الشيخ عبد الكريم مصري:
لا زال هناك في الأمة والحمد لله شباب صالحون يسيرون على هدي الصحابة ويجتهدون هؤلاء رحمة للأمة
بحضور حشد غفير من أهالي كفرقرع والمنطقة؛ أقيمت شعائر خطبة وصلاة الجمعة من مسجد عمر بن الخطاب في كفرقرع؛ حيث كان خطيب هذا اليوم فضيلة الشيخ أ.عبد الكريم مصري آل أبو نعسه، رئيس الحركة الإسلامية وكان موضوع الخطبة لهذا اليوم المبارك "الشباب‘" من خلال القانون الرباني ((وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُصلَّوا معه إلى القبلتين، وبايعوه بيعة الرضوان، وقاتلوا معه في بدر، وشهدوا المشاهد، عاينوا التنزيل، رافقوه في نزول الوحي، وسمعوه منه غضاً طرياً، حملوا العلم، فقهوا عنه، تأسوا به، ساروا على نهجه، فتحوا البلاد.
الشيخ عبد الكريم مصري
أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم غفر الله لجميعهم، وأوجب لهم الجنة - كما في كتابه-، هم قدوتنا: ((وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ))، يجب علينا أن نتأسى بهم، وأن نقتبس من أفعالهم الحسنة؛ لأن الله رضي عنهم، رضي عنهم بالإيمان، ورضوا عنه بالثواب. رضي عنهم في العبادة، ورضوا عنه بالجزاء. رضي عنهم بطاعتهم لنبيه صلى الله عليه وسلم، ورضوا عنه بقبول وحيه وشرعه، هؤلاء قدوتنا، هؤلاء الذين حملوا الدين، هؤلاء الذين انتشر بهم الإسلام، هؤلاء الذين توسعت بهم رقعة دولة هذا الدين شرقاً وغرباً؛ هذا وأم في جموع المصلين الشيخ صابر زرعيني، إمام مسجد عمر بن الخطاب.
هذا، وتمحورت الخطبة حول: تلاميذ محمد صلى الله عليه وسلم الذين وصفهم الله بقوله: ((مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً)) هذا في العبادة، والإخلاص: ((يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً))، وعلامة أثر هذا الإخلاص، وهذه العبادة: ((سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ))، لفضلهم ذكرهم الله في الكتب المتقدمة: ((مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْأِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ)).
هؤلاء الذين كانوا جيلاً مختاراً ينبغي علينا، وعلى شبابنا اليوم أن يتأسوا بهم، وإذا نظرت إلى حال شبابنا وشباب الصحابة رأيت العجب العُجاب، والفرق الشاسع؛ ما الذي شغل أولئك؟ وما الذي يشغل هؤلاء؟ وإذا جاءت الإحصاءات بأن ثلاثة أرباع الشباب يشتغلون بالقنوات الفضائية، ولعب الورق، والجلوس في المقاهي، وسماع الأغاني، وضياع الأوقات، وهكذا، فإن شباب الصحابة في المقابل كان يشغلهم عز الدين، وطاعة الرحمن، ونصرة الله ورسوله.".
القانون الرباني: الفرق بين شبابنا وشباب الصحابة..؛ الشباب قوة عظيمة، وفرصة لا تعوض..؛: ((إِنَّهُمْ فِتْيَة آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى))
لما جعلوا نشاطهم وقوتهم في طاعة الله، فإن الشيخوخة والكبر أين ستكون؟ إذا كان الإنسان في وقت عنفوانه، وشدة شهوته وشبابه هو في طاعة الله؛ عبادة وعلم، ودعوة وجهاد في سبيل الله، وقيام لله بالحجة، ونفع الإسلام، بناء المساجد، وهكذا كانوا في صحبة النبي عليه الصلاة والسلام يتفقهون، يتعلمون، يحمون المدينة، يحرسون، وكان هذا شأنهم، ولذلك فإنهم لما كبروا كبروا على طاعة.
وأردف الشيخ قائلاً:" وأما إضاعة وقت الشباب في الملاهي، والملذات، والسخافات، كم من أوقات الشباب تضيع اليوم؟! وفي أي شيء تضيع؟! تضيع في المقاهي والاراجيل! أو تضيع في الشبكة والشاشات! الأرصفة والطرقات تشهد لهم أم عليهم؟ وليت هذا كف شره عن الناس، بل الشر متعدي كما أن نفع شباب الصحابة كان متعدياً أيضاً، لكن شتان بين من نفعه متعدٍ، وبين من شره متعدي.
لا يحقر الشاب نفسه في أداء دوره، قال الزهري لبعض الشباب: "لا تحقروا أنفسكم لحداثة أسنانكم؛ فإن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا نزل به أمر دعا الشباب، فاستشارهم يبتغي حدة عقولهم وقال الحسن البصري: "يا معشر الشباب عليكم بالآخرة فاطلبوها، فكثيراً رأينا من طلب الآخرة، فأدركها مع الدنيا، وما رأينا أحداً طلب الدنيا، فأدرك الآخرة معها".
وتابع الشيخ حديثه بالقول: "وهكذا وجد النبي صلى الله عليه وسلم في أصحابه عدداً كبيراً يصلح للقيادة والإدارة، والدعوة ونشر الإسلام، وهكذا كانوا بتربيته عليه الصلاة والسلام رجالاً على صغر أسنانهم؛ يحفظون الأسرار، يحملون الأخطار، يَعبُدون بالليل والنهار، ويضربون بسيف الحق الكفار. تلك العُصبة المؤمنة التي تابعت النبي صلى الله عليه وسلم، ودار الأرقم للأرقم بن أبي الأرقم المخزومي - على صغر سنه وهو شاب - كانت مقراً للدعوة، ولقاءات النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه، والمسلمين الجدد".
وإختتم الشيخ خطبته بالقول: "ولا زال هناك في الأمة - والحمد لله - شباب صالحون يسيرون على هدي الصحابة، ويجتهدون، هؤلاء رحمة للأمة، وينبغي أن يكونوا كذلك ممن سلك سبيل المعالي، وممن إذا جنّ الظلام فلا تراهم من الإشفاق إلا ساجدين، ومن الذين يحملون العلم، فينشرونه، ويدعون الناس إلى الحق".