الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 10 / نوفمبر 06:02

بين تدمر والرقة/ بقلم: أيمن حاج يحيى

كل العرب
نُشر: 16/03/16 11:56,  حُتلن: 11:59

أيمن حاج يحيى في مقاله:

التسوية تأتي في تنازل امريكي واضح على ضرورة التسوية السياسية وهذا التنازل لم يكن ليحدث لولا التدخل الروسي الذي اقنع الامريكي انه ليس لوحده في المنطقة

المرحلة المقبلة ستشهد العمل على التخلص من داعش والنصرة الصنيعة الخليجية الامريكية ولكن مع الابقاء على التنظيمات (المعتدلة) الموالية لامريكا وحمايتها من أي خطر

اعلان الرئيس الروسي بوتين عن سحبه للقوات الاساسية الروسية الضاربة في سوريا قد خلط الاوراق واصاب بالدهشة فريق المؤيدين والمعارضين وأطلق العديد من التحليلات والتفسيرات

ليس سرًا أن اعلان الرئيس الروسي بوتين عن سحبه للقوات الاساسية الروسية الضاربة في سوريا قد خلط الاوراق واصاب بالدهشة فريق المؤيدين والمعارضين وأطلق العديد من التحليلات والتفسيرات من الطرفين تكاد تصبو الى مستوى التمنيات عن التحليلات. فهل فعلا تخلت روسيا عن حليفها أم هو مجرد تكتيك روسي متفق عليه مع السورين برؤية متواضعة؟

أرى أن الأمر لا يتفق لا مع فكرة التخلي عن الحليف فهو منافي لأبسط قواعد المنطق السياسي وهو حدث ليس بسيط وحتى بوتين الرجل الحديدي لا يستطيع المغامرة بخطوة كهذه مهما كان الثمن مغري لانها تعني بكل بساطة انهيار السياسة الروسية تماما وعودة روسيا يلتسين كما أن الانسحاب لا يأتي ضمن الخديعة الاعلامية فهو على ما يبدو فعلي وهناك خفض جدي بعديد القوات الضاربة مع الابقاء على القوات العاملة الاعتيادية.

في تحليل الخطوة كان ينقصنا ربط بعض الأمور ببعضها حتى تكتمل الرؤيا كما ينقصنا الرؤيا العملية للامور التي يمتاز بها الغرب وتسيطر علينا الرؤيا العاطفية للأمور. فبتقديري المتواضع أن الأمر يأتي ضمن تسوية وتفاهم أمريكي روسي ثنائي ليس على انهاء الصراع في سوريا في هذه المرحلة بل بتحديده بعد أن رأى الراعيان الدوليان للفرقاء بأن الصراع بات يخرج عن السيطرة، والتسوية تأتي في تنازل امريكي واضح على ضرورة التسوية السياسية وهذا التنازل لم يكن ليحدث لولا التدخل الروسي الذي اقنع الامريكي انه ليس لوحده في المنطقة وبعد أن سادت الفوضى الأمريكية المنطقة بمستوى بات فيها الامريكي يستصعب فيها السيطرة على فوضاه التي اطلقها كان بحاجة لمساعدة الروسي وطلب العون منه.

الامريكي وافق على وقف هجومه على سوريا بعد أن لمس أن الفوضى ليس فقط قد باتت خارج السيطرة بل ممكن أن تتدحرج لحرب اقليمية شاملة لا احد يعرف اين تنتهي.

