ابراهيم بشناق في مقاله:
الحوار يُبنى على وجود رؤى مختلفة، أي أنه يجري تحديداً مع الآخر المختلف
من آداب الحوار حُسن الخطاب وعدم الاستفزاز أو ازدراء الآخرين، فالحوار غير الجدال وعليه فإن احترام أراء الآخرين شرط نجاحه
تشكل ثقافة الحوار القاعدة الأولى من قواعد إحترام الرأي والرأي الآخر ومقدمة لبناء أسس الديمقراطية باعتبارها ضرورة إنسانية وحضارية. الحوار في معناه الصحيح لا يقوم ولا يصل إلى الهدف المنشود إلا إذا كان هناك احترام متبادل بين الأطراف المتحاورة من حيث إحترام كل جانب لوجهة نظر الجانب الآخر وبهذا المعنى فإن الحوار يعني التسامح وإحترام حرية الآخرين حتى في حالة وجود إختلاف في الرأي، أي أن احترام الآخر لا يعني بالضرورة القبول بوجهة نظره.
الحوار يُبنى على وجود رؤى مختلفة، أي أنه يجري تحديداً مع الآخر المختلف، ويكون الهدف منه إثراء الفكر وترسيخ قيمة التسامح بين الناس ومد جسور التفاهم بين الأمم والشعوب، وفي الوقت ذاته الإنفتاح على الآخر لفهم وجهة نظره ثم للتفاهم معه ما يقودنا إلى فهم متبادل، كما أنه الطريق لإستيعاب المعطيات والوقائع المكونة لمواقف الطرفين المتحاورين، ثم إلى تفاهمها.
لذلك نجد أن من آداب الحوار حُسن الخطاب وعدم الاستفزاز أو ازدراء الآخرين، فالحوار غير الجدال وعليه فإن احترام أراء الآخرين شرط نجاحه. معنى هذا أنّ الحوار يحمل بطياته معنى التسامح وقبول الآخر، فضلاً عن إحترام وعقلانية وروح التعايش والود بين أطرافه، وكل هذا يبعد:
- الإقصاء أو استبعاد الطرف الآخر.
- الاستفزاز أو العنف أو التشويه والتقليل من قدر الآخر.
- الصراع وفرض الرأي الواحد.
أي حوار يستلزم من حيث المبدأ تحديداً مسبقاً لأمرين أساسيين: الأمر الأول هو التفاهم على ماذا نتحاور، والأمر الآخر هو التفاهم لماذا نتحاور. وهنا لا بد من تحديد منطلقات وقواعد الحوار، أي السياق الإطاري للحوار بما يتضمنه هذا السياق من موضوع الحوار وأهدافه وحدوده وقواعده وأسسه. مع ذلك يتم توقع لوجود إختلافات في وجهات النظر، وكما نقول دائماً " الاختلاف لا يفسد للود قضية ". فحدوث الإختلاف على مختلف المستويات في المجتمع الواحد هو أمر طبيعي، حيث لا يمكن أن تتفق جميع مكونات المجتمع بكافة إنتماءاته السياسية واختلافاته الأيديولوجية والثقافية على وجهة نظر موحدة.
بالتعددية يزدهر المجتمع وبالتنوع يصبح ناشطاً حيوياً بممارسة الحوار الذي من شأنه الوصول إلى إتفاق مبني على ثوابت ومعطيات الإصلاح والتنمية .
لذلك أصبحت التنشئة على ثقافة الحوار ضرورة في مجتمعنا وذلك من خلال قنوات وآليات متنوعة، تبدأ من الأسرة والمدرسة وصولاً إلى الإعلام وشبكات التواصل الإجتماعي والمؤسسات الدينية ومنظمات المجتمع المدني.
ويتوقع دائماً أن تعمل هذه المؤسسات والقنوات في أطر تكفل الانسجام وعدم التضارب في المضامين التي تقدمها للنشء، وأفراد المجتمع لتربيتهم على ثقافة وقيم الحوار وقبول الآخر. ولعل من أهم أهدافنا ومهامنا في هذه الأيام الحث على تعزيز ونشر ثقافة الحوار وتقبل الرأي والرأي الأخر.
علينا جميعاً أفرادا ومؤسسات واجب المبادرة بتنمية التفكير وتطوير آليات تأسيس وعي جديد، وذلك بالانفتاح على تجارب الثقافات المختلفة، وإستخدام الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب وكذلك شبكات التواصل الإجتماعي بشكل جاد للحث على ثقافة الحوار وممارسة الحريات ضمن إطار القانون والانتقال بحياتنا السياسية والفكرية والثقافية من حالات الفوضوية والتعصب إلى جودة الأداء وانفتاح التفكير وقبول الآخر وتقبل النقد والإعتراف بالخطأ.
هذه المبادئ لابد من غرسها في عقول أبناء الجيل الجديد، بالإضافة إلى أوساط الطبقة المثقفة والمتعلمة، بما يجعل طريقة ممارستها بين تلك الأوساط وسيلة للانتقال إلى باقي شرائح المجتمع، على إعتبار أن نخبة المثقفين تشكل القاطرة لباقي جماعات وفئات المجتمع في توجهها نحو التطور والوعي والبناء والنهضة.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net