الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 22 / نوفمبر 22:02

أحدث موضات أفراح 2017/ بقلم: سماح سلايمة

كل العرب
نُشر: 20/04/17 17:43,  حُتلن: 15:04

سماح سلايمة اغبارية في مقالها:

أبدت العديد من النساء اللواتي التقيتهن امتعاضا من مجرد ذكر موسم الاعراس، وكأننا نتحدث عن مصيبه تداهمنا!

كان العرب يرفعون السيوف كعلامات النصر بعد المعارك، وتحولت علامات النصر لإطلاق الرصاص في الهواء، ومنذ ذاك الحين لم ينتصر عربيّ قط

أنا شخصيا حضرت زواج عشر كريمات العام الماضي. ولا أدري ما العيب او الحرام في ذكر اسم العروس بجانب اسم العريس؟ هل ستكون الحمامة مع الخاتمين بجانب الاسم نذير شؤم او سوء على أصحاب الفرح مثلا ؟

لن أخوض هنا حتى بتغيير اسم عائلة الزوجة تلقائيا دون إذنها بعد عقد القران، وهو أمر نسب للإسلام بعكس الحقيقة، إن الدين حثّ المرأة على الحفاظ على اسم عائلتها بعد الزواج 

أرجوك، صديقتي لا تكترثي بالموضة وصراعاتها واختاري ما هو مناسب لجسمك وذوقك وحركاتك ورصيد بنكك

يجب أن نفرح، علينا أن نحتفل، وواجبنا المشاركة بمناسبات الاهل والأحباب السعيدة والمؤلمة ولكن لماذا نفقد العقل السليم والمنطق والتوازن بحجة، "مهو عرس، بلاش النكد" لماذا المبالغة والمنافسة التي تدفعنا للخطأ 

لكي نحتفل بزواج الأحباب والمعارف الأقرباء على قلبنا والغربيين عنه، حسب المعايير الاجتماعية المستحدثة والمحتلنة، علينا كما يبدو أن نكسر برامج التوفير البنكية المخصصة لمستقبل اطفالنا، نلبس الدروع الواقية ونستعد للمعركة.

أبدت العديد من النساء اللواتي التقيتهن امتعاضا من مجرد ذكر موسم الاعراس، وكأننا نتحدث عن مصيبه تداهمنا!
"اسمها الافراح ، ولازم انفرح فيها ". "لا أفراح ولا عباله ، كلها مصاريف فاضيه وخزق بالجيبة، مشاكل عائليه وطوش". أجابتني إحدى النساء، وطال نقاشنا وحديثنا حول ثقافة الاعراس هذه، وأحدث الموضات والصرعات فيها التي صرعت مجتمعنا ورأسنا.

واليكم ملخص البحث الأنثروبولوجي المصغر:
أولا: إطلاق الرصاص، هذه العادة السخيفة المخيفة، الضارة المسيئة علينا أن نقاومها ونوقفها.
من يفرح فيكم من عيارات ناريه قاتله وصاخبه؟، كل سنة ندفع مقابل الهمجية هذه ثمنا غاليا من إصابات وضحايا ولا نتعلم الدرس!
حيازة السلاح تعبر عن رغبة المسلح إظهار قوته ونفوذه، لا يوجد في هذا العُرف اي منفعة او تكريم لأي رجل، ولا تساعد المتفجرات الزوجين بشيء، كل من تسأله يمقت هذه العادة، ويعيبها ويشمئز منها ولكنها تحدث مرارا وتكرارا..
ألا يكفينا طلقات الرصاص التي أودت بحياة ألف ومئتي مواطن عربي حتى الان بسبب العنف والاجرام؟ فما الحاجة لإقحام الرصاص للأفراح أيضا؟
ولهذا، أقترح أن نتخذ خطوة جماعية، فلو قررنا بشجاعة أن ننسحب من كل عرس يطلق فيه الرصاص، لتعلّم المسلحون أن لا مكان لهم بيننا، وعرضهم الناري لا يسرّ أحدا، سوف تختفي جرذان المسدسات من حارتنا وقرانا المتعطشة للفرح بعيدا عن الدماء والضوضاء. صدقوني. وسيأتي يوم يكتب في دعوة العرس، "يرجى عدم إحضار السلاح لفرحنا ".
وفقط للتذكير، كان العرب يرفعون السيوف كعلامات النصر بعد المعارك، وتحولت علامات النصر لإطلاق الرصاص في الهواء، ومنذ ذاك الحين لم ينتصر عربيّ قط.
فبالله عليكم بماذا انتصرتم أنتم؟ وعلى من؟، لا أحد، فأعيدوا مسدساتكم الى أغمادها ولا نريد منكم شيئا.

ثانيا:
على العرائس الإصرار والتخلي عن لقب " كريمة" بكل الدعوات. أنا شخصيا حضرت زواج عشر كريمات العام الماضي. ولا أدري ما العيب او الحرام في ذكر اسم العروس بجانب اسم العريس؟ هل ستكون الحمامة مع الخاتمين بجانب الاسم نذير شؤم او سوء على أصحاب الفرح مثلا ؟
منذ متى نخجل بأسماء الإناث؟ من أين دخل هذا التستر والتكتم الى أعراسنا التي إن هدفت الى شيء فهو "الإشهار "، فلانة تزوجت فلانا، هذا هو الاشهار والتبليغ ليستوفي الزواج شروطه.

