المحامي خالد تيتي في مقاله:
أي عمل سياسي موجه نقوم به كعرب أبناء شعب محتل وكأقلية قومية فرضت عليها المواطنة في الدولة اليهودية يفترض أن يكون عملا جماعيا وأي عمل جماعي في مواجهة الدولة وعنصريتها ومقارعة مقولتها اليهودية العنصرية يجب أن يكون حده الأدنى إجماع سياسي رافض ومناهض للاحتلال وفكرة عنصرية ويهودية دولة
تنظيم الفلسطينيين في كاقلية قومية هو الوضع الطبيعي التنسيق الكامل بين مختلف الاحزاب التي تمثل الاقلية العربية في هذه البلاد لاقامة قائمة مشتركة هو الوضع الطبيعي والوحدة في وجه السلطة (يمينًا ويسارًا ومركزًا وكل ما بين ذلك) هي الوضع الطبيعي وليس "الحلم العربي" كما يخيل لنا عندما نسمع مطلب الشارع في كل انتخابات
يقول البعض، في الوحدة وعن الوحدة، أنها حديث موسمي عن الانتخابات. ربما يكون هذا الكلام صحيحا إذا ما اقتصر العمل السياسي على المشاركة في الكنيست الإسرائيلي، بمعنى أن تتحول الكنيست إلى حلبة العمل السياسي الوحيدة، ليس من باب حصر الطاقات في العمل البرلماني التمثيلي فحسب بل في العمل وفق حدود المنظومة التي تفرضها الكنيست – خارج الكنيست أيضا.
الحياة كنيست؟
عندما تتحول "منظومة الكنيست" إلى منهاج حياة، يتحول العمل السياسي داخلها وخارجها إلى عمل خارج عن السياق والظروف التي نعيشها كأقلية قومية ويختلط الحابل بالنابل، فتارة نسمع عن ضرورة تغليب الخطاب الطبقي واستعمال أدواته في خوض العمل السياسي كعرب في هذه البلاد وتارة نسمع عبارات منطلقة من أبراج عاجية عن التعددية وأهمية الاختلاف في مجتمعنا الديمقراطي المتحضر. الانكى من ذلك هو ادعاءات سنوات التسعينيات من القرن المنصرم حول بناء أجسام مانعة وتحالفات تؤسس لـ"يسار حقيقي". اما عن الادعاء القائل بان وحدة العرب هي مبتغى اليمين الاسرائيلي الذي يريدنا متقوقعين، فحدث ولا حرج.
أي عمل سياسي موجه نقوم به كعرب أبناء شعب محتل وكأقلية قومية فرضت عليها المواطنة في الدولة اليهودية، يفترض أن يكون عملا جماعيا، وأي عمل جماعي في مواجهة الدولة وعنصريتها ومقارعة مقولتها اليهودية العنصرية يجب أن يكون حده الأدنى إجماع سياسي رافض ومناهض للاحتلال وفكرة عنصرية ويهودية دولة، منطلقًا نحو اكبر حيز ممكن للتوافق وادارة انواع الاختلاف في مجتمعنا. فهل نعتبر المشاركة في الكنيست خيارًا لعمل جماعي في مواجهة الدولة/السلطة ؟ ام ان هذة المشاركة خيارًا لكونها امرا متاح فقط (حتى الآن) ؟
تفيد المعطيات الاحصائية ان الاحزاب العربية التي شاركت في الكنيست تستثمر جل جهدها في طرح ومرافعة قضايا مدنية تتعلق بالحياة اليومية والقضايا الجماهيرية للمجتمع العربي ( 97٪ من اقتراحات القوانين التي قدمها اعضاء الكنيست العرب واكثر من ٧٥٪ من الادوات البرلمانية استعملت من قبلهم). اما المواضيع التي خاض فيها نوابنا العرب في الكنيست من مختلف الاحزاب والقوائم فتكاد تكون ذات المواضيع، في سياقات مختلفة (بغض النظر عن كثافة العمل وجودته). لم تنبع هذه المعطيات من الفراغ ولا من قله حيلة او عدم ابداع النواب العرب. الموضوع ببساطة هو ان المساحة الطبيعية التي تمنحها طبيعة العمل البرلماني للعربي في مواجهة السلطة تقضي منه ان يمثل العرب، كل العرب.
على العربي ان يمثل ابناء شعبه وقضاياهم الحارقة في الكنيست في سياق محدود وطبيعي وهو علاقة الفرد العربي بالسلطة وعلاقة الاقلية العربية بالسلطة وذلك فيما يتعلق بالموضوعات الخدماتية او فيما يتعلق بالخطاب السياسي ومساهمة الاحزاب والنواب في صقل وبناء الرأي العام المناهض للاحتلال وسياسات الحكومة في مقولة دولة اليهود. هذا ما يتوجب على عضو الكنيست العربي فعله في الكنيست عندما اختار المشاركة في اللعبة السياسية وهذا ما يفعله اعضاء الكنيست العرب مجتمعين فعلًا. فلماذا لا يكون العمل من خلال الكنيست جماعيًا اذا؟!
الوضع الطبيعي لمشاركة الاقلية العربية في اي مضمار يتعلق بمجابهة السلطة في مقولتها وممارستها، هو ان يكون هذا العمل مبنيًا على حد ادنى من التوافق والاجماع، الاهم من ذلك هو التنسيق، وعندما نتحدث عن التمثيل البرلماني لا يتعلق الموضوع بالتمايز الحقيقي الموجود بشكل بارز بين الاحزاب، فثمة من يطرح مقارعة يهودية الدولة من على منبر الكنيست فقط وثمة من حول هذا الطرح الى برنامج عمل سياسي في جميع الميادين. واذا ما ربطنا بين طبيعة العمل البرلماني من خلال المعطيات والظروف السياسية التي نعيشها وبين ضرورة التنسيق والعمل الجماعي لاي فعل سياسي نقوم به كاقلية قومية، ستكون النتيجه الحتمية ان الوحدة هي الوضع الطبيعي الذي لا بد له ان يكون، هذه هي القاعدة. حتى لو ان الحقائق التاريخية حولتها الى الشاذ في حياتنا. تنظيم الفلسطينيين في كاقلية قومية هو الوضع الطبيعي، التنسيق الكامل بين مختلف الاحزاب التي تمثل الاقلية العربية في هذه البلاد لاقامة قائمة مشتركة هو الوضع الطبيعي والوحدة في وجه السلطة (يمينًا ويسارًا ومركزًا وكل ما بين ذلك) هي الوضع الطبيعي وليس "الحلم العربي" كما يخيل لنا عندما نسمع مطلب الشارع في كل انتخابات.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان alarab@alarab.net