افردت الصحف الاسرائيلية الصادرة الاربعاء مساحات واسعة من صفحاتها لاعلان الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، نجاح بلاده في تخصيب اليورانيوم واستكمال دورة الوقود النووي لأغراض سلمية، امس الثلاثاء، وعبرت المصادر السياسية والامنية في الدولة العبرية عن قلقها العميق من هذا التطور الذي اكدت انه ليس مفاجئا، مشيرة الى ان الرئيس الايراني يواصل تحدي العالم وعدم الاهتمام بقرارات الشرعية الدولية وتوجيه رسالة واضحة لمجلس الامن الدولي بان بلاده لا تأبه العقوبات الاقتصادية والسياسية التي قد يفرضها مجلس الامن الدولي على الجمهورية الاسلامية. وبعد الاعلان الايراني سارع رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية (امان) في الجيش الى الادلاء بمقابلات صحافية للصحف الكبرى في اسرائيل، للتعقيب على الاعلان الايراني. وقال الجنرال عاموس يدلين، وهو من الطيارين الذي شاركوا في عملية قصف المفاعل النووي العراقي في حزيران (يونيو) من العام 1981 انه ان الأوان لان يتحرك العالم بسرعة فائقة لوقف التصعيد الايراني ومنع ايران من انتاج القنبلة النووية.
وقال المراسل العسكري لصحيفة "هارتس" الاسرائيلية عاموس هارئيل ان الجنرال يدلين كان حذرا للغاية خلال المقابلة التي اجراها معه، لانه يعلم ان تصريحات مسؤول امني اسرائيلي رفيع المستوى عن قضية الملف النووي الايراني ستثير حساسية بالغة في الدول العربية والغربية، وان وسائل الاعلام الغربية ستستغل اقواله للربط بين اسرائيل والولايات المتحدة الامريكية، وهو رباط يزعم يدلين انه ليس موجودا في هذه القضية العينية.
وفي معرض رده على سؤال الصحيفة قال الجنرال يدلين انه لا يمكن التسليم بان ايران قد باتت على قاب قوسين او ادنى لانتاج القنبلة النووية، مشيرا الى ان المجتمع الدولي تبنى الدبلوماسية القاسية، على حد تعبيره، الامر الذي سيؤدي في نهاية المطاف الى فرض عقوبات اقتصادية وسياسية على ايران. واضاف الجنرال الاسرائيلي انه خلافا لكوريا الشمالية، فان ايران حساسة للغاية في علاقاتها مع العالم، لافتا الى ان العلاقات التجارية للجمهورية الاسلامية واسعة جدا ومع دول عديدة في العالم، وان افراد النخبة الذين يعملون في تخصيب اليوارنيوم يقومون بزيارات مختلفة الى العواصم العالمية. علاوة على ذلك قال ان تكرير البترول الايراني يتم بنسبة لا يستهان بها خارج ايران. وتابع قائلا ان الايرانيين يوجهون رسائل للعالم بان العقوبات التي قد تفرض عليهم لا تهمهم بالمرة وبانهم سيستمرون في تطوير برنامجهم النووي، ولكن عليهم، اكد الجنرال الاسرائيلي، ان يذوتوا الحقيقة الدامغة بانه في حال فشل العقوبات الاقتصادية والسياسية عليهم فان الولايات المتحدة الامريكية تملك خيارات اخرى لمعالجة الملف النووي الايراني، في اشارة واضحة الى تخطيط ادارة الرئيس بوش توجيه ضربة عسكرية نوعية للمنشات النووية الايرانية.
وقال الجنرال يدلين ايضا ان الدولة العبرية والدول الغربية بما في ذلك امريكا، لا يعرفون كل شيء عن البرنامج النووي الايراني، ولم يستبعد وجود ما اسماها خطة رقم 2 لدى ايران، أي خطة بديلة لمواصلة تطوير القنبلة النووية. وتابع قائلا ان الايرانيين على مدار 18 عاما تمكنوا من اخفاء برامجهم النووية عن المجتمع الدولي ووكالة الطاقة الذرية، وبالتالي فانه من غير المستبعد البتة ان تكون ايران تقوم باعمال سرية بموازاة الامور التي اعلنت عنها، مشيرا الى انه في السنة الماضية اكتشف احد اجهزة المخابرات الغربية ان الايرانيين يعملون على تركيب راس نووي على صاروخ شهاب 3، وبالتالي فانه من المتوقع ان اعمالا من هذا القبيل مستمرة في ايران بشكل سري للغاية.
وتطرق رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في حديثه الى القيادة الايرانية وقال انه من غير المعقول منح الرئيس الايراني اهمية اكثر مما يستحق، لان الرئيس الفعلي للجمهورية الاسلامية هو المرشد الاعلى للثورة الايرانية على خامنئي، الذي كان الرئيس الايراني نجاد مرشحه، مؤكدا ان خامنئي هو الذي يحدد الاستراتيجية الايرانية، وان نجاد هو الذي يقوم بتطبيقها على ارض الواقع وفق تعليمات خامنئي، ومؤكدا ان التصريحات المتطرفة، على حد تعبيره، التي يطلقها الرئيس الايراني نابعة من ولائه الاعمى لخامنئي. وتابع في سياق حديثه قائلا ان الرئيس الايراني يفتقر الى قواعد اللعبة الدبلوماسية العالمية، لانه كان في السابق رئيسا لبلدية ايران وهو لا يستطيع ان يفرق بين دقائق الامور واساليب التعامل مع المجتمع الدولي، وانه يحاول عن طريق تحدي العالم تقوية ايران من الناحية الاستراتيجية لدى الدول الاسلامية، وها التوجه يتماشى ويماهى مع السياسة التي اقرها المرشد الروحي خامنئي، على حد تعبيره.
واشار الجنرال يدلين الى انه في السنتين الاخيرتين وقعا حادثين عالميين مهمين وايجابيين للدولة العبرية: اسقاط نظام الرئيس العراقي صدام حسين في العراق وطرد قوات الاحتلال السورية من لبنان، على حد قوله، وهذان الحادثان منحا اسرائيل فرصة ذهبية، اما اليوم، اضاف الجنرال الاسرائيلي، فقد تغيرت قواعد اللعبة بعد دخول ايران الى النادي النووي، وقال ايضا ان ثلاثة امور ما زالت تقض مضاجع المستويين الامني والسياسي في اسرائيل: عدم تجريد منظمة حزب الله من سلاحها، مواصلة تنظيم القاعدة تنفيذ العمليات في دول عديدة وفوز حركة المقاومة الاسلامية (حماس) في الانتخابات التشريعية الفلسطينية وتسلمها ادارة السلطة الوطنية الفلسطينية.