لا دين ولا عُرف مسح اسم المرأة من الوجود، بل هو عقل رجولي متخلف يستتر خلف معتقدات ومخاوف لا أساس لها تعود لأن الفتاة عورة، جسمها عورة، صوتها عورة وعليه فإن أي تلميح لوجودها فهو أيضا عورة بحسب المجتهدين الراغبين بالمراءاة بالتزمت الديني الفائض، فلم يبق من هذه المرأة الا اسمها لنخفيه حتى في زواجها.
وأين ذهبت ذاكرتنا الجماعية التي تجول وتصول بها خديجة وعائشة وبنات الرسول بأسمائهن الشخصية، ألسن هنّ "كريمات" الرسول وبنات وزوجات الصحابة اللواتي ظهرن وشاركن في المجالس والمعارك والأماكن العامة والكتب والأحاديث؟.
لن أخوض هنا حتى بتغيير اسم عائلة الزوجة تلقائيا دون إذنها بعد عقد القران، وهو أمر نسب للإسلام بعكس الحقيقة، إن الدين حثّ المرأة على الحفاظ على اسم عائلتها بعد الزواج.

وعليه من أجل مكافحة الرجعية الجماعية التي تغرقنا جميعا باسم الدين وهو منها براء، تعالوا نلتزم بأضعف الايمان، وهي القاعدة للمشاركة الحكيمة بأعراس هذا العام، لا تشتركوا أحبائي في حفل زوجين دون معرفة اسم العروس ولا تكونوا قامعين طامسين لوجود الإناث والاعتزاز بهن. فمهما يحاول البشر إخفاء العروس، لن يستطيعوا الاحتفال بدونها أليس كذلك وماذا ستكون الخطوة التالية، هل ستكون إخفاء النساء من الحيز العام ؟ وضع لعبة بلاستيكية مكان العروس مثلا.

ثالثا: يا معشر النساء، لا تلبسن شيئا فقط لأنه بالموضة، لقد تمعنت بالكثير من الكتب والصور والابحاث العلمية على مرّ السنين، وكلها أثبتت دون أن تدع مكانا للشك، أننا مختلفون عن بعض بالأحجام والأشكال والأطوال والألوان حتى في نسبة الدهون في الجسم والقوام نحن مختلفون. أعمارنا مختلفة وكذلك أجسادنا، سبحان الله.
فكيف نصارع تلك الحقيقة ونقاومها؟ من اين تأتينا الجرأة أن لا ننطق باسم امرأه علنا وفِي نفس الوقت نختار ثوبا عاريا، ضيّقا، بلون الجسم، لا يدع اي مجال للخيال والتأمل؟.
بعض الاثواب شفافة وضيقة وبعضها. فضفاضة، بعضها قصير والآخر طويل، ولكن أن تختار امرأة كل هذه الافكار في ثوب واحد؟ بسبب الموضة او الضغط الاجتماعي؟

وهنا، آخذ نفسا عميقا وأدرب عضلات دماغي وأتقبل اختيارات المرأة لكل ما تبلس وحرية الذوق واللبس، ولكني أطالب بشرطين فقط، أولا ان تكون الفتاة او المرأة مرتاحة فعلا بلباسها، ولا تعاني منه وتتألم ، يجرحها يخدشها أو يضيق أنفاسها بسبب الأسلاك والخيوط التي تهدف لشد القوام، فقد نزفت أذرع عروس من أسلاك معدنية في ثوبها الابيض وأصبحت كأنها "مصلوبة دامية فوقد صليب " وتشوه جلد أخرى بسبب المادة اللاصقة التي لصقت بها خرزات وأحجار على الجسم مباشرة.

فمن لا تريد ان تُستعبد في خدمة ثوبها ساعات اضافية في ليلة الحناء او حفل الزفاف، يجب ان تختار اللبس الملائم، حتى لا تقضي أوقاتا تعيسة في حمامات قاعة الأفراح تصارع في فستانها الذي قرر أن يتصرف كأنه كيان مستقل عن الجسد الذي يغطيه.

اما الشرط الثاني وهو الأهم أن تكون المرأة هي من اختارت فعلا وبحريه تامه لباسها، وليس مجموعة صديقات وقريبات ومجلات موضة حددت لمعشر الإناث هذا العام أن على كل النساء ان يلبسن اللون الوردي الفاتح او الأخضر الفاقع. فتجد أم العروس أو اختها نفسها في ثوب لا تحبه ولا يعجبها ودفعت ثمنه معاش شهر كامل من العمل الشاق. فترقص مع ذيلها الذي تتخيل أنه سييطيح بها أمام الجميع وهي تصلي في قرارة نفسها ألا يصورها أحد أثناء التعثر بطبقات الستائر التي تزحف خلفها، هذه هي الموضة! تقول لي إحداهن.

فأرجوك، صديقتي لا تكترثي بالموضة وصراعاتها واختاري ما هو مناسب لجسمك وذوقك وحركاتك ورصيد بنكك.  فمهما اجتهدت لتواكبي العصر فاعلمي انه سيأتي يوم ستضطرين لشرح هذا الاختيار لابنتك او ابنك الذي سيضحك بلا توقف أمام ألبوم الصور.
نحن أجمل إذا شعرنا بالارتياح، نحن أجمل إذا أحببنا ما نملك من جسد وقوام ولا يهم كثيرا ثمن الثوب الذي اخترناه.
وإذا بدأنا الحديث عن الجسد واللباس، تعالوا نتفق ألا نسيئ لجسدنا بشيء. فلا نحرق ولا نكوي ولا نلصق اي إضافات، مثل الرموش الاصطناعية التي تحدّد مدى الرؤيا مما يسبب خطرا حتميّا في الزحمة والأضواء الخافتة. الاظافر الطويلة وما عليها من أحجار وزينه. ولكل الفتيات الحالمات بشعر طويل أشقر ومموّج كأمواج البحر الهائج وعيون زرقاء، نحن هنا عامة الشعب، أصبح لدينا الخبرة بمعرفة الشعر الحقيقي من المزور. ولا أجد أي جمال وتميز في عشرات النساء اللواتي يملكن نفس الخصل الطويلة الزائفة تتأرجح على ظهورهن في ساحة الرقص.
فقد اكتشفنا السرّ، أرجوكن ارجعن الى الشعر الطبيعي الاسود والبني والأشقر اللطيف والحقيقي القصير او الطويل، انه يميزك ويجعلك أجمل بكثير من ملصقات شعر مستورد من نساء فقيرات حول العالم اضطررن أن يبعن شعورهن ليتحسّن شعور نساء أخريات على هذا الكوكب.

القاعدة الرابعة : النّقوط، نقطه نقطة يجمع أهل الفرح المال الذي يصرف في ليله واحدة من المشاركين. النّقوط أصله هدية أو نقود بسيطة تساهم في بناء بيت الزوجية، اصلها عادة جميلة تعزّز التكافل الاجتماعي والضمان الاسري للأزواج الشابة، حيث يساهم الأقرباء والاصحاب في إعمار وتجهيز البيت الجديد.
لقد تحول النقوط الى هم كبير يسبب ضغطا نفسيا وماديا للمهنئين والمحتفلين. فعلينا ألا نحضر أي عرس لمجرد الخجل من اصحاب الفرح، ومن المهم جدّا التواضع في مبالغ التهنئة.

لو التزمنا جميعا بمبلغ متواضع وموحد، سنتحرر جميعا من عبء هذا الموضوع. وسيتعلم اصحاب الاعراس التواضع أيضا في مظاهر العرس المكلفة ولا يدخل العروسان في مسابقة إبهار المدعوين بالحيل والالعاب النارية والسفن الفضائية والبالونات الضخمة التي تتفتح من قلب الدخان الابيض والثلج المتساقط من السقف. لماذا ندفع نحن ثمن هذا العرض؟ ما دمنا حضرناه مرات عديدة؟

خامسا: نحب الموسيقى، والرقص والطرب، والأعراس اصبحت المكان الوحيد الذي يرفع به الناس أنفسهم، فقليل منا يملكون الفرصة للذهاب لحفلات الغناء والموسيقى في المسارح وقصور الثقافة المعدومة في بلادنا، لذلك نحتفل بالأعراس، ولا ضير في ذلك.
ولكن، أرجوكم اتقوا الله فيما نسمع! "احنا ما عنا بنات تتوظف بشهادتها؟ شي رايحة وشي راجعه ، من الجامعة رئيسة جمهورية قلبي!
وهذه الترهات تكون الأغاني ذات معنى إذا ما قارناها "بجنّو ونطو"، هذه التحفة الإبداعية التي انحطت بمستوى الفن والأغاني وحتى الرقص. موسيقى إيقاع محوسب تدعو اجساد الحاضرين ان يقفزوا فوق وتحت كالقردة بصورة جماعية، ويقومون بحركات بهلوانية واستعراضية للتعبير عن الفرح! جنّو ونطو ما زالت تحظى بشعبية في الحفلات وهناك احتمال أن تكون مفاجأة الموسم اغنية "جيشم جيشم مطافطيف، أجا العريس إيزي كيف".

أعزائي القرّاء!
يجب أن نفرح، علينا أن نحتفل، وواجبنا المشاركة بمناسبات الاهل والأحباب السعيدة والمؤلمة ولكن لماذا نفقد العقل السليم والمنطق والتوازن بحجة، "مهو عرس، بلاش النكد" لماذا المبالغة والمنافسة التي تدفعنا للخطأ والوقوع في الدَّيْن والقروض وتصرفات نصبح عليها من النادمين مستقبلا.
دامت دياركم بالأفراح عامرة..

 المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة