الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 23 / نوفمبر 18:01

هل آن الأوان في قضية السوريين؟/بقلم:فايز سارة

كل العرب
نُشر: 02/08/15 08:01,  حُتلن: 08:07

فايز سارة في مقاله: 

إن الأبرز في التطورات الحالية في محيط القضية السورية وعلى أرضها هو الدخول التركي الكثيف على الموضوع السوري الذي يمكن ملاحظته في ثلاث نقاط أساسية

الخط الموازي للتطورات العملية الحالية في الشمال السوري وحوله يبدو في حركة دبلوماسية إقليمية ودولية نشطة بعضها يجري في الظاهر وآخر في الخفاء حيث زيارات ولقاءات واجتماعات متواصلة للبحث في القضية السورية وفي القضايا المتصلة بها والقريبة منها

إذا كان من الصحيح أن موضوعات مختلفة أغلبها يتعلق بشؤون المنطقة يتم بحثها في المحادثات والاتصالات فلا شك أن الموضوع السوري أبرزها وتفاصيله ومسار علاجه هو الأهم مع تركيز خاص على فكرة الحل السياسي التي شغلت أوساطًا واسعة في المعارضة السورية في الأشهر القليلة الماضية

يسود مستوى من التشوش حول قضية السوريين في اللحظة الراهنة، ومصدر التشوش ضعف في تحليل الوقائع الحالية على الأرض من جهة، وتفسير مجريات الحراك السياسي الإقليمي والدولي الحالي حول سوريا وقضيتها من جهة أخرى. وفي الحالتين، فإن قلة من المعلومات والمعطيات، يتم تداولها في المستويين السياسي والإعلامي لدى الأوساط المهتمة بالقضية السورية والمتصلة بها، مما يضفي على التشوش أبعادًا أخرى، ناجمة عن عدم المعرفة من جهة، وعدم القدرة على تفسير الوقائع من جهة ثانية.

إن الأبرز في التطورات الحالية في محيط القضية السورية وعلى أرضها، هو الدخول التركي الكثيف على الموضوع السوري الذي يمكن ملاحظته في ثلاث نقاط أساسية؛ أولاها، إعلان تركيا الحرب على التطرف والإرهاب في سوريا وامتداداته في تركيا، وهي حرب تشمل "داعش" وحزب العمال الكردستاني (pkk) وفرعه السوري حزب الاتحاد الديمقراطي (pyd) اللذين تصفهما تركيا بمنظمات إرهابية، وقد لجأت تركيا للذهاب إلى مواجهة سياسية وعسكرية معهم مباشرة عبر عمليات عسكرية ضد "داعش" في سوريا وضد (pkk) في العراق، وهو ما ترافق مع حملات أمنية واسعة ضد تنظيمات التطرف والإرهاب في تركيا، وتلك التي لها امتدادات في سوريا.

والنقطة الثانية، سعي تركيا إلى إقامة منطقة آمنة في الأراضي السورية تحت ثلاث فرضيات؛ أولاها طرد ميليشيات "داعش" من المنطقة والقضاء على وجودها هناك، وتأمين منطقة عازلة بين وجود قوات الحماية الشعبية الكردية وعمادها أنصار حزب الاتحاد الديمقراطي (pyd) في عين العرب - كوباني، وهدفها المرتقب مدينة عفرين لمنع سيطرة كردية ممتدة، تعتقد تركيا، أنها تجسد مشروعًا لكيان كردي معادٍ، مجاور لحدودها في سوريا، كما ستوفر المنطقة الآمنة من وجهة النظر التركية مكانًا يمكن نقل جزء أساسي، يصل إلى أكثر من مليون ونصف لاجئ سوري من المقيمين فيها، وهي بهذا تعيدهم إلى بلدهم من جهة، وتكون في حل من أعباء وجودهم في تركيا.

