الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 23 / نوفمبر 03:02

سايكس – بيكو الجديد/بقلم:ابراهيم بشناق

كل العرب
نُشر: 07/02/16 12:22,  حُتلن: 07:58

ابراهيم بشناق في مقاله: 

سايكس- بيكو الجديد الذي يجري التخطيط له منذ سنوات طويلة فالهدف منه واضح هو تقسيم المقسم بحيث يجري تقسيم وتجزئة وتذرير الجغرافيا العربية المحيطة بإسرائيل وإعادة تركيبها 

ألم يحن الوقت لقادة الدول العربية المركزية التوحد من أجل إسقاط مشروع التجزئة الجديد "سايكس بيكو الجديد " ؟؟ الم يحن الوقت ليفهموا ان الاطاحة بهم وخلعهم عن الكراسي هي مسألة تتعلق بالوقت وكذلك بمصلحة امريكا والغرب في بلادهم ؟؟؟؟ 

هذا المشروع ما كان له ان ينفذ ويفعل فعله المدمر في المنطقة العربية لولا تزاوج المصالح ما بين بعض القادة العرب في دول الشرق الأوسط والخليج من ناحية والولايات المتحدة من الناحية الاخرى

استخدام مصطلح "الإرهاب" أصبح من أسلحة العصر الحديث التي يستخدمها الغرب وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية من أجل تنفيذ إستراتيجية الفوضى الخلاَّقة في المنطقة والتي أصبحت ضرورية بحسب الرؤية الإستراتيجية الأمريكية. إذ اعتبرت كوندليزا رايز مستشارة الأمن القومي السابقة في الولايات المتحدة، أنّه لم يعد من الممكن الحفاظ على سياسة الأمر الواقع التي اعتمدتها بلادها في المنطقة لنصف قرن خلت، تحت شعار الحفاظ على الاستقرار، بل لا بد من الإنتقال إلى فكرة "تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ" وهو ما يُسمى بتطبيق المرحلة الثانية من مخطط "سايكس بيكو"، الذي يهدّد الأمن القومي لدول المشرق العربي تحديدًا، والقضاء على وحدة نسيجها الاجتماعي.
الأمر الذي يجعلنا نؤكّد أن كل الصراعات الداخلية في العالم العربي كان البعد الإقليمي والدولي حاضرًا فيها !! لتعمل على تعزيزه، والإستفادة بما يخدم مصالحها.
ولأن منطقة الشرق الأوسط تمر بتغيّرات دراماتيكية في الفترة الأخيرة، فإن معالجة الأبعاد الإستراتيجية لظاهرة الإرهاب تقتضي القضاء على النزاعات والصراعات الإقليمية، وإلا فغياب الهيكلة التنظيمية وإنعدام الرؤية الإستراتيجية وضبابية الأهداف، ستجعل من فكرة الحرب على الإرهاب، تتحرك في كل مكان وزمان، ولن تخدم سوى المنظمات الإرهابية، كونها مخترقة من دول إقليمية ودولية؛ من أجل العمل على ظهور جماعات متطرفة، وبالتالي تحقيق مخططات التقسيم في دول المنطقة، والهيمنة على مقدرات العالم العربي.

في ضوء هذه المعاني، والدلالات، وبعد قرار بعض الدول العربية المشاركة في الضربات الجوية، سيعيد تشكيل ميزان القوى في الشرق الأوسط، خصوصاً مع إنشغال دول عربية أخرى بحروب أهلية، أو باضطرابات سياسية داخلية، وأن المعادلة السياسية في المنطقة، ستتغيّر بظهور هذه الدول، كقوة عسكرية ضد الحرب على الإرهاب، مع ضرورة ملاحظة، أن الحل العسكري وحده لن يكفل القضاء على الإرهاب، بل إن الأمر يتطلب مواجهة الإطار الفكري المتطرف، والمحرك لتلك الجماعات الإرهابية؛ لقطع الطريق أمام تحقيق الأهداف الإقليمية، والدولية فيها، ومن ثم العمل على تقاطع مخططات الغرب مع رغبة إيران؛ لإجهاض فكرة الهيمنة على المنطقة العربية.
بقي القول: إن الفكر المتطرف ظاهرة أصيلة ، بل وقديمة كقدم المجتمعات الإنسانية، هذا أمر متفق عليه، إلا أن الواقع المضطرب الذي تتعرض له منطقة الشرق الأوسط، يقضي مزيدًا من الجهد نحو إيقاف تأجيج الصراعات الإثنية، والعرقية، والطائفية؛ لتحقيق مصالح أوطانها العربية.
الهدف والغرض بالأساس من سايكس- بيكو الأولى تقسيم الهلال الخصيب، بلاد الرافدين وبلاد الشام بين بريطانيا وفرنسا، بريطانيا تحتل العراق وفلسطين وفرنسا تحتل سوريا ولبنان. وهذه العملية التقسيمية جرت بمساعدة قادة الحركة الصهيونية "ثيودور هرتسل" وآخرين الذين دعموا بريطانيا وفرنسا بالمال من أجل خدمة الهدف الذي يسعون له، وهو إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين. ولذلك كان هدف سايكس – بيكو التقسيمي تسهيل إقامة دولة اسرائيل في قلب الوطن العربي، ليمنع أي إمكانية لتوحيده مستقبلاً، لكون ذلك يشكل خطرًا على الدولة المزروعة وعلى مصالح الدول الغربية في المنطقة.

أما سايكس- بيكو الجديد الذي يجري التخطيط له منذ سنوات طويلة فالهدف منه واضح، هو تقسيم المقسم، بحيث يجري تقسيم وتجزئة وتذرير الجغرافيا العربية المحيطة بإسرائيل وإعادة تركيبها على شكل دويلات طائفية ومذهبية تغرق في الاحتراب والعشائرية والمذهبية والطائفية، أي كيانات اجتماعية هشة، فاقدة لإرادتها وقرارها السياسي، وليس لها سيطرة على ثرواتها، بل تدار إقتصاديا مباشرة من قبل المركز الرأسمالي العالمي في واشنطن، وحكامها حيث يجري تعينهم ودعمهم من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، ويرتبطون معهما بأحلاف عسكرية وأمنية، وهذا الهدف يمهد ويسهل ويشرع القبول والإعتراف الدولي بيهودية الدولة الذي طالما سعت إليه الحكومة الإسرائيلية الحالية في ظل دويلات مذهبية وطائفية محيطة بها. وسلطة وطنية فلسطينية لا حول لها ولا قوة.

هذا المشروع، مشروع تقسيم المقسم والتشظية للجغرافيا العربية، لم يكن وليد صدفة او تفكير إرتجالي او شطحة فكرية، بل نتاج أبحاث ودراسات طويلة وعميقة لمراكز الأبحاث والدراسات الأمريكية ودوائر مخابراتها وأجهزتها الأمنية بعد تفكك الإتحاد السوفيتي ودول أوروبا الشرقية، ونهاية الحقبة الشيوعية، ومن بعد إستخدام وتوظيف الجهاد الإسلام العالمي"القاعدة" لخدمة المشروع الأمريكي في ضرب الوجود الروسي في أفغانستان أنذاك.
ولذلك كان ملخص تقرير وزير الخارجية الأمريكي الأسبق بيكر وهاملتون ودنيس روس وغيرهم من متطرفي البيت الأبيض في حينه بأن المشروع الأفضل لضمان السيطرة على المنطقة العربية والشرق الأوسط وحماية الوجود والمصالح الأمريكية في المنطقة، وبقاء اسرائيل متسيدة لمئة عام قادمة، وبما يستعاض عن الإستراتيجية الأمريكية السابقة، القائمة على الحروب الإستباقية وتغير أنظمة حكم الدول المعادية لأمريكا بالقوة العسكرية، بإستراتيجية جديدة تقوم على نشر وتعميم مشروع "الفوضى الخلاقة" في المنطقة، بحيث يجري إدخال مجتمعاتها وشعوبها في فتن وحروب مذهبية، سني- شيعي وطائفية، مسلمون – مسيحيون - اكراد – علويين وغيرهم من الطوائف والمذاهب.

هذا المشروع ما كان له ان ينفذ ويفعل فعله المدمر في المنطقة العربية، لولا تزاوج المصالح ما بين بعض القادة العرب في دول الشرق الأوسط والخليج من ناحية والولايات المتحدة من الناحية الاخرى، حيث غرزت القيادة الأمريكة في أذهان القادة العرب بان الخطر على ممالكهم وإماراتهم قادم من ايران لا محالة، ولذلك يجب تحويل وتحريف الصراع عن أساسه من صراع عربي- اسرائيلي الى صراع عربي- فارسي، وبما ينقل الفتنة المذهبية من المستوى الرسمي الى المستوى الشعبي، وليس هذا فحسب فهناك طرف بقصد او دونه شارك في تنفيذ هذا المشروع، ألا وهم الإخوان المسلمين الذي سهلت لهم امريكا السيطرة على السلطة في اكثر من بلد عربي مع بداية ما سمي بالربيع العربي، ودارت عجلة هذا المشروع قتلاً وذبحاً واستباحة للجغرافيا العربية من خلال التدمير والتخريب والتفكيك ونهب الخيرات والثروات، والترحيل والتطهير العرقي بحق الاثنيات والطوائف (المسيحيين السوريين في الرقة والعراقيين في الموصل واليازديين في العراق)، ناهيك عن تدمير الآثار والحضارات الإنسانية القديمة السومرية وآثار تدمر وحلب وغيرها،وتهجير مئات الألآف،بل الملايين من السوريين والعراقيين.

هذا المشروع التدميري يهدد كل ركائز المشروع القومي العربي، ويمنع إمكانية أي نهوض قومي عربي لمئة عام او اكثر، حيث جرى تدمير ليبيا وتحويلها الى دويلات عشائرية وقبلية تتصارع على المصالح والإمتيازات والسلطة والثروات، تحكمها عصابات ومافيات ومليشيات، وتغيب الدولة المركزية هناك وخطر الإرهاب يتصاعد ويتمدد من الجماعات التكفيرية امثال "داعش" وغيرها من مشتقات القاعدة.
وها نحن نرى العراق وسوريا تواجهان نفس المخاطر، وخصوصًا بأن القاعدة ومشتقاتها من "داعش" و"النصرة" و"جيش الفتح" و"اجناد الشام" وغيرها من التنظيمات الإرهابية، يقف خلفها ويدعمها حلف دولي، إقليمي وعربي واسع في مقدمته أمريكا ودول الغرب الإستعماري ومشيخات النفط والكاز.
ألم يحن الوقت لقادة الدول العربية المركزية التوحد من أجل إسقاط مشروع التجزئة الجديد "سايكس بيكو الجديد " ؟؟ الم يحن الوقت ليفهموا ان الاطاحة بهم وخلعهم عن الكراسي هي مسألة تتعلق بالوقت وكذلك بمصلحة امريكا والغرب في بلادهم ؟؟؟؟ .

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة