الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 25 / نوفمبر 21:02

التراث بين الجذور والثمار/بقلم:كميل فياض

كل العرب
نُشر: 26/04/15 12:41,  حُتلن: 13:09

هو مصطلح يعني كل ما كان له علاقة بالأدوات، التي استخدمها اجدادنا في معيشتهم وانتقل عبر الاجيال. والتراث هو اسلوب عيش ونمط حياه متوارث .. هو عاداتنا وتقاليدنا .. والادوات التي استخدمناها عبر اجيال ليس مجرد ادوات عيش ، بل هي بمثابة رموز او قيم اجتماعية .. فحجر معصرة الزيتون ،والمنجل ، والمحراث ، ومطحنة الحبوب ، وخابية الزيت وغيرها من ادوات ، جسدت روابط اجتماعية اجيال واجيال ، منها ما كان يجمع بين اهل القرية في الحقول وفي الكروم ، ومنها ما كان يجمع بين اهل القرية حيث اماكن استخدامها في القرية .. ولما كان الناس في القرية يحتاجون الى خدمات بعض من حيث اعتمادهم في معيشتهم على الزراعة وعلى بعض الصناعات اليدوية ، كان ذلك عاملاً لتقاربهم وتفاعلهم اجتماعيًا بصورة ايجابية ..
وربما ان تراث كأدوات العيش كَمَنَ وراء التراث الادبي والغنائي الشعبي ، الذي انتقل من جيل الى جيل .. اغاني الاعراس والرقصات والدبكات ، الفلكلور الشعبي الخ .. والتي بدأنا نفتقدها او حتى افتقدناها تقريبًا في مجرى التطور مع تغير اسلوب العيش ومع التقنيات الحديثة .. وقد انعكس هذا على الحياة الاجتماعية ، تاركًا فراغاً في علاقاتنا ملحوظاً .. ومن هنا ربما يجب اعادة احياء العلاقات الاجتماعية بصورة تتوافق مع الحياة الحديثة ، من خلال اقامة فعاليات فنية وشعبية مختلفة ..
لكن في الواقع اذا اردنا ان نلقي ضوءً الى العمق لمعنى التراث كما هو سائد عمومًا وليس حصراً ، سنرى الى جانب ايجابيات وجماليات التراث ، ان التراث ينطوي على دوافع انقساماتنا كمجتمع عربي - خصوصًا - وكبشر عمومًا .. فالتراث هو ايضًا معتقداتنا الدينية والشعبية ، وهو ايضًا توجهاتنا السياسية والاجتماعية المتوارثة، هو نصوص وكتابات ومقدسات واعتبارات ومفاهيم وايمان .. فأنت ليس ابن اللحظة ولا تعيش الحاضر ولا تتصل بالحاضر ، الا من خلال الماضي ، من خلال ما تقدس وتؤمن – شعوريًا ولا شعوريًا - أنت تعبير عن تراكم تاريخي طويل بكل ما يحمل من تعقيدات ومضامين ، ولا يمكن مع كل ذلك ان نقيم علاقات صحية جوهرية ، لا مع انفسنا ولا مع الغير .. والدليل على ذلك انه رغم تغير وتطور وسائل العيش والاتصال ، فان النظرة القديمة لبعضنا البعض لم تتغير في الجذر ، وتصرفاتنا الفئوية وتعصبنا لا زال قائمًا . فنلاحظ ان المختار والعائلة والعشيرة والقبيلة والطائفة ، لا يزالون تحت اثواب ورموز واشكال اخرى، كالرئيس والفئة والحزب والحركة الخ..
وكلنا يرى الصراعات والحروب المشتعلة في كثير من الدول العربية على هذه الخلفيات .. وسنظل نطوي في خلفية من عقولنا ونفوسنا تلك الانقسامات والصراعات كمكنة نائمة – مع كل البساطة واللطافة الظاهرة في سلوكنا اليومي في الايام العادية – وسنظل اسرى هذا ( الدم ) السلبي الكامن في لاوعينا الجمعي كأفعى في سبات ، طالما لا نملك الجرءة للاعتراف بها ومن ثم وضعها امامنا عارية لرؤيتها بوضوح ..
وهنا نكون قد بدأنا نخطو في طريق تحررنا وتقدمنا الفعلي ، اذ ان امتلاكنا لوسائل الحياة الحديثة المتطورة ، كالسيارة والكمبيوتر والنقال ، وامتهاننا للوظائف وتسنمنا للمراكز والمناصب ، لا يعني تطورنا وتقدمنا الا من الجانب الوظيفي والسطحي فقط .
ان مفهوم التطور والتقدم في العمق ، هو في السعي للكشف عن حقائق وجودنا لتخطي ما يجب تخطيه منها ، وتبني ما يجب تبنيه .

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net 

مقالات متعلقة