والنقطة الثالثة، يجسدها سعي تركي إلى إعادة ترتيب أوضاع التشكيلات العسكرية الإسلامية في منطقة شمال سوريا، وجعلها أقرب إلى القبول الدولي، خصوصًا أن بين هذه التشكيلات جبهة النصرة المصنفة في عداد المنظمات الإرهابية المتطرفة، ولأن الأخيرة عجزت عن القيام بتحولات تخرجها من القائمة، فإن تشكيلات أخرى بينها حركة أحرار الشام، قامت بخطوات سياسية وتنظيمية لإبعاد أي صفة تطرف وإرهاب عن نفسها، وهو ما يمكن أن تذهب إليه جماعات أخرى، وسوف يوفر هذا المسعى لتغييرات مهمة في توازنات القوى العسكرية في الشمال من الناحية السياسية بجعلها تشكيلات "معتدلة"؛ مما يعطيها دورًا مختلفًا في الصراع السوري ومستقبله.
ولا يمكن رؤية التطور التركي بصورة منعزلة عن الحراك السياسي الإقليمي والدولي، لأن لتركيا شركاء، لا يمكن لأنقرة التصرف بعيدًا عنهم، وهو ما يمكن رؤية تعبيراته في الاتفاق الأخير بين تركيا وواشنطن حول الحرب التركية على الإرهاب، وللنسق نفسه ينتمي اجتماع حلف الناتو في بروكسل الذي جمع تركيا مع حلفائها الغربيين، وقد أكد في ختام اجتماعه دعم الموقف التركي بقوة في الحرب على الإرهاب.

والخط الموازي للتطورات العملية الحالية في الشمال السوري وحوله، يبدو في حركة دبلوماسية إقليمية ودولية نشطة، بعضها يجري في الظاهر، وآخر في الخفاء، حيث زيارات ولقاءات واجتماعات، متواصلة للبحث في القضية السورية وفي القضايا المتصلة بها والقريبة منها، وكان في عداد تلك التحركات جولات المبعوث الدولي دي ميستورا الذي قدم تقريره للأمم المتحدة وفيه خلاصات رأيه حول القضية السورية وافق حلها، وزيارة وزير الخارجية الإيراني إلى بعض بلدان الخليج، ليشرح مواقف وسياسات طهران، وكذلك زيارات وزير الخارجية السعودي إلى بعض العواصم ومثله وزير الخارجية المصري.

وإذا كان من الصحيح، أن موضوعات مختلفة أغلبها يتعلق بشؤون المنطقة، يتم بحثها في المحادثات والاتصالات، فلا شك أن الموضوع السوري أبرزها، وتفاصيله ومسار علاجه هو الأهم، مع تركيز خاص على فكرة الحل السياسي، التي شغلت أوساطًا واسعة في المعارضة السورية في الأشهر القليلة الماضية، على نحو ما ظهر في مؤتمر القاهرة للحل السياسي وفي لقاء الائتلاف الوطني مع هيئة التنسيق في بروكسل، وكلاهما وجد اهتمامًا وتأييدًا واسعين في المجالين الإقليمي والدولي.
ومما لا شك فيه، أن ربط التطورات الميدانية الحالية في سوريا وحولها مع الحركة الدبلوماسية والسياسية الإقليمية والدولية، إنما تؤكد وجود إحساس واسع لدى القوى الفاعلة والمؤثرة والمهتمة، بأن القضية السورية آن أوانها، أو على الأقل، أنه بات من الضروري وضعها على سكة حل، تضع حدًا للكارثة السورية في كل أبعادها الداخلية والخارجية، لأن السوريين لم يتعبوا وحدهم، إنما كل من في جوارهم والأبعد منهم، وكلهم صاروا في وضع ينذر بعواقب خطيرة ناتجة عن تصاعد الإرهاب وتدهور متزايد للأوضاع الأمنية، وتوسع في مدى وأعماق الكارثة الإنسانية على كل المستويات.

* نقلا عن الشرق الأوسط

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net 

مقالات متعلقة