الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 27 / نوفمبر 16:02

القيامة عيد ليس لنا فقط، بل للبشرية كلها/ بقلم: البطريرك ميشيل صبّاح

كل العرب
نُشر: 12/04/15 08:01,  حُتلن: 08:06

البطريرك ميشيل صبّاح في مقاله:

أنت مؤمن إذًا فأنت مدعوٌّ إلى أن تكون كبيرًا مثل الله فتزيل كلّ الحدود وبالمغفرة تجعل كلّ ألم ومعاناة فداءً وحياةً جديدة

إذا رأيتَ الظلم وغفرتَ أنت يبقى الظلم أمامك واضحًا وصارخًا وهذا يعني أيضًا أنّه يبقى عليك واجب وهو أن تزيل الظلم بالوسائل الممكنة

المسيح قام حقًّا قام. هذا الأسبوع بعد أحد القيامة هو للتأمُّل في الحدث الخارق نفسه. آمنَّا وتعوّدنا، وكأنَّه لم يبقَ من الحدث سوى أفراحنا الخارجيّة أو احتفالاتنا الطائفيّة. القيامة لا تقف عند حدّ، لا حدود لها: طائفيَّاتنا لا يمكن أن تكون حدًّا لقيامة الربّ المجيدة.

القيامة عيد ليس لنا فقط، بل للبشريّة كلِّها، إذًا لكلِّ من هم معنا أوّلًا، على أيّ موقف كانوا منّا، نافعٍ أو ضارّ، القيامة حادث فوق الحدود. وتاريخنا البشريّ، الفرديّ مليء بالحدود: أنا وذاتي الضيّقة أو المنغلقة، وبيتي وعائلتي، وأقاربي، وقوميّتي وخصومي والمعتدين عليَّ، كلُّ هؤلاء حدود وحواجز في حياتي.

القيامة الحقيقيّة فوق كلّ الحدود. قد تقول: أهذا أمر ممكن؟ ولا سيّما إذا نزفت دماء ونُكِأت جراح وأُذِلَّت نفوس. في وسط المصائب كيف تكون القيامة نفسها لي ولمن يسيء إلي؟ أوّلًا، يُطرَح عليك سؤال: وأنت ألا تسيء لغيرك؟ وثانيا، الله ليس في حجمك ولا في حدود مشاعرك. وثالثًا أنت مؤمن. فأنت مدعوٌّ إلى أن تكون كبيرًا مثل الله، فتزيل كلّ الحدود، وبالمغفرة تجعل كلّ ألم ومعاناة فداءً وحياةً جديدة. قد تقول: على مستواي، فرديًّا، قد أقوى على ذلك، قد أغفر. ولكن على المستوى القوميّ، المغفرة ليست مرتبطة بي، بل هي مسؤوليّة جماعيّة، ولا أقدر أن أتفرَّد بها. وكيف أغفر والمذلَّة والظلم مفروضان عليّ وعلى قومي؟ الأمر ليس في يديَّ بل في يد صنَّاع السياسة؟ - أتريد جوابًا، أو أقلّه بداية جواب: الموقف صعب، نعم، ومعقَّد. ولا يجوز أن تتصرَّف وحدك في شأن قومك.

وهناك مسؤولون يحدِّدون الموقف السياسيَّ العامّ. ولكن، مع هذا كلِّه، قلبك ليكن فيه صفاء، صفاء الإيمان، ومع صفاء الإيمان يشتدُّ وضوح الظلم الذي أنت وقومك ضحيَّته. فإذا رأيتَ الظلم وغفرتَ أنت، يبقى الظلم أمامك واضحًا وصارخًا، وهذا يعني أيضًا أنّه يبقى عليك واجب، وهو أن تزيل الظلم بالوسائل الممكنة، إما الوسائل العاديّة المتّبعة، وإما بالوسائل الخاصّة بك، والتي تصبح لا خروجًا على الجهد العامّ، بل إسهامًا في الجهد العامّ لإزالة الظلم. واذكر دائمًا أنّ الدافع على العمل للمؤمن بالقيامة هي وصيّة المحبّة، فبحسب منطقها تعمل وتقاوم وتزيل الظلم.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة