الشيخ محمد محاميد في مقاله:
فان فوز ترامب متوقعاً، لأن ترامب خاطب العقلية الامريكية العنصرية بالخطاب التي تهوى وتريد في ظل تفاقم حالات الاضطهاد والتمييز ضد كل ما هو اخر
الأكيد أن فوز ترامب قد فقع في وجه عبيد الديمقراطية الامريكية ذلك البالون المزيف، فهل يا ترى سيستيقظ بعضهم من سباته؟، أم سينفخ بالوناً آخر من الوهم والاحلام؟!.
لم يصبني أي نوع من انواع الدهشة والاستغراب من فوز ترامب برئاسة الولايات المتحدة، فكنت اتوقع فوزه بالرغم من غربال وسائل الإعلام الامريكية ومراكز الإحصائيات التابعة لها
آن لامريكا أن يحكمها امثال ترامب لتسير البشرية كلها الآن بخطى ثابتة نحو الملحمة الكبرى التي ستفرق بين الحق والباطل والتي كذلك يؤمن بها جميع اتباع الديانات السماواية مع اختلاف نتائجها
بحلول عام 1886م وبالتزامن مع احتفالات الذكرى المئوية لما يسمى بالثورة الأمريكية التي استقلت خلالها الولايات المتحدة عن بريطانيا العظمى حينئذ وانفصلت عنها بشكل كلي، قامت فرنسا بإهداء الشعب الامريكي تمثال الحرية الشهير المطل على خليج نيويورك، والمثير للسخرية هنا هي فرنسا التي ادعت زوراً وبهتاناً بأنها ام الحريات وكانت في ذروة اغتصابها لحريات الشعوب الأخرى وسلبها حقوقها لتحقيق الأطماع التوسعية لفرنسا في العالم.
ومنذ الذكرى المئوية لاستقلال الامريكان لا زال تمثال الحرية مستقراً في موقعه المطل على خليج نيويورك ليكون في استقبال زائري البلاد سواء كانوا سائحين او مهاجرين للدولة الحديثة نسبية والتي أقيمت على انقاض شعب الهنود الحمر الذي تمت إبادته وتصفيته ليقيم المهاجرون الاوروبيين كيانهم الجديد، الذي سرعان ما استدعى عبر تجار الرق والنخاسة ملايين الافارقة لجلبهم عبيداً للعنصر الأمريكي العنصري، ولا زال احفادهم من الامريكيين ذوي البشرة السوداء يعانون الاضطهاد والتمييز العنصري حتى يومنا هذا، ولم تنتهي معاناتهم بتولي باراك حسين اوباما ذو الاصول الافريقية لرئاسة الولايات المتحدة الامريكية للدوريتين السابقتيين, بل ارتفعت نسبة قمعهم وظلمهم!.
سطع نجم الامريكان فعلياً بعد حسمهم عسكرياً للحرب العالمية الثانية عام 1945م بقيادتهم لدول الحلفاء وقضائهم على دول المحور وعلى رأسها نظام الرايخ النازي الالماني والنظام الفاشي الإيطالي وحسمها للصراع مع الامبراطورية اليابانية آنذاك بقصفها لمدينتي هيروشيما ونجازاكي بالقنبلة النووية التي توجت اشعاعاتها الاجرامية سطوع نجم الولايات المتحدة الامريكية كدولة عظمى صاحبة رؤية خاصة للبشرية جمعاء ملخصة بالنظام الرأس مالي الذي نحى الإنسانية، وجعل شعوب الأرض قاطبة عبيداً لرعاة البقر الامريكان عبر مشروع العولمة!.
ومنذ ذلك الحين اخذت الولايات المتحدة تعمل بكد وجد عبر استحواذها على اللآلة الإعلامية العالمية على تعزيز صورتها في العالم الحديث على أنها راعية الديمقراطية وأم الحريات والمدافعة عن حقوق الإنسان، حتى بلغ بها الأمر إلى توظيف نفسها كشرطي للعالم تتدخل باسم الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان بشؤون الدول الأخرى الخارجة عن سربها، فتغزوها وتعوث بها فساداً باسم تلك المبادئ الامريكية المزيفة.
وأما من عرف الامريكان حق المعرفة، يعرف جيداً أنه يتحدث عن شعب مجرد من المبادئ الإنسانية اقام كيانه على انقاض إبادة الهنود الحمر وعلى حساب استنزاف طاقات ملايين الأفارقة الذين جلبوا ليخدموا العنصر الأمريكي، ويعرف جيداً أن الديمقراطية بالنسبة لهؤلاء الامريكان ليست إلا صنماً من تمر إذا أعجبتهم وجاءت بما تهوى نفوسهم وتشاء عقولهم عبدوها وإذا جرت رياحها على عكس ما اشتهت سفنهم اكلوها، والنماذج على ذلك كثيرة، لا سيما تلك القريبة منا والتي حارب "الكوبوي" الامريكي ابو الحريات الحكومات ذات الخلفية الإسلامية التي جاءت بها الشعوب الإسلامية عبر صناديق الإقتراع!.
فالعالم بأسره بشرقه وغربه اخذ يرصد وبعناية خاصة الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي ستحدد هوية الرئيس الخامس والاربعين للولايات المتحدة، واحتدم صراع الرئاسة بين مرشحة الحزب الديمقراطي ووزيرة الخارجية السابقة "مجرمة الحرب" هيلاري كلينتون والتي حال فوزها ستكون اول رئيسة لرعاة البقر، وامام مرشح الحزب الجمهوري المثير للجدل والاشمئزاز بمواقفه العنصرية حتى مع المرأة التى عرف بتحرشه بصنفها دون خجل او وجل دونالد ترامب.
فتمنت شعوب كثيرة في الأرض وعلى رأسها الشعوب العربية بأن تمارس حقها بالمشاركة بإختيار الرئيس الأمريكي الذي يحكمها فعلياً!!!، وتعالت اصوات كثيرة مؤيدة لهيلاري كلينتون خشية من فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب الذي اعلن عداوته بشكل جليّ لم يسبق له مثيل إلا في خطابات هتلر النازي وموسيليني الفاشي، ولكن بعيدا عن النظرة السطحية كلا المرشحين وجهين لعملة الدولار الواحدة ينفذان اجندة مراكز القوى والثقل الامريكية وعلى رأسها الأجهزة الأمنية واللوبي الصهيوني .
فبصراحة لم يصبني أي نوع من انواع الدهشة والاستغراب من فوز ترامب برئاسة الولايات المتحدة، فكنت اتوقع فوزه بالرغم من غربال وسائل الإعلام الامريكية ومراكز الإحصائيات التابعة لها التي اكدت مرارا وتكرارا تفوق هيلاري كلينتون وذلك لمصلحة الاجندة الامريكية العامة في السيطرة على العالم والاستحواذ على مقدراته وممتلكاته.
فكان فوز ترامب متوقعاً، لأن ترامب خاطب العقلية الامريكية العنصرية بالخطاب التي تهوى وتريد في ظل تفاقم حالات الاضطهاد والتمييز ضد كل ما هو اخر حتى من مواطني الولايات المتحدة الافارقة والعرب واللاتينيين والتي شاه العالم بأسره تطوراتها خلال الصدامات المتكررة التي وقعت مؤخراً بين الامريكان السود وقوى الأمن التي تستخدم ضدهم العنف المفرط!، فهذه العقلية الامريكية الهوليودية هي عقلية متعصبة للعنصر الأمريكي الأبيض وتستحقر الشعوب الاخرى فوجدت ترامب معبراً عنها بصدق وينوب عنها على سدة صنع القرار، بالرغم من علم الشعب الامريكي ان فوز ترامب قد يؤدي لخسائر فادحة للاقتصاد الأمريكي ولسعر صرف الدولار الامريكي مقابل العملات الأساسية في العالم.
أضف على ذلك هي ذات العقلية التي تنادي بتحرر المرأة في المجتمعات الأخرى أي بتعريتها وجعلها سلعة استهلاكية في ظل النظام الرأي مالي المادي، وترفض في ذات الوقت تولي المرأة قيادة النظام، فكثر من الامريكان صوتوا لترامب حتى لا تحكمهم مرأة، والدليل على ذلك هو تفوق ترامب على كلينتون حتى باستطلاعات الرأي التي اقامتها مراكز الدعم لكلينتون بين صفوف الذكور الامريكان!.
وأما حول التهويل الذي مارسه بعض المحللين من خطورة ترامب، فاعتقد ان هذه التحذيرات ليست إلا زوبعة في فنجان، فالولايات المتحدة ستمضي بأجندة الاستكبار والظلم التي تمارسه بحقوق الشعوب الأخرى وعلى رأسها الأمة الإسلامية، ولكن بطريقة تختلف عن طريقة الحزب الديمقراطي ومجرمة الحرب هيلاري كلينتون التي ادارت حروبها بالوكالة عبر تجنيد الوكلاء الذين يخوضون الحرب عوضاً عنها وهي وجنودها بمنأى عن تلك المعارك والحروب، فترامب الجمهوري سيخوض تلك الحروب بشكل مباشر عبر الزج بالجيش الامريكي فيها مباشرة، وهذا سيلفت انظار العالم بكليته للإجرام الامريكي، مما له تبعات على تعبئة الشعوب ضد نظام الاستكبار في الأرض.
وأما عقائدياً فقد آن لامريكا أن يحكمها امثال ترامب لتسير البشرية كلها الآن بخطى ثابتة نحو الملحمة الكبرى التي ستفرق بين الحق والباطل والتي كذلك يؤمن بها جميع اتباع الديانات السماواية مع اختلاف نتائجها عند كل طرف وطرف، ولكن الأكيد أن فوز ترامب قد فقع في وجه عبيد الديمقراطية الامريكية ذلك البالون المزيف، فهل يا ترى سيستيقظ بعضهم من سباته؟، أم سينفخ بالوناً آخر من الوهم والاحلام؟!.
يافا
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net