الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 25 / نوفمبر 21:02

متى نعود الى أنفسنا؟/ بقلم: كميل فياض

كل العرب
نُشر: 27/04/15 12:12,  حُتلن: 14:26

مشكلتنا جميعًا، ومشكلتنا دائمًا الإنهماك الجاد او الهزلي في هموم العالم وفي ظلام العالم، على حساب الإنهماك في همومنا وفي ظلامنا الخاص.. مشكلتنا في إشتغالنا فيما تفعله أمريكا وما تفعله الدول.. ويذهب تفكيرنا الى أقاصي الكون والى تفاصيله.. وتذهب نفوسنا حسرات أمام أوجاع العالم ومسراته، ونبقى على ما نحن عليه.. ويبقى العالم على ما هو عليه، في حين لا نعلم حقائق وجودنا الخاص، ونؤجل دائمًا المعرفة بأنفسنا، بينما ندرس ونؤلف القصص والاشعار والروايات، ونحفظ عن ظهر قلب ما رددته الببغاءات عبر التاريخ في شتى العلوم والفنون والمعتقدات.. ويبرز منا في ذلكم المحامي والمهندس والطبيب والشيخ والكاتب.. نعم لا وقت لدينا لعلاج أمراض نعاني منها من حيث نحن سببها وحيث لا يمكن أن يفهمها أحد مثلنا، ولا يستطيع طبيب علاجها مثلنا، ثم نتجاهلها ونمضي في بكائنا وحسرتنا على الفتاة التي تركها خطيبها دون ذنب ارتكبته في المسلسل التركي.
هذا هو المحال الذي نعيشه عمومًا دون وعي لذلك معظم الاحيان.. ومن هنا نحتاج جميعًا الى نوع من نوم عميق ، نوم خالٍ من التفكير ومن الاحلام ..
بل عمليًا نحتاج الى يقظة تشبه هذا النوم في الاتجاه المعاكس ، نحتاج الى رمانا مهريشي ..
الى نور اشد قوة من الالوان التي تُتَعتِع بأكبادنا في الفراغ فوق صخور الذهول والنسيان ..
ومن هذا المحال الذي نعيش اننا نولد ونموت مع كل بروز وأفول فكرة، ثم نتحسر ونبكي من الموت الذي ينتظرنا هناك..
من هذا المحال اننا نخرج من الحي الكامل فينا مع كل شهيق وزفير، لنحيي آمالاً وتمنياتٍ بحياة سعيدة في عالم الظلال والزوال.. وفي آخر المطاف، وعندما ندنف الى زوال، نتدين ونحن لا نزال على نفس الحال، نطلب رضى الرحمان.. الشرطي والموظف والقاضي والعامل والكاتب والضابط وعضو البرلمان.. ولو علمنا أن العِلم في خلع الفكر لما ذهبنا الى مدارس وجامعات، ولو عرفنا ان التدين في خلع ما يلبسنا من صفات، وليس في لبس جديد فوق لباسنا، لما ذهب اخواننا واخواتنا الى شيوخ وخلوات.
اجل المحالات في حياتنا لا تحصى وهي تتجسد في علاقاتنا وتعلقاتنا العبثية، في دوراننا حول انفسنا عبر اشياء وافكار وصور سابحة في افلاكنا، وهي منفصلة عنا بحكم الإختلاف في الماهية والجوهر، فهي مظلمة في ذاتها ونحن مضيئين في ذاتنا، وهي ميتة ونحن احياء، وهي محدودة ولا تحدنا حدود. لكننا اختلطنا بها بحكم الخلق والتكوين في مجرى الزمان، فاختلط علينا الجوهر والعَرَض، والظلمة والنور، والحي والميت ، والموجود والمفقود ، كاختلاط الذهب بالتراب ، والجواهر بالحصى والاوحال ، فهل يعود كل شيء الى مكانه ؟

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net 

مقالات متعلقة