في يوم من الأيام كانصياد سمك يعيش مع زوجته في كوخ صغير قرب شاطئ البحر.
وفي كل صباح كان الصياد يخرج للبحر لإصطياد
السمك.
وفي أحد الأيام شعر بخيط صنارته يهتز بقوة ووجد في طرف الخيط سمكة بلطية كبيرة الحجم قد علقت به
ويالدهشته الكبرى عندما بدأت السمكة تتحدث إليه قائلة : " أرجوك دعني أعيش، أتركني اعود للبحر، فأنا لست مجرد سمكة بلطية، بل أنا أميرة مسحورة.
صورة توضيحيّة
ولأن الصياد كان طيب القلب تركها تذهب وتعود للبحر
وعندما عاد الصياد للبيت سألته زوجته عما اصطاده طوال النهار وعندئذحكى لها حكاية السمكة التي أعادها للبحر
ثارت زوجته غيظا وغضبا وصاحت فيه : " كيف لم تطلب من الأميرة المسحورة أي مطلب أو تتمنى عليها أي أمنية؟
هل ترغب بالعيش بهذا الكوخ طوال عمرك؟
عد حالا إليها واطلب منها بيتا كبيرا من الأخشاب القوية تحيط به حديقة واسعة
ولأن الصياد كان يخاف كثيرا من زوجته، فقد انطلق ليفعل ما أمرته به تمام . وصل إلى البحر وجدف بقاربه في المياه الزرقاء والصفراء
وبعد قليل ظهرت السمكة المسحورة من بين الأمواج
وسألت : " ماذا تريد مني ؟
فقال الصياد المسكين بصوت مرتعش : " أرسلتني زوجتي لأطلب منك منزلا كبيرا تحيط به حديقة
قالت السمكة : " عندما تعود إليها ستجد أن امنيتك تحققت " . ثم أختفت السمكة في الماء مرة أخرى
وعندما عاد الصياد الى كوخه الصغير . اندهش كثيرا عندما رآه قد تحول الى بيت جميل تحيط به حدائق غنية بأشجار الفواكه والخضراوات
وسأل زوجته : " أصبحت راضية الآن , أليس كذلك فإن أشجار الحديقة تثمر أحلى الثمار
لكنها لم تجبه إلا بقولها ".سوف نرى , سوف نرى
وبعد مرور بضعة ايام قالت المرأة لزوجها : " هذا البيت ليس كبيرا بما فيه الكفاية . اذهب الى السمكة واطلب منها أن تجعل لنا قلعة كبيرة مبنية من الصخور الصلبة
فسألها زوجها : " هل انت واثقة من أن هذا البيت ليس كافيا ؟ لماذا تحتاجين إلى قلعة كبيرة ؟
صاحت فيه المرأة الجشعة: " تستطيع السمكة المسحورة أن تعطينا القلعة بكل بساطة فاذهب الآن واطلب منها ذلك
وهكذا خرج الصياد وذهب نحو البحر مرة أخرى
كان البحر داكن الزرقه في ذلك اليوم والسماء مغطاه بالسحاب أيضا
أطلت السمكة برأسها من بين الأمواج وسألته : " والآن ماذا تريده " ؟
فقال الرجل وصوته يرتجف خوفا وخجلا : " للأسف زوجتي ترغب بأن تعيش في قلعة كبيرة مبنية بالصخور الصلبة
فقالت السمكة : " ارجع وستجد القلعة
وعندما عاد الصياد وجد زوجته تنتظره على سلالم قلعة صخرية كبيرة جدا
وقد اصطف داخل القاعة الكبرى الموائد الفاخرة والمقاعد الذهبية
وعلى الجدران مرايا بلورية لامعه، والخدم واقفون ينتظرون الاوامر
وأمام القلعة في الفناء وقفت هناك عربة رائعه والمزرعة مزدحمةبالخيول الأصيلة , وأما الحدائق والبساتين فكانت تزدهر فيه أجمل الزهور , وتثمر اشجار الفاكهة أكثر من المعتاد
وهناك كانت الأبقار والماشية على العشب الطريفي سلام وطمأنينة
وسألته زوجته المسرورة : " أليس هذا جميلا
فقال لها الصياد آملا : " بالطبع لابد أنك راضية الآن
أجابته : " سوف نرى سوف نرى " ثم ذهبا للنوم
وفي صباح اليوم التالي بينما كانت المرأة واقفة تلقي نظرة من نافذتها على الحدائق والمروج الخضراء الواسعة جاءتها فكرة جديدة فأيقظت زوجها من النوم وقالت له : " لماذا لا أكون ملكة على كل هذه الأرض ؟ أذهب الى السمكة البلطية وقل لها اننا نريد أن نصبح ملكين على هذه الأرض!