ومن الواضح بأن الروسي بعد أن وازن الامور بدرجة كبيرة في المنطقة لا مانع لديه من مد يد التعاون للامريكي لاعادة التوزان لمستوى التنافس الامريكي الروسي فكان التفاهم الروسي الامريكي مرحليا ليس على نموذج برلين بعد الحرب العالمية الثانية تماما في سوريا لكن هو اكثر حماية الحلفاء من قبل الطرفين في مناطقهم مع الاجماع على ضرب داعش والنصرة، وفرض الحل السياسي على كل الاطراف ولكن الامريكان يواجهون مشكلة جدية فبالرغم من أنهم من اطلقوا الحرب على سوريا واستخدموا حلفاءهم واتباعهم الا ان اتباعهم اصبحوا كاثوليكيين أكثر من البابا ولوحظ الرفض السعودي القطري التركي لأي حل سياسسي، وترى تحديدا هذه الانظمة الثلاث بأن أي حل يبقى نظام بشار الاسد والدولة السورية الحالية ليس فقط هزيمة لهم بل خطرا على وجود انظمتهم فهم قامروا بكل ما لديهم فكان لا بد للامريكي أن يشد الحبل لحلفائه وأتت الخطوة الامريكية من خلال موقف اوباما المفاجىء للسعوديين والقطريين والاتراك في الكونجرس والذي اعلن فيه رسميا تخليه عنهم وانسحابه من مغامرته مما جعل هذا الثالوث يعيد تفكيره ويعيد كل حساباته فهذا الثالوث بدون الغطاء الامريكي محدود القدرات وشبه مشلول ولا يستطيع ان يغرد خارج سرب واشنطن فلا رعد للشمال ولا رعد بالجنوب بدون غطاء امريكي.

وكان لا بد ان تكون مقابل الخطوة الامريكية خطوة روسية تعادل الامريكية ولا تسمح بتغليب فريق على فريق ومن هنا أتت الخطوة الروسية المحسوبة وبدقة خطوة روسيا عقب الخطوة الامريكية. أمريكا تعترف ولاول مرة انها لم تعد القطب الاوحد بالعالم وتضطر للتنسيق مع الروس وهذا يعني نهاية مرحلة عاملية مظلمة مرحلة القطب الاوحد وبداية عودة مرحلة القطبين.

طبعا لا يمكن تناسي حرب التصريحات الروسية السورية التي سبقت الخطوة وان كانت مبطنة فموسكو ودمشق تبادلتا تصريحات متناقضة بين تباعد للرؤى في بعد القضايا ولم يخفِ الروسي انتقاده للسوريين ولم يخفي السوريون رغبتهم بالمحافظة على استقلال قرارهم وبدا ذلك واضحا في موضوع الفيدرالية والمرحلة الانتقالية.
تفاهم امريكي روسي مرحلي يقضي بضرورة الحل السياسي في سوريا والطرفين سيفرضان الحل على الفرقاء شاؤوا ام أبوا ولكن ليس قبل التخلص من داعش والنصرة والتي باجماع القطبين قد انتهى مفعلوهما ولم يكن تصريح لوفروف وزير الخارجية الروسي مبهما حين صرح قبل ايام بأن الجيش الروسي سيدعم الجيش السوري في تحرير تدمر والامريكان سيساندون الاكراد في تحرير الرقة واوضح ان هذا نتيجة تفاهم امريكي روسي.

المرحلة المقبلة ستشهد العمل على التخلص من داعش والنصرة الصنيعة الخليجية الامريكية ولكن مع الابقاء على التنظيمات (المعتدلة) الموالية لامريكا وحمايتها من أي خطر من الدولة السورية، والروس لن يسمحوا بحصار دمشق وتشكيل خطر على الدولة السورية. طبعا كل هذا منوط بالالتزام الامريكي بهذا التفاهم خاصة اننا على ابواب انتخابات امريكية. قد تلتزم امريكا بالتفاهم وخاصة انها هي من قامت بالخطوة الاولى وستليها خطوات روسية فالروس باقون في سوريا لضمان تنفيذ التفاهم ولن يسمحوا بهز اسوار دمشق لأن اسوار موسكو تبداء من اسوار دمشق واذا اخل الامريكان باتفاقهم فلن يغلب القيصر بتصريح آخر يقلب الامور رأسا على عقب الرقة وتدمر بداية الامتحات لتنفيذ التفاهم وبين الرقة وتدمر قد تتضح الامور.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة