الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 24 / نوفمبر 03:02

لك جذرٌ في أرض الأجداد - بقلم: يوسف حمدان - نيويورك

يوسف حمدان -
نُشر: 05/10/18 22:13

قد تُبهرُ عينَك أبراجُ المُدن الكبرى
والأنوارُ البراقةُ في صالات المتجرْ
قد تستهويك ثقافاتُ شعوبٍ متنوعةٌ
تتعايشُ دونَ شِجارٍ في بلد المهجرْ
وستُذهَلُ حين ترى الفقرَ المُدقعَ
يبحثُ عن لقمةِ خبزٍ
بين نفايات ثراءٍ لا يُتَصوَّرْ
سترى كيف تَجاوَرَ شيءٌ ونَقيضُه
وترى نجماً يصعدُ.. ثم بذات السرعةِ
يهوي من قمته ويغيبُ وميضُهْ
سترى ما يثلجُ صدرَكَ
ثم تسيرُ قليلاً
لترى ما يدمي قلبَكْ
سترى بعض الساسَةِ
دَيْدَنُهم مكرٌ ورياءْ
سترى أحياناً أن الديمقراطيةَ
لعبةُ بيعٍ وشِراءْ
قد تبحثُ عن مقهى
تجلسُ فيهِ مع الزملاءِ لكي تسهرْ
لكنكَ لن تلقى في أنحاءِ الحارةِ
إلا عِتمَةَ بارٍ لا يستقبلُ
إلا مَن جاءَ ليَسكرْ
ستُحِنُّ إلى وطنٍ صار وراءَكْ..
ستحِنُّ إلى أشياءَ بسيطهْ..
لكنك لن تلقاها في وطنٍ آخرْ
ستتوقُ النفسُ إلى عينٍ
تُرسِلُ نظراتٍ دافئةً وبريئهْ
لكنكَ لن تلقاها
بين حشودٍ مُسرعةٍ تتناحرْ
قد تبحثُ عن نجمٍ
كان نديمَك في الوطن الأخضرْ
لكنك لن تعثرَ بين عمالقةِ الجدرانِ
على أيِّ سماءْ..
لن تُبصرَ قمراً حتى بالمِجْهرْ
حتى الشمسُ هنا
في اليوم المُشمسِ لا تُبهِرْ
***
حُبُّك صانَ القلبَ
فلم يتَكسَّرْ
لك جذرٌ في أرضِ الأجدادِ
تزولُ الأشجارُ
ويبقى أبداً يتَجَذًرْ
قد يتغيرُ وجهُ الدُنيا
ويظل هواك نَدِيَّاً وعصياً
كشموخِ الجرمقِ.. لا يُقهَرْ
لا شيءَ سيقطعُ وصلاً
بين الوطنِ الباقي والمهجرْ
لا شيءَ سيُطفئُ حُبّاً
ينبتُ في أرضِ أبيكَ ويُزهِرْ.
***
البردُ شماليٌّ
والثلجُ الأبيضُ يُفرحُ أحياناً
ثم يعودُ ليُحبِطْ
تشتاقُ إلى شمسٍ
تغسل وجه البحر المتوسطْ..
يومُ سرورٍ يمضي
كي يتبعُهُ يومٌ للشَجَنِ..
جسدٌ يتأوهُ في المهجرِ
والروحُ تُرَفْرِفُ حولَ امرأةٍ
تعجنُ في صحنِ الدارِ
دقيقَ نسيمٍ ونَدى وردٍ
في أرض الوطنِ..
تسمعُ أصنافَ الموسيقى
المجلوبةَ من كل بقاعِ الدنيا
فتُحن إلى شَدْوِ العصفورِ
المفتونِ على فَنَنِ
لك بيتٌ في المنفى
لكنكَ في شوقٍ مُتَّقِدٍ
للبيتِ الساكنِ في رابيةٍ
بين القريةِ والمُدنِ
ستعود إلى بيتكَ يوماً
لترى وجهاً مبتسماً أبداً
في وجه الزمنِ.
يوسف حمدان - نيويورك
 

مقالات متعلقة