قال: " ولكنني لا أريد أن أصبح ملكا
ذهب الصياد مرة أخرى إلى شاطئ البحر
فصاحت فيه زوجته غاضبة : " أنت حر لكنني سأكون ملكة! فانهض وافعل ما قلته لك
كانت المياه هذه المرة سوداء ورائحتها كريهة
وظهرت السمكة من وسط الماء وسألته في ضجر :" والآن ماذا تريد زوجتك أيضا
فقال لها الصياد متلعثما ومستاء : " تريد أن تصبح ملكة
وجاء جواب الملكة كالمعتاد : " عد إليها الآن فقد أصبحت ملكة
وبكل تأكيد عندما عاد الصياد وجد القلعة وقد صارت أكبر بكثير
ورأى زوجته تجلس على عرش من ذهب والماس وفوق رأسها تاج مرصع بالجواهر الثمينة , ويحيط بها عدد كثير من الخدم والحشم
فسألها الصياد : " وهكذا يا زوجتي قد أصبحت ملكة الآن " قالت : " نعم أنا الملكة
أخذ ينظر إليها وقت طويل ثم سألها : " هل أنت الآن راضية ؟
فأجابت : " بالتأكيد لست راضية وقد أصبحت ملكة
أذهب إلى السمكة المسحورة وقل لها أنني أريد أن أصبح إمبراطورة " وأخذت تدق الأرض بقدميها أمام زوجها المسكين وتهز قبضة يدها وتصيح
" سأكون امبراطورة ! سأكون امبراطورة
في هذه المرة عندما ذهب الصياد إلى البحر كانت الأمواج هائجة والريح عاصفة والسماء مبلدة تماما بالسحب المتراكمة
وعندما نادى على السمكة خرجت وسألته في ضيق : " ماذا تطلب زوجتك هذه المرة"؟
فصاح الصياد بصوت عال ليسمعها وسط هبوب الرياح :" انها تريدأن تصبح إمبراطورة
فقالت السمكة : "عد إليها الآن فقد أصبحت إمبراطورة
وصدقت كلمة السمكة، فعندما عاد وجد القلعة قد تحولت إلى مجموعة من القصورالفخمة هائلة الأرتفاع
ووجد زوجته تجلس على عرش مرتفع جدا، وقد انحنى أمامها الملوك والملكات
فقال لها الصياد يائسا منها : " لا بد أنك راضية وقد أصبحت إمبراطورة البلاد، ليس هناك أي شيء أفضل من هذا لتلبيته
فأجابته بقولها المعتاد : " سوف نرى سوف نرى
"
استيقظت زوجته مبكرا في صباح اليوم التالي , وراحت تتابع طلوع الشمس من ناحية الشرق . وسألت نفسها : " لماذا لا أستطيع التحكم بالشمس فتطلع عندما أشاء وتغرب عندما أشاء ؟
وظهرت السمكة وسألته : " وماذا تريد هي الآن؟.
أخذ ينادي على السمكة . لكنه لم يستطع سماع صوت ندائه من شدة وصخب الأمواج"
أصيب الرجل المسكين بالذهول ولم يناقشها . وعندما وصل إلى حيث توجد السمكة، وكانت تهب في البحر عاصفة شديدة.
فذهبت على الفور وأيقظت زوجها وأمرته بصرامة: " أذهب فورا الى السمكة وأخبرها بأنني أريدأن أتحكم بالشمس والقمر والنجوم، أريد أن أصبح حاكمة العالم أجمع.
قال الصياد : " تريد أن تصبح حاكمة الكون بكل ما فيه من شمس وقمر ونجوم!.
فأجابته السمكة في ضيق وأشمئزاز : " لقد تمادت زوجتك في طمعها أكثر من اللازم , وطلبت ما لا يمكن أن يحدث بأي سحر.
عد إليها وستجدها في الكوخ القديم الصغير
ثم أختفت السمكة بين الأمواج إلى الأبد. عاد الصياد إلى الكوخ القديم، وهناك عاش مع زوجته حتى نهاية حياتهما.