نعسة، رئيس الحركة الإسلامية، وكان موضوع الخطبة لهذا اليوم المبارك ‘‘حُسن معاملة الاسلام لغير المسلمين‘‘ من خلال القانون الرباني ((وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)) ، هذا وأم جموع المصلين الشيخ صابر زرعيني، إمام مسجد عمر بن الخطاب.
حيث تمحورت الخطبة حول: ان حقيقة العدل في الإسلام، أنه ميزان الله على الأرض، به يُؤْخَذُ للضعيف حَقُّه، ويُنْصَفُ المظلومُ ممن ظلمه، ويُمَكَّن صاحب الحقِّ من الوصول إلى حَقِّه من أقرب الطرق وأيسرها، وهو واحد من القيم التي تنبثق من عقيدة الإسلام في مجتمعه؛ فلجميع الناس في مجتمع الإسلام حَقُّ العدالة وحقُّ الاطمئنان إليها.
إن الذي ينظر إلى الرسالة المحمدية يجدها قد حفظت كرامة الإنسان، ورفعت قدره، فالناس بنو آدم سواء المسلم وغير المسلم، وقد كرم الله بني آدم جميعًا؛ فقال في قرآنه: ((وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا))؛ فالجميع لهم الحقوق الإنسانية كبشر أمام ربهم، وإنما يتميز الناس عند ربهم بمدى تقواهم وإيمانهم وحسن أخلاقهم، وكم كان حرص محمد، صلى الله عليه وسلم، على إبراز هذا المعنى الإنساني واضحًا في تعاملاته وسلوكياته مع غير المسلمين!.".
القانون الرباني: فالجميع لهم الحقوق الإنسانية كبشر أمام ربهم.. والإسلام مشتمل على العدل كله
وأردف الشيخ قائلاً:" وقال عليه الصلاة والسلام:"اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة" متفق عليه. وهذا شامل للمسلمين والكفار، فالظلم محرم في دين الإسلام فلا يظلم فيه أحد. وأخبر عليه الصلاة والسلام أن دعوة المظلوم مستجابة وإن كان فاجراً، ففجوره على نفسه. والإسلام مشتمل على العدل كله، فعدله شمل الإنس والجن، والحيوان والطير، وكل محتاج للعدل.
فأمر بالعدل سبحانه حتى مع العدو المحارب، فنهى عن قتل صبيانهم ونسائهم، والذمي، والراهب في صومعته، والمعاهَد، والرسول، وعن قطع الأشجار من غير حاجة، وعن إفساد العمر، كذلك مع غير أهل الإسلام، أما عدله مع أهله فظاهر لا يخفى .
وغضب على من أخذ أفراخ حمرة، فقال عليه الصلاة والسلام:"من فجع هذه بولدها ردوا عليها ولدها"..”. وتابع الشيخ حديثه بالقول: ففي الحديث الثابت يقول محمد صلى الله عليه وسلم : «إذا رأيتم الجنازة فقوموا حتى تُخلِّفكم»، فمرت به يومًا جنازة، فقام، فقيل له: إنها جنازة يهودي، فقال: «أليست نفسًا». وكان محمد صلى الله عليه وسلم ربما عاد المرضى من غير المسلمين؛ فقد زار النبي صلى الله عليه وسلم أبا طالب وهو في مرضه، كما عاد الغلام اليهودي لما مرض.
وحرص على القيام بحقوقهم في الجوار فقال: «خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره»، فشمل حديثه كل جار حتى لو كان من غير المسلمين.
ولم يأت محمد صلى الله عليه وسلم ليسلب الحرية من الذين لم يتبعوه، بل قد تعامل معهم بتسامح نادر الحدوث، وكان من أهم هذه المبادئ في تعامل الرسول محمد صلى الله عليه وسلم مع الآخر..".
وإختتم الشيخ خطبته بالقول؛ اشتكى يهودي عليًّا إلى عمر رضي الله عنهما، وكان جالسًا بجانبه، فقال له عمر: "قم يا أبا الحسن، قف بجانب اليهودي موقف القضاء"، وبعد تبرئة علي باعتراف اليهودي، لاحظ عمر على وجه عليٍّ تَغيُّرًا، فقال له: "أوَقد ساءك أني أوقفتك بجانب اليهودي موقف القضاء"، فقال علي: "لا، وإنما خشيت ظنَّ اليهودي مُحاباتي عليه؛ لما ناديته باسمه، وناديتني بيا أبا الحسن"، وهذا عمر رضي الله عنه أيضًا يقول في رسالته إلى أبي موسى الأشعري يوصيه: "ساوِ بين الناس في وجهك وعدلك ومجلسك؛ حتى لا يطمع شريف في حيفك، ولا ييئس ضعيف من عدلك"...".