د. محمد خليل مصلح في مقاله:
تحلم اسرائيل بإعادة الطرح القديم بثوب جديد ينهي الصراع للأبد وفي جزء منه اهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين بالتوسع في سيناء وتوطين اللاجئين فيها وسلخ غزة عن الضفة وإسقاط احد اهم القضايا بعد اسقاط القدس
بحسب ما ارى وهي وجهة نظر سيكشف دقتها المستقبل الايام القادمة اذ ارى في ضعف الوضع الفلسطيني وحالة الانقسام قد تكون عائقًا كبيرًا لعدم سير هذا المخطط واحباطه
الاعلام الاسرائيلي يخوض المعركة وهو احد اكبر عناصر استراتيجية الاحتلال في اشغال الرأي العام الاسرائيلي وهو يمارس الاعلام الديماغوجي والبروباغندا في خدمة المؤسسة العسكرية والسياسية الاسرائيلية ويمارس الحرب النفسية على المقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني خاصة قطاع غزة؛ جملة التحليلات للخبراء العسكريين للصحف العبرية يتحدون عن الحرب وعن التقديرات الخاطئة لحماس في المراهنة على عدم استعداد الجيش الاسرائيلي اجتياح غزة او فرض نموذج من الاحتلال الزمني لقطاع غزة، وفي نفس الوقت يتحدثون عن الصفقة والزيارات للمنطقة من قبل المبعوثين الامريكيين وزيارة ملك الاردن للقاء ترامب رئيس الولايات المتحدة ولقاء ملك الاردن مسبقا لجيسون غرينبلات المبعوث الأميركي لعملية السلام في الشرق الأوسط، وتصريحه "إن اللقاء الذي عقد أمس بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والملك الأردني عبد الله الثاني، مهم جدا للمنطقة بأكملها ..
وغرد غرينبلات عبر تويتر بالقول إن الاجتماع كان مهما للبلدين وللمنطقة بأكملها معربا عن سعادته بالاجتماع وبحثه القضايا المركزية المهم"، وفي دول الاحتلال ترقب وقلق لما سوف ينتج عن التحرك الامريكي لاشك ان اسرائيل لا ترغب بمواجهة نهاية الصراع باعتراف للفلسطينيين بدولة لما لذلك من تبعات داخلية فهي ترى بالاعتراف بالحق التاريخي للفلسطينيين حتى في حدوده الدنيا تهديد وجدودي مستقبلي على دولة اسرائيل، فهي تراهن على الموقف الفلسطيني في رفض الصفقة ؛ لكن المخرج لإسرائيل العودة الى الاطروحات القديمة الخيار الاردني مع بعض الروابط بينهما فيما يتعلق بالوصاية على الاماكن المقدسة، وهذا يعكس اهمية تصريح مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي قال في تصريح مكتوب، "بحث رئيس الوزراء نتنياهو والعاهل الأردني التطورات الإقليمية ودفع عملية السلام قدما وتعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وأكد رئيس الوزراء نتنياهو مرة أخرى على التزام إسرائيل بالحفاظ على إجراءات الوضع القائم في الأماكن المقدسة في القدس".
الحل الثلاثي للصراع
المدخل المقبول الوحيد لدولة الاحتلال يرتبط بالموافقة الاردنية لحل ثلاثي اولا ينهي وجود دولة فلسطينية مستقلة مترابطة جغرافيا وهي ما تخرج اليمين والائتلاف الحكومي من ازمة قد تطيح بوجوده والشيء الاخر تمنح دولة الاحتلال التوصل لحل منفصل ويستغل الانقسام الفلسطيني وفصل غزة عن الضفة في اطار حل سياسي بالتوافق مع مصر والعودة الى الوضع الي كان قائما قبل حرب 1967 واحتلال اسرائيل لقطاع غزة وسيناء؛ مصر وإسرائيل استطاعت ان تحل جزئية احتلال سيناء مع مصر وحاولت مع السادات بيغن ان يطرح فكرة الحل الاداري الحكم الذاتي للصراع وهذا ما تم رفضه ومن ثم رفعة من امام المفاوضين المصريين والإسرائيليين في تلك المفاوضات وبقيت غزة والضفة عالقة دون حل.
لذلك تحلم اسرائيل بإعادة الطرح القديم بثوب جديد ينهي الصراع للأبد وفي جزء منه اهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين بالتوسع في سيناء وتوطين اللاجئين فيها وسلخ غزة عن الضفة وإسقاط احد اهم القضايا بعد اسقاط القدس وتبقى الحدود حيث تصبح قضية اردنية اسرائيلية وهو ما يجري الحديث مع الاردن عليه والاحتفاظ لها بالولاية الدينية حيث يصبح جزء من الضفة تحت السيطرة الاردنية في اتحاد كونفدرالي، وباقي المناطق تعود للدولة اليهودية، وتصبح جزء منها خاصة المستوطنات وقد يمنح بعض الفلسطينيين المواطنة الاسرائيلية كما طرح الوزير بينت زعيم البيت اليهودي وبذلك نتنياهو يتحول الى اعظم ملك للدولة اليهودية التي يحلم بها.
الوطن البديل - مشروع ايغآل آلون
وهكذا صاغ ايغال ألون ، رؤيته وخطته لاحتواء الضفة والسيطرة الاستراتيجية عليها بعد حرب 1967، ويوضح في خطته أن الحدود الأمنية لدولة "إسرائيل" يجب أن تمتد على طول نهر الأردن ومنتصف البحر الميت وصولاً إلى حدود الانتداب التي تمر في وادي عربة، ويجب "أن تضم إلى إسرائيل المناطق التالية كجزء لا يتجزأ من سيادتها: -قطاعاً بعرض يتراوح ما بين 10-15 كيلو متراً تقريباً على امتداد غور الأردن من غور بيسان وحتى شمال البحر الميت، مع احتواء الحد الأدنى من السكان الفلسطينيين العرب، وضم قطاع بعرض عدة كيلو مترات، من شمال القدس حتى البحر الميت، وبالنسبة لجبل الخليل " وصحراء وادي عربة " يقول آلون إنه تجب دراسة إمكانيتين: إضافة جبل الخليل مع سكانه، وإضافة "صحراء وادي عربة" على الأقل من مشارف الخليل الشرقية وحتى البحر والنقب، والعمل على إقامة مستوطنات سكنية و زراعية، وبلدية في المناطق التي ذكرت أعلاه، علاوة على معسكرات ثابتة للجيش الإسرائيلي وفق الاحتياجات الأمنية التي لم يحددها ألون، والعمل على إقامة ضواحي بلدية مأهولة بالمستوطنين اليهود في شرق القدس، علاوة على إعادة تعمير وإسكان سريعين للحي اليهودي بالبلدة القديمة من القدس، مؤكداً بشأن حدود "إسرائيل" بشكل عام وحدودها مع الأردن بشكل خاص، أنه على "إسرائيل" أن تأخذ في حسابها الاعتبارات التاريخية والإستراتيجية والسكانية والاقتصادية والسياسية كل على انفراد وكلها معاً.
لا شك ان الصفقة لن تكون تتضمن حرفيا هذا التصور لكن ستكون روح المشروع متجسدة في الصفقة ، ولا استبعد ان تكون الصفقة دمج لفكرة الترانسفير لفلسطينيي الضفة وهي فكرة شارون التي أكد فيها وقته "أنه شخصياً لم يتغير وأن الآخرين هم الذين تغيّروا خاصة في حزب العمل, بالإضافة الى مناداته العلنية بأنه لا مجال لإقامة دولة ثالثة بين إسرائيل والأردن وأن الأردن هو فلسطين, مما يعني ترحيل أو نقل أكبر عدد ممكن من فلسطينيي المناطق المحتلة الى الأردن" ولقد مهد لهذا المخطط بالانسحاب من غزة واعتباره خارج التسويات المستقبلية ولم يعد جزءا من الصراع وهو اقليم مستقل.
البيئة الاستراتيجية
هل قرأت الاطراف جيدا البيئة الاستراتيجية والموقف الداخلي الفلسطيني؟
بحسب ما ارى وهي وجهة نظر سيكشف دقتها المستقبل الايام القادمة اذ ارى في ضعف الوضع الفلسطيني وحالة الانقسام قد تكون عائقًا كبيرًا لعدم سير هذا المخطط واحباطه؛ فهو لن يجد جهة فلسطينية للشراكة حتى السلطة ستكون غير قادرة على السير مع هذه ا لصفقة ولا الشراكة مع الاطراف المعنية؛ كل العرب والأطراف الاقليمية بدون الارادة الفلسطينية والموافقة على الصفقة لن تمر وستفشل؛ لكن مع ذلك لا يستغني الفلسطينيون عن ترميم الوضع الداخلي وإنهاء الانقسام ووقف لعبة القط والفأر داخليا لإحباط المخطط التصفووي والقيام بخطوة استباقية احداث الصدمة في صفوف الاعداء بإحياء روح الثورة والعودة للكفاح المسلح وتقوية الجبهة الداخلية والانسحاب من اتفاقية اوسلو وسحب الاعتراف بالوجود الاسرائيلي بعد التجربة الفاشلة لعملية السلام التي احدثت ضررا بليغا وعميقا في الروح الفلسطينية وفي النسيج الاجتماعي وفي الذاكرة والحق التاريخي.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net