الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 14 / نوفمبر 22:02

برلمانان... هندي وفلسطيني/ بقلم: معن البياري

كل العرب
نُشر: 01/09/15 08:49

معن البياري في مقاله:

في دولة فلسطين، فإن عدد أعضاء المجلس الوطني، وهو الهيئة التمثيلية للشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، 765 عضواً

لغايةٍ في نفس الرئيس محمود عباس، سيتلملم من أعضاء المجلس المذكور من يُمكنهم أن يحضروا، في دورةٍ تنتظم بعد أسبوعين في رام الله

ليس ضرباً في الودع أن يُقال إن الاجتماع المرتقب للمجلس الوطني لن ينجم عنه شيء مما يأمله أي فلسطيني غيور على مؤسسة منظمة التحرير، على أي صعيد، وفاقي أو برامجي أو تنظيمي أو هيكلي

تشتمل وثائق مداولات المصالحة الفلسطينية التي لم تتم على صيغ من شأنها ترميم ما يمكن ترميمه في مبنى منظمة التحرير ومحتواها، لم تنفّذ أي منها، لتكلس شديد لدى عجائز نافذين في هذه المؤسسة المتآكلة، يخافون على مواقع ومصالح وخيارات يقيمون عليها منذ عقود

تتوزع الهند في 28 ولاية وسبعة أقاليم، يمثل سكّانها الذين يتجاوزون المليار، في النظام الديمقراطي العتيد، 545 نائباً منتخباً، راتب كل منهم في مدة نيابته (خمس سنوات) 300 دولار، مع أحقيّته بالاقتراض لشراء سيارة، ولا جواز دبلوماسياً له.

أما في دولة فلسطين، فإن عدد أعضاء المجلس الوطني، وهو الهيئة التمثيلية للشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، 765 عضواً. ما زال كثيرون منهم يمكثون فيه منذ أربعة عقود. يوجب النظام الداخلي عليهم أن يجتمعوا سنوياً، غير أن آخر اجتماع عادي عقدوه انتظم قبل 19 عاماً، بغرض تعديل الميثاق الوطني، بحضور الرئيس الأميركي في حينه، بيل كلينتون، وزوجته. ولغايةٍ في نفس الرئيس محمود عباس، سيتلملم من أعضاء المجلس المذكور من يُمكنهم أن يحضروا، في دورةٍ تنتظم بعد أسبوعين في رام الله. يُقال إنها لتجديد اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، بانتخاب طاقمها، بعد استقالة رئيسها عباس وتسعةٍ من أعضائها، لكن كاتب هذه السطور يحلف، هنا، بأغلظ الأيْمان، أن عدداً مهما من أولئك المستقيلين سيتجدد مقامهم في اللجنة. وكان قد دعي، في نوباتٍ إصلاحية، وفي وثائق واتفاقات، إلى أن يكون أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني أعضاء في المجلس الوطني. وللعلم، فإن راتب الواحد من هؤلاء التشريعيين ثلاثة آلاف دولار، ويُعفى من دفع جمرك سيارة يشتريها، يتولى المجلس المصون تأمينها وترخيصها وصيانتها. ويعطى جواز سفر دبلوماسيا، ويمنح راتبا تقاعدياً، بعد مغادرته تمثيل شعبه في جناحي الوطن، الضفة الغربية وقطاع غزة، لا يقل عن نصف راتبه في أثناء ذوده عن حياض هذا الشعب في غضون عضويته نائباً.


ليس ضرباً في الودع أن يُقال إن الاجتماع المرتقب للمجلس الوطني لن ينجم عنه شيء مما يأمله أي فلسطيني غيور على مؤسسة منظمة التحرير، على أي صعيد، وفاقي أو برامجي أو تنظيمي أو هيكلي. ببساطةٍ، لأن أهلية عديدين من الأعضاء وشرعيتهم باتت، منذ سنوات، منقوصة إلى حد كبير، فلم تجر انتخابات للتكوينات المدنية والمهنية والشعبية التي يفترض أن المجلس يعكس تمثيليتها. وذلك يعود إلى جملة أسباب، من أهمها أن تلك التشكيلات شاخت وماتت، ولأن الآليات المعبرة القادرة على تمثيل الفلسطينيين في شتاتهم وفي وطنهم ليست قائمة، ولا أحد معني بها. ولأن هذا هو الحال، فإن مناسبة انعقاد المجلس الوطني، بعد أسبوعين، لا يستنفر اهتمام الفلسطينيين في مطارحهم المتنوعة، ولا تستثير رغبةً في متابعة تفاصيلها، إلا لدى أهل التعليق السياسي، والإجماع عريض بين هؤلاء على أن خروج (أو إخراج) فلان من عضوية اللجنة التنفيذية، ودخول (أو إدخال) علان، ليسا أمريْن جوهريين وانعطافيين في راهن الخراب الفلسطيني المعلوم. وللمفارقة، لم يُثر بقاء ياسر عبد ربه عضواً في اللجنة التنفيذية 44 عاماً انتباها واسعاً، أما إزاحته من أمانة سر اللجنة، ومن دون إشهار أسباب واضحة، فقد نال قراءات وتحليلات وثرثرات وفيرة، ساهمت في تنشيطها تصريحات أطلقها عبد ربه، بدا فيها وحده حارس الثوابت الفلسطينية وحاميها، ولم نعرفه يوماً في هذا الحال.


تشتمل وثائق مداولات المصالحة الفلسطينية التي لم تتم على صيغ من شأنها ترميم ما يمكن ترميمه في مبنى منظمة التحرير ومحتواها، لم تنفّذ أي منها، لتكلس شديد لدى عجائز نافذين في هذه المؤسسة المتآكلة، يخافون على مواقع ومصالح وخيارات يقيمون عليها منذ عقود. وأيضاً لأن دخول حركة حماس (وغيرها) هذا المبنى أمر لا يطمئن، ولا يبعث على غير التحسب والتوجس. ولكن، من قال إن قصة منظمة التحرير، ومعها المجلسان الوطني والتشريعي، في هذا التفصيل دون غيره. إنها في مظاهر عطبٍ تعصى على العد، تتصل إحداها بالدور الذي ينهض به النائب المنتخب في الهند، والراتب الذي يتقاضاه.

* نقلًا عن "العربي الجديد" - لندن

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net 

مقالات متعلقة