الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 27 / نوفمبر 13:02

هل انتهى موسم التكريم؟! بقلم: مارون عزّام

كل العرب
نُشر: 08/10/15 16:12,  حُتلن: 11:16

مارون عزّام في مقاله:

جميع إدارات البلديّات دون استثناء تغاضته ولن أقول نَسيته، لأنها تناسته كليًّا، لدرجة أنها شطبته من أجندة التّكريم التي أحيتها لبعض الشخصيات الشفاعمرية

التكريم الشّخصي المؤثّر للعم شفيق عزّام، الذي بادر إليه الأخ زياد ياسين مشكورًا، من خلال صفحته الخاصّة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، هو دليل واضح على ما ذكَرته آنفًا

نحن على أبواب موسم قطاف خيرات أشجار الزّيتون، التاريخيّة والمعمّرة... فإذا تمعّنّا في جذوعها، نجد عليها بصمات الأجداد، إلاّ أن القدر أوقف عمرهم عند محطّة الآخرة واختفوا وراء كواليس الحياة... لكن ثمة شخصيّة مرّ على رحيلها ستّة أعوام، وما زال صداها الاجتماعي يتردّد في شفاعمرو مع حلول ذكراها، ألا وهي شخصية الأستاذ والمربّي الفاضل شفيق صبري عزّام، طيّب الله ثراه، الذي لا يُمكن لأحد إنكار تأثيره المجتمعي على جميع أهل البلد، وحضوره اللافت في جميع المناسبات العامّة، التي كانت تقيمها البلديات على مرّ التّاريخ.

جميع إدارات البلديّات دون استثناء تغاضته ولن أقول نَسيته، لأنها تناسته كليًّا، لدرجة أنها شطبته من أجندة التّكريم التي أحيتها لبعض الشخصيات الشفاعمرية، ربما نتيجة إلحاح شديد من الأقارب، أو من بعض السياسيين المقرّبين إليهم، لينالوا تغطية إعلامية محليّة.
إن المربّي شفيق عزّام كان حاضرًا بقوّة في ميدان الحياة العامّة، وكان ارتجاله للكلمات مميزًّا، وإلقاؤه يُبهِر الحاضرين والمسئولين من كافّة الألوان السّياسيّة والشّعبيّة، أيُعقَل أن يبقى إلى الآن غائبًا أو مُغيّبًا عن أنظار أصحاب القرار في البلديّة أو في أي مؤسّسة؟!!
انتهى موسم التكريم مع رحيل الأستاذ شفيق، الذي لم يَطلب يومًا ما تكريمًا، لأنّ تاريخه المشرّف كرّمه، فيض نور عطائه التدريسي أضاء ظُلمة الجهل التي كانت سائدة في أربعينيات القرن الماضي... طلاّبه كرّموه بحبهم له، فأعطاهم خلال دراستهم الجامعيّة من معرفته العلميّة أيضًا كطالب جامِعي من الطراز الأول، دون أن يبخل عليهم، فوظّف شهادته الجامعيّة لخدمتهم.

زملاؤه عانقوا مسيرته التربويّة، واكتسبوا من قدراته التعليميّة النّادرة. إن هذا أجمل تكريم حظي به، ولكنّني أتكلّم عن المستوى العام وليس الخاص، أي المستوى البلدي خاصّة. إن كُلّ هَمّ لجنة التسميات الموسميّة هو البَحث حسب ميولها السّياسيّة في أعماق خوابي الذّاكرة عن تخليد أسماء "رنّانة إعلاميًّا"، أمثال نلسون منديلا، سميح القاسم، وهُما ليسا من أهل البلد، ليقال على المستوى القُطري، أن شوارع هذه المدينة التّاريخيّة أصبحت معالم حضاريّة لاسميهما، رغم أن هاتين الشخصيتين البارزتين، لم تُقدّما أي مساهمة فعليّة لتاريخ البلد، وفقط لأنهما تتمتّعان بهالة واسعة من الشهرة. والأستاذ شفيق أيضًا رغم رحيله، ما زال حيًّا في وجدان مُحبّيه.
إطلاق اسم شارع أو مؤسّسة على اسم المرحوم شفيق عزّام، يُعتبر تكريمًا لائقًا... إحياء ذكرى للمرحوم، بمبادرة مؤسّساتيّة وليست شخصيّة، فيه ترسيخ لذكراه وإنعاش للذّاكرة الجماعيّة، ليس فقط لمدينة شفاعمرو، بل للمجتمع العربي كافّة، فمن المفروض أن تكون إدارة البلديّة البليدة، راعية مثاليّة لتاريخ أمجاد رجالاتها الذين كانت لهم اليد الطّولة في صياغة حياة النّاس.

التكريم الشّخصي المؤثّر للعم شفيق عزّام، الذي بادر إليه الأخ زياد ياسين مشكورًا، من خلال صفحته الخاصّة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، هو دليل واضح على ما ذكَرته آنفًا، لأن إشعاع هذه الشخصيّة المرموقة، ما زال يُشع حبًّا أبديًا في قلوب النّاس، يَخترق نوافذ ذكرياتهم في جميع المحافل الاجتماعيّة اليوميّة، لأنه أعطى الكثير من إنسانيّته في سبيل خدمة مجتمعه... ضحّى من حياته الخاصّة في سبيل الحفاظ على أملاك وقف طائفة الرّوم الملْكيين الكاثوليك، وخدمة رعيّتها بتفانٍ دون مقابل.
الإعلام المحلّي أيضًا كرّم مؤخّرًا هذا الرّجل المميّز بفكره النيِّر، وثقافته الواسعة التي تخطّت حدود المألوف، لأنّه كان عَلَمًا من أعلام شفاعمرو، خفّاقًا بمحبّته لخدمة الآخر... خفّاقًا بتواضعه، ها هو نجله البروفيسور زاهر عزّام يقتفي أثره. لذلك فإن تخليد ذكرى الأستاذ شفيق عزّام، ليس مطلبًا شخصيًّا أو عائليًّا، لكنّه من المقتضيات الحضارية والتربويّة، كي ترقى هذه المدينة إلى مصاف البلاد التي تُقدّس وتُقدّر قيمة الإنسان ومشروع حياته وتحترم مجهود عُمره، كما تفعل دولة إسرائيل مع كِبار رجالاتها، إنّما يبدو لي أن ذاكرة بلديّة شفاعمرو هي التي تحتاج إلى تنشيط!!

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة