ما نشهده اليوم في زمن العولمة والثقافة الاستهلاكية ، وفي شهر رمضان الفضيل والمبارك والكريم خاصة
لقد تحول الانسان المسلم الصائم الى آلة استهلاكية مسرفة تفسد عليه اجمل ما في الصيام من قدسية وروحانية وقيم وعبر ودروس
من منا لم يقرأ او يحفظ الآية الكريمة (كلوا واشربوا لا تسرفوا) ..؟!فالاسراف ظاهرة اجتماعية وصفة سلوكية مكروهة دينياً واخلاقياً ودنيوياً . وهي كفر بالنعمة، ويترتب عليها الكثير من المفاسد الاخلاقية والاجتماعية ، التي لها آثار سلبية ضارة قد تدمر المجتمع وتقضي عليه. الم يقل اللـه تعالى في كتابه العزيز (انه لا يحب المسرفين) و(ان المبذرين كانوا اخوان الشياطين)...؟
ان ما نشهده اليوم في زمن العولمة والثقافة الاستهلاكية ، وفي شهر رمضان الفضيل والمبارك والكريم خاصة، يتناقض ويتنافى تماماً مع التعاليم الدينية وفحوى ومضمون الآيات القرآنية والاحاديث النبوية الشريفة ، التي تحض على التقشف والتوفير والتدبير والاقتصاد ، وتحذر وتنهى عن التبذير والاسراف والبذخ و"الجخ".
نعم، لقد تحول الانسان المسلم الصائم الى آلة استهلاكية مسرفة تفسد عليه اجمل ما في الصيام من قدسية وروحانية وقيم وعبر ودروس ، ولم يبق من صومه سوى العطش والجوع. فهوس الاسراف وجنون البذخ في تزايد وتفاقم مستمر ومتواصل، اذ لا يقتصر رمضان على تبذير وانفاق الاموال على شراء الاطعمة والحلويات والمشروبات واللحوم ، وانما التهام هذه الاطعمة بكميات كبيرة مما يسبب اضراراً بالصحة وزيادة في الكولسترول والدهنيات في الجسم.
ان الاسراف بات ظاهرة مرضية خطيرة متأصلة في عمق مجتمعنا العربي الاسلامي ، نتيجة التقليد والمحاكاة والمظاهر الشكلية الفارغة. وهذه الظاهرة تحتاج الى المزيد من الدراسات النفسية والاجتماعية بهدف تشخيص وتحديد الاسباب والدوافع الكامنة وراء هذا الهوس والجنون الاستهلاكي ، الذي يخالف سنن اللـه تعالى وتعاليم ديننا الاسلامي الحنيف.
وفي واقع الحال هنالك استياء عام بين الناس من ظاهرة الاسراف الرمضاني ، والكثير من رجالات الفكر والثقافة والقلم والاجتماع عبروا ويعبرون عن تذمرهم وشكواهم من الظواهر المجتمعية السلبية وغير الصحية السائدة في مجتمعنا من خلال كتابات وانتقادات واحاديث في الصحف والمواقع الالكترونية والمجالس العامة ، ولكن الوعظ والكلام شيء، والواقع شيء آخر. ولا نجد مبادرات اجتماعية جدية وحقيقية من قبل الجمعيات والمؤسسات الدينية والمدنية والاهلية والمجتمعية لمواجهة هذه الظواهر والتقليل منها وتغييرها. والسؤال: متى نهتدي ونعمل بقوله تعالى (لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم). فهل نتغير يا ترى؟!